الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

د. محمود جلال يكتب: دعم الابتكار والبحث العلمي وريادة الأعمال في مصر (1)

صدى البلد

يعتبر الابتكار والبحث العلمي وريادة الأعمال من المقومات الرئيسية لتعزيز النمو الاقتصادي المستدام، من خلال قيامها بتقديم حلول ابتكارية لمشاكل الصناعة والمشاكل المجتمعية والبيئية الملحة، والاستغلال الأمثل للموارد، وإضافة أنشطة جديدة وجذب الاستثمارات، ودعم تطوير الصناعة وتعميق التصنيع المحلي وبالتالي تقليل فاتورة الاستيراد وتعزيز القدرة التنافسية للصناعة الوطنية بالأسواق الخارجية وسط بيئة دولية تتميز بالديناميكية والتطورات المتلاحقة.

وانطلاقا من هذا المفهوم سعت الدولة المصرية من خلال حزمة من القوانين والإجراءات لتطوير منظومة المعرفة والابتكار، وغرس ثقافته في المجتمع، ودعم ريادة الأعمال والشركات الصغيرة والمتوسطة، وتفعيل الشراكة بين الدولة والقطاع الخاص في دعم وتحفيز الابتكار، من خلال قاعدة عريضة من البرامج والهيئات المخصصة لهذا الغرض، الكثير منها يتبع وزارة التعليم العالي والبحث العلمي ممثلة في أكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا ومنها أيضا من يتبع وزارة التجارة والصناعة، لدعم هذه المقومات من أجل توظيف واستغلال الابتكارات والمخرجات البحثية وريادة الأعمال في تحقيق استراتيجية رؤية مصر 2030 بأن تصبح ذات اقتصاد تنافسي ومتنوع يعتمد على الابتكار والمعرفة لتحقيق التنمية المستدامة، ونلخصها كالتالي:

 

1. نشر ثقافة المعرفة والابتكار والدعم العلمي للأطفال والطلاب والباحثين من خلال الآتي:

- بنك المعرفة المصري: كمكتبة رقمية تمنح موارد معرفية غير محدودة للتعليم والأبحاث العلمية لنشر المعرفة وجعلها متاحة للجميع وتطوير التعليم، حيث يحتوي الموقع على موارد معرفية متنوعة من دور نشر عالمية مثل أكسفورد، وكامبردج، وناشونال جيوجرافيك، وإلسفير (Elsevier)، وويلي (Wiley).

- برنامج جامعة الطفل: الذي تنفذه أكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا بالاشتراك مع الجامعات المصرية الحكومية والأهلية والخاصة لنشر الثقافة العلمية واكتشاف الأطفال الموهوبين في العلوم الأساسية، حيث يدرس الأطفال بداخل أروقة الجامعات على يد الأساتذة الجامعيين المناهج العلمية التي تتناسب مع هذه الفئة العمرية (سن التقدم للبرنامج 9 – 10 سنوات) ودخول المعامل، واكتشاف واحتضان الأطفال المميزين في مراحل مبكرة من التعليم والتكريم لأفضلهم أصحاب الإنجازات المتميزة خلال فترة الاحتضان.

- مدارس المتفوقين للعلوم والتكنولوجيا (STEM): للمرحلة الثانوية وتختار من طلاب الشهادة الإعدادية الحاصلين على مجموع أعلى من 98% والدرجات النهائية ببعض المواد ولهم مستويات فكرية متميزة، وتعتمد على الدراسة العملية أكثر من النظرية، وتهتم بالنواحي العلمية للطلاب خاصة في العلوم والرياضيات واللغات الأجنبية والتواصل الرقمي، وتنمية قدرة الطلاب على الإبداع والتفكير، والتدريب على التعامل مع بيئة العمل والعمل الجماعي.

- جامعة الابتكار: والتي يهدف إنشائها إلى الإسهام في رفع مستوى التعليم والبحث العلمي، وتوفير التخصصات العلمية وأحدث الأجهزة المتطورة لإعداد المتخصصين والفنيين والخبراء في مختلف المجالات، بما يحقق الربط بين أهدافها واحتياجات المجتمع المتطور، وأداء الخدمات البحثية للغير.

- برنامج المنح الجامعية: يقدم منح من الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (USAID) للدراسة الجامعية في مجالات المياه والطاقة والزراعة في عدد من الجامعات المصرية الحكومية والخاصة، مع إتاحة الفرص للقيام بأبحاث علمية وتطوير الأفكار والمشروعات الإبداعية ونقلها إلى حيز التنفيذ، وتنفيذ برامج ريادة الأعمال وتنمية مهارات القيادة والمهارات اللازمة لسوق العمل، وإتاحة الفرص للطلاب للمشاركة مع مؤسسات القطاع الخاص للاستفادة من فرص التدريب العملية أو التمويل للمشروعات المبتكرة، وذلك لتقديم فرص لتعليم جامعي يرتكز على أسس المعرفة والابتكار والبحث العلمي، ويتسم بالتميز، والتعليم التجريبي، وريادة الأعمال والإعداد الجيد لسوق العمل.

- برنامج علماء الجيل القادم: الذي يقدم منح من أكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا للحصول على درجة الماجستير لأوائل الخريجين في العلوم الأساسية والتكنولوجية.

- برنامج "منح ما بعد الدكتوراه": التي تقدمها أكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا بالتعاون مع مكتبة الإسكندرية لتمويل أبحاث شباب الباحثين الحاصلين على درجة الدكتوراه في مجالات علوم الأغذية والزراعة، والعلوم الطبية، وعلوم البيئة، والعلوم الهندسية والتكنولوجية.

- الدعم المادي من أكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا  للآتي:

لسفر الباحثين المصريين من الجامعات والمراكز البحثية لحضور أنشطة علمية خارج مصر، من مشاركة بأوراق علمية في المؤتمرات الخارجية ودورات تدريبية وورش عمل،

ولتنظيم المؤتمرات والندوات وورش العمل والدورات التدريبية داخل مصر وذلك للجامعات والمراكز البحثية والجمعيات العلمية المسجلة بالإدارة العامة للجمعيات العلمية بالأكاديمية،

ولسفر الباحثين والطلبة الموهوبين المشتركين في مسابقات عالمية من مختلف الجامعات والمدارس.

 

2. دعم البحث العلمي والابتكار في الجامعات والمراكز البحثية من خلال الآتي:

- هيئة تمويل العلوم والتكنولوجيا والابتكار (STDF): التي تعمل على تمويل البحوث العلمية سواء ذاتيًا أو بالاشتراك مع المنظمات الدولية أو الإقليمية أو الجامعات الأجنبية، وإنشاء شركات بمفردها أو بالاشتراك مع الغير بهدف استغلال مخرجات المشروعات البحثية التي تمولها، كما تعمل على التسويق وتوزيع العائد من تسويق هذه المخرجات بما يضمن تحفيز المجتمع البحثي وتشجيعه على الإبداع والابتكار، وأيضا تقوم بتمويل المؤتمرات وورش العمل البحثية والعلمية، وتمويل سفر الباحثين إلى الخارج في مهمات علمية.

ومن برامج التمويل التي تقدمها منحة "الابتكار في العلوم التطبيقية والتكنولوجية والتصنيع" لتمويل المشروعات البحثية المبتكرة في مجالات تطبيقات المواد، والأمن الغذائي والتكنولوجيات الزراعية الحديثة، وإنتاج وتخزين الطاقة وإدارتها، والعلوم الطبية، وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، ومعالجة المياه وإدارة الموارد واستخدامها، واستدامة البيئة والنظم البيئية، ويجب أن يقود فريق البحث المتقدم باحث متميز حاصل على درجة الدكتوراه وينتمي إلى كيان بحثي مصري، ويجب أن يُظهر خبرة بحثية جيدة من خلال معامل استشهاد عالٍ على  أبحاثه، ويجب أن يتكون فريق البحث من عدد من طلاب الدكتوراه والماجستير داخل جامعة أو مؤسسة بحثية مصرية، ويفضل أن يضم فريق البحث أحد الشركاء الصناعيين، ومعايير التقييم للموافقة على البحث تتضمن قيامه بتقديم منتج مبتكر، أو تقديم تكنولوجيات وطنية كبدائل محلية للواردات، وتقديم منشورات علمية عالية التأثير.

- قانون حوافز العلوم والتكنولوجيا والابتكار: والذي يسمح لهيئات التعليم العالي والبحث العلمي بإنشاء أودية للعلوم والتكنولوجيا (كمناطق تنشأ فيها الحاضنات التكنولوجية والشركات الناشئة، لتعزيز الابتكار وتطوير التكنولوجيا، ونقلها، والوصول إلى منتجات محلية الصنع، وتسويقها)، بينما تقوم الحاضنات التكنولوجية بها بتقديم الدعم الفني والعلمي للمبتكرين والشركات الناشئة للوصول إلى نماذج أولية قابلة للتصنيع، كما يسمح القانون لهذه الهيئات بتأسيس شركات في مجال تخصصها البحثي بهدف استغلال مخرجات البحث العلمي التي تهدف إلى ابتكار أو تطوير تطبيقات جديدة من المعارف أو الخدمات، مع إعطائها إعفاءات على الرسوم الجمركية والضرائب.

- التعاون العلمي بين أكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا وجهات دولية كبرى: مثل المؤسسة الوطنية الصينية للعلوم الطبيعية لتمويل مشروعات مشتركة في مجالات علوم الأرض وعلوم الحياة (علم الأحياء الدقيقة، والزراعة وعلوم المحاصيل، ووقاية النبات، وتربية الحيوان، والمعلوماتية الحيوية).

 

3. دعم الابتكار المجتمعي وريادة الأعمال من خلال الآتي:

- شارك بفكرة: وهي منصة على الموقع الرسمي لرئاسة الجمهورية لتلقي الأفكار والمقترحات البناءة في مختلف المجالات كتفاعل من المواطنين للمشاركة في بناء مستقبل الوطن.

- منصة بنك الابتكار المصري: والتي أقامتها أكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا كمنصة حكومية للابتكار المجتمعي وسوق ومعرض الكتروني دائم للابتكار في مصر، وتشمل قواعد بيانات البراءات الواقعة في الملك العام، كما تعمل على توفير منفذ تسويقي للاختراعات والابتكارات الخاصة بالأفراد والجامعات والمؤسسات البحثية، وتقديم حلول ابتكارية للتحديات التكنولوجية التي تواجه الشركات بما يسهم في تطويرها، وخلق فرص تسويقية جديدة من خلال تطبيق الابتكارات، حيث تتلقى الأفكار والمقترحات الابتكارية، وتقدم جائزة مالية للأفكار الفائزة وتوقع الأكاديمية وشركة الأكاديمية لنقل التكنولوجيا عقودا مع أصحاب الأفكار الفائزة للبدء في التطبيق والانتاج التجريبي ثم التسويق من خلال تمويل مقدم كمنحة حكومية بالاشتراك مع الاتحاد الأوروبي.

- مبادرة "طبق فكرتك": المقدمة من أكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا لدعم الابتكار المجتمعي واستقطاب الكفاءات والقدرات الموهوبة والاستثنائية التي تمتلك أفكار مبتكرة، من خلال مسابقة لابتكارات الأفراد والمشاريع الحرة التي تتسم بالابتكارية والجدوى الاقتصادية وقابلة للتطبيق محليًا وتعالج مشكلة ما، في مجالات المياه والبيئة والزراعة والغذاء والصحة والأمن والسلامة، مما يكون له تأثير إيجابي على تطوير المجتمع المصري، والفائزون يتم تمويل مشروعاتهم أو ابتكاراتهم، مثلما تم من إطلاق نداء من خلال المبادرة لاستهداف الحلول المبتكرة لمواجهة فيروس كورونا لتمويل تنفيذ هذه الحلول.

- صندوق رعاية المبتكرين والنوابغ: لدعم وتمويل ورعاية الباحثين والمبتكرين ومشروعات العلوم والتكنولوجيا والابتكار، من خلال تقديم الدعم الفني والعلمي للمبتكرين لتطوير أفكارهم المبتكرة ذات الجدوى والمردود الاقتصادي الجيد بناء على الدراسات السوقية ودراسات الجدوى لها، والوصول بها للحصول على براءات الاختراع وتنفيذ النماذج الأولية لها والمساعدة في وصولها للجهات المختلفة للاستفادة منها اقتصاديًا. وأيضا قيام الصندوق بالشراكة وتأسيس الشركات لتنفيذ البراءات والابتكارات بشكل اقتصادي، وتقديم الحوافز والجوائز للمبتكرين والنوابغ لتشجيعهم على الاستمرار لتقديم أفكار متميزة، وتقديم منح دراسية للمبتكرين والنوابغ من الطلاب لاستكمال دراستهم في الداخل والخارج.

كما يقوم الصندوق بالتعاون مع أكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا لتنفيذ برنامج "طبق براءتك" الذي يهدف إلى تحويل براءات الاختراع ونماذج المنفعة إلى منتجات صناعية قابلة للتسويق والطرح التجاري، للمساهمة في إنتاج منتجات مبتكرة ذات تنافسية عالية في الأسواق المصرية، ورفع مستوى التكنولوجيا في منتجات الصناعة المصرية. 

- برنامج مشروعي بدايتي: لدعم أفضل مشروعات التخرج لطلاب الكليات العملية في الجامعات المصرية في مجالات عديدة مثل السيارات الكهربائية، والمدن الذكية، والذكاء الاصطناعي، والتكنولوجيا الخضراء، والطاقة والمياه، وتعلم الآلة.

 

4. التنظيم والمشاركة في المسابقات والمعارض الدولية الخاصة بالابتكار والعلوم: 

- مسابقة انتل الدولية للعلوم والهندسة (إنتل أيسف): حيث يتم المشاركة سنويًا في هذه المسابقة التي تعد أكبر مسابقة عالمية في مجال البحوث العلمية مثل الهندسة والحاسب الآلي لطلاب المرحلة الثانوية من جميع دول العالم.

- معرض القاهرة الدولي للابتكار: الذي يستعرض فيه المبتكرين والمخترعين من أفراد وطلاب وأطفال وباحثين ومشروعات التخرج وشركات تكنولوجية ناشئة ابتكاراتهم، للتواصل بين أطراف منظومة الابتكار والمساعدة في تسويق الابتكارات، وتمنح أكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا جوائز مالية وشهادات تقدير ومنح احتضان لأفضل الابتكارات، بالإضافة لجوائز تمثيل مصر بمعرض جنيف الدولي للاختراعات (وقد فاز كاتب المقال بهذه الجائزة عام 2018).

- البرنامج التليفزيوني "القاهرة تبتكر": وتقدم أكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا للفائزين في هذا البرنامج جوائز المالية والدخول في برنامج الحاضنات التكنولوجية ومسرعات الأعمال لتحويل الابتكارات الفائزة إلى منتج، بالإضافة لحصول الفائز بالمركز الأول على لقب "مبتكر مصر الأول". 

- معرض جنيف الدولي للاختراعات: حيث يتم اختيار أفضل الابتكارات من كل تخصص في مجالات الهندسة، والاتصالات، والطب، والصيدلة، والكيمياء، والزراعة، والمياه والطاقة، التي وصلت إلى مرحلة النموذج الأولي أو تم تسويق المنتج النهائي منها، لتمثيل مصر في هذا المعرض، ويتم دعمهم برسوم الاشتراك وتذاكر السفر والإقامة وذلك لفتح نافذة دولية سنوية للمخترعين المصريين للمشاركة والتفاعل في المعرض الدولي الأكبر والأهم للابتكار (وقد فاز كاتب المقال بشرف تمثيل مصر في هذا المعرض مرتين في عامي 2015 و2019 وفاز بميداليتين ذهبيتين وميداليتين فضيتين عن أربعة اختراعات شارك  بها).

- المعرض الدولي للاختراعات في الشرق الأوسط بدولة الكويت: حيث يتم اختيار أفضل المخترعين المصريين الذين دعمتهم أكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا من خلال برامجها مثل برنامج دعم مشروعات التخرج، وجهاز تنمية الابتكار والاختراع ومكاتب التايكو، للمشاركة في فاعليات هذا المعرض كثاني أكبر معرض للابتكار، حيث تقوم الأكاديمية بدعمهم برسوم الاشتراك وتذاكر السفر والإقامة (وقد شارك كاتب المقال في هذا المعرض مرتين في عامي 2014 و2020 وفاز بالميدالية الذهبية للاختراع من المنظمة العالمية للملكية الفكرية "وايبو" التابعة للأمم المتحدة كأول مصري يحصل على الجائزة الأهم للاختراع في العالم، وأيضا فاز بالميدالية الذهبية مع مرتبة الشرف، وثلاث ميداليات فضية عن أربعة اختراعات شارك  بها).

 

5. تقديم جوائز للعلماء والباحثين والمبدعين:

- جوائز الدولة للعلماء والمبدعين من الجامعات والجهات البحثية العلمية المتخصصة: مثل جوائز النيل وجوائز الدولة التقديرية وجوائز الدولة للتفوق وجوائز الدولة التشجيعية، وبالمثل تقدم بعض الجامعات جوائز متعددة مثل جوائز (التميز، التقديرية، التفوق العلمي، التشجيعية، الاختراع).

- جائزة الدولة للمبدع الصغير: وتقوم بتقديم جوائز مالية للابتكارات العلمية الفائزة من الفئات العمرية من 12 الي 18 سنة في مجالات تطبيقات الحاسب الآلي أو التليفون المحمول أو إنشاء مواقع إلكترونية متقدمة.

 

ونستكمل حديثنا في الجزء القادم عن دعم ريادة الأعمال والشركات الصغيرة والمتوسطة وربط البحث العلمي بالصناعة في مصر.