الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

رمضان البيه يكتب: تجديد الخطاب الديني (٢)

صدى البلد

ومازال الحديث عن تجديد الخطاب الديني موصولا وموضوع حديث اليوم عن إعداد الداعي وأسلوب الخطاب الديني، فيجب عمل دورات على يد المتخصصين من السادة العلماء من الأزهر الشريف والأوقاف والمؤسسات الدينية المعتدلة المعروفة بالوسطية وأن ينتقي لها الذين يملكون ملكة مخاطبة القلوب والعقول في آن واحد وممن لهم قبول عند الناس وممن يعرفون بالاعتدال والوسطية وأن يتم التركيز على وسطية الإسلام وسماحته واعتداله وصلاحيته لكل زمان ومكان.

كما يجب التركيز على منهج الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم وسيرته الكريمة الطيبة العطرة وكيف كانت سماحته ولينه في خطابه ودعوته وكيف كان يعمل على ترغيب النفوس وتأليف القلوب، وكيف كان ييسر على الناس أمر العبادات والطاعة، والسيرة النبوية كلها يسر وتيسير منها ما قاله وهو يخاطب من يتصدرون للإمامة قال: "يامعشر المسلمين من أمَّ منكم فليخفف فمنكم الشيخ والمريض وصاحب الحاجة"، وقال: "يسروا ولا تعسروا وبشروا ولا تنفروا، إنما بعثنا ميسرين غير معسرين ومبشرين غير منفرين".

وقول أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها: "ما خير رسول الله في أمرين إلا اختار أيسرهما إن لم يكن إثمًا"، وفي حجة الوداع عندما كان يأيته أحد من الحجيج ويقول له يارسول الله قدمت كذا على كذا أو أخرت كذا عن كذا، أي من المناسك، فكان صلى الله عليه وسلم يقول "افعل ولا حرج" هذا وقوله للذين أرادوا أن يقطعوا أنفسهم للعبادة بالمداومة على الصلاة والصيام وعدم الزواج، قال لهم: "أأنتم الذين قلتم كذا وكذا وكذا، قالوا بلى، قال أما أنا أصلي وأنم وأصوم وأفطر وأتزوج النساء فمن رغب عن سنتي فليس مني".

هذا والسيرة النبوية المطهرة مليئة وحافلة بالأقوال والمواقف التي تظهر مدى سماحة الإسلام واعتداله ووسطيته، مع تأكيد أن هناك أحكاما وأوامر جاءت في كتاب الله تعالى وسنة النبي صلى الله عليه وسلم كانت لها ظرفية معينة ومناسبة لوقتها وزمانها وانتهت بانتهاء الظرفية وحكمها الآن منتهٍ..

ومن هنا يجب على صاحب الخطاب الديني أن يكن عالمًا بأسباب التنزيل لآيات كتاب الله تعالى ومناسبات أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم حتى لا يضع حكما أو أمرا في غير نصابه وموضعه، ويجب أيضًا أن يكن عالمًا بالمحكم والمتشابه والناسخ والمنسوخ من القرآن الكريم، وأن يعلم أن هناك أقوالا للنبي نسخت بأقوال أخرى، هذا ولابد لصاحب الخطاب الديني أن يكن عالمًا وعارفًا بالأعراف وبأحوال البلاد والعباد، وما يناسب الظرفية والوقت وما يناسب الناس بما يحقق مقاصد الشريعة الغراء الخمسة لهم وهي "حفظ الدين، وحفظ العقل، وحفظ النفس وحفظ المال والنسل"، وهذا هو المرجو من الشريعة أي ما شرعه الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم للناس..

هذا ويجب أن يكون أسلوبه لينًا سهلًا بسيطًا وخطابه يعلوه التبشير والتيسير، هذا ويجب ألا يغيب عنا ما تمر به مصرنا الحبيبة وما تعانيه من أصحاب الفكر المتطرف والمتشدد وفتاوى الجهلاء، ويجب انتقاء المواضيع التي تنهض بالأمة والتي تمس حاضرها ومستقبلها وحث الناس على العمل والإخلاص.