الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

بعد خروج جثمانه من جامعة القاهرة.. مفارقات تاريخية بين جنازة حسن حنفي وطه حسين

المفكر الراحل حسن
المفكر الراحل حسن حنفي

مئات من المشيعين تجمعوا اليوم بجوار مسجد صلاح الدين بالمنيل، رغبة منهم في إلقاء نظرة الوداع على أستاذهم الراحل حسن حنفي، أستاذ الفلسفة بجامعة القاهرة، والذي له الكثير من المؤلفات والتي زخرت بها المكتبة العربية.

وكان قد رحل حسن حنفي أستاذ الفلسفة والفيلسوف المفكر صاحب أحد أهم المشروعات الفكرية العربية أمس، بعد عطاء طويل وعمل أستاذا جامعيا ورئيس سابق لجامعة القاهرة ويعد واحدا من منظري التيار اليسار الإسلامي في مصر، وتيار علم الاستغراب.

نظرة الوداع

وما إن انتهت صلاة الجنازة، حتى تحرك جثمان الفقيد، نحو جامعته الأم والتي قضى داخلها حياته كلها، إذ تم الطواف بجثمانه حول كليات جامعة القاهرة نظرًا لما قدمه الراحل من إسهامات لجامعة القاهرة طوال حياته -في سابقة نادرًا ما تحدث- وقد استقبله الدكتور محمد الخشت رئيس جامعة القاهرة، لإلقاء نظرة الوداع على الأستاذ والمعلم، بجانب عدد من عمداء ووكلاء كليات جامعة القاهرة لتوديع الراحل في آخر لحظاته قبل الذهاب به ودفنه بالمقابر، وقد نعاه أيضًا الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر، واصفا إياه أنه «قضى عمره في محراب الفكر والفلسفة»، وأن «المكتبات العربية والعالمية زخرت بمؤلفاته وتحقيقاته».

أعاد هذا المشهد الأذهان إلى ما حدث مع الدكتور طه حسين وقت وفاته إذ تم خروج الجثمان من جامعة القاهرة أيضًا في سابقة لم تحدث من قبل، وقد حضر الآلاف من الطلاب الجامعة لوداعه.

 

ومن المفارقات أن خروج جثمان كليهما خرجا من جامعة القاهرة في نفس ذات الشهر، إذ توفى الراحل حسن حفني الخميس الموافق 21 أكتوبر 2021، ورحل عميد الأدب العربي أيضًا عن عالمنا في 31 أكتوبر عام 1973، إلا أن ظروف خروج حسن حفني اختلفت بعض الشيء إذ لم يستطع طلابه من السير خلفه داخل جامعة القاهرة مثلما حدث مع الدكتور طه حسين، نظرًا لظروف انتشار كورونا ومنع التجمعات المتبعة خلال الوقت الحالي.

وقد تجمع أيضًا تلاميذ طه حسين وقتها وأحاطوا جثمانه داخل جامعة القاهرة، فقد ذكرت جريدة الأخبار بتاريخ ١نوفمبر 1973 وكتبت نصًا: "وضع فى مدخل قاعة الاحتفالات الكبرى التى توافد عليها المشيعون حتى امتلأت عن آخرها.. فى الشرفة الرئيسية جلست قرينته، وبجانبها ابنته والدكتور سهير القلماوى «تلميذته»، وسيدات هيئة التدريس والسلك الدبلوماسى وقرينات الوزراء.. خرج الجثمان يحيط به أكثر من خمسين ألفا، حوله مئات من باقات الزهور تتوسطها- على كسوة من القطيفة -الدرجات والأوسمة والقلادات والنياشين التى حملها عميد الأدب العربى من مصر والعالم، ثم تحركت الجنازة مارة بحرم الجامعة إلى ميدان الشهداء، ثم اخترقت كوبرى الجامعة حتى مسجد صلاح الدين بالمنيل، حيث أقيمت صلاة الجنازة، واستغرق الموكب من الجامعة حتى المسجد ساعة كاملة، واصطف آلاف الطلبة على جانبى الطريق، وفى المقدمة كان نائب رئيس الجمهورية حسين الشافعى، ومحمود فوزى مساعد رئيس الجمهورية، والوزراء يتقدمهم نائب رئيس الوزراء ممدوح سالم، والسفراء ورجال الدين والمحافظون، وأساتذة وعمداء الجامعات، ومئات المفكرين والأدباء يتقدمهم توفيق الحكيم، نجيب محفوظ، يوسف وهبى، يوسف إدريس».


تتذكر الدكتورة لطيفة الزيات فى مذكراتها «أوراق شخصية» ما طاف بها أثناء الجنازة: «شعرت أنى أشيع عصرا لا رجلا، عصر العلمانيين الذين جرأوا على مساءلة كل شىء، عصر المفكرين الذين عاشوا ما يقولون وأملوا إرادة الإنسان حرة، على إرادة كل ألوان القهر.. علانى الوجوم وعذبنى الشعور بنهائية الأشياء، وارتفع صوت الطلبة على كوبرى الجامعة أثناء مرور الجنازة يتردد نشيد «بلادى بلادى»".

مشروعه الفكري

الجدير بالذكر أن الراحل الدكتور حسن حفني يعد واحدًا من أهم منظري تيار اليسار الإسلامي، وتيار علم الاستغراب، وأحد المفكرين العرب المعاصرين من أصحاب المشروعات الفكرية العربية، من خلال تناول التراث وإعادة قراءته، وعبر عن ذلك من خلال أعماله المهمة ومنها: التراث والتجديد، ومن العقيدة إلى الثورة، وحوار الأجيال، ومن النقل إلى الإبداع، بالإضافة إلى موسوعة الحضارة العربية الإسلامية، وكذلك مقدمة في علم الاستغراب.


وقد حصل الراحل على الدكتوراة من جامعة السوربون في فرنسا من خلال مناقشة رسالتين للدكتوراه قضى فيهما عشر سنوات، وترجمها للغة العربية في عام 2006 وهي "تأويل الظاهريات و"ظاهريات التأويل".