قصة أغنية مال الهوى.. حارت بين 4 مغنيات و5 ملحنين قبل أن ترى النور
كان يجمع الشحرورة صباح والملحن محمود الشريف وشاعر الألف أغنية مرسي جميل عزيز صداقة استمرت لفترة طويلة، وكانت سهرة جمعتهم السبب في أغنية غنتها صباح بعد كتابتها بعدة سنوات.
الأغنية هي مال الهوى وهي لها قصة بدأت في عام 1953، من خلال حديث بين صباح والملحن محمود الشريف، الذي كان شيخا أزهريا، عن المطربة اللبنانية نجاح سلام حيث كانا قد حضرا لها إحدى الحفلات ، وأبديا رأيهما برفقة مرسي في أي الألوان يناسب نجاح سلام أكثر للغناء، وفي هذه الحفلة رأت "صباح" أن صوت "نجاح" كغيرها من اللبنانيات اللواتي يناسبهن الغناء الشعبي المصري.
كتب مرسي جميل "مال الهوى" للمطربة نجاح سلام والتي فرحت بها، وما كاد يكلف الملحن أحمد صدقي بتلحينها حتى فوجئ بسفرها إلى لبنان، وأخبرت مرسي أن أغنيتها سيلحنها الملحن اللبناني فلمون وهبة.
طالت غيبة نجاح وحاول كثيرون تلحين الأغنية، ولكن كان يعتذر منهم مرسي لأنها أصبحت خاصة بنجاح، وكان الملحن محمود الشريف يعرف ظروف الأغنية وسفر نجاح المفاجئ.
في إحدى سهرات مرسي والملحن محمود الشريف، أمسك بالعود وأخذ ينظر بعينين شبه مغمضتين إلى أعلى وهو يدندن بألفاظ مبهمة للحن، فساله مرسي "ما هذا ؟" وسكت برهة ثم أمسك بالعود وغنى أغنية "مال الهوى يامه" وقال انها مجرد فكرة خطرت لي، وسكت مرسي وهو حزين لا يستطيع فعل أي شئ.
عادت نجاح إلى مصر، وكانت قد نسيت هذه الأغنية خلال مشاغلها وتنقلاتها ولم يلحنها فليمون وهبة ولا غيره، فلم يملك مرسي حينها إلا أن يصرف نظر في أن تغنيها المطربة نجاح، وقدم الاغنية للإذاعة وترك لهم حرية التصرف، وعهد لكمال الطويل حينها بتلحينها لتغنيها السيدة هدى سلطان، وما كاد الطويل يتم اللحن حتى انقطعت هدى سلطان عن الإذاعة لأسباب طارئة، واقترح كمال أن تغنيها نجاح، ولكن مرسي رفض.
اتفق مرسي وكمال على ان تغني الأغنية نعيمة عاكف، وتنازل للمخرج حسين فوزي عن الأغنية، ولكن وقع خلاف بين مرسي وكمال الطويل.
ويقول مرسي عن هذا الموقف في مقال له في مجلة الكواكب لعام 1965، "عهد إلى محمد الموجي بتلحين الأغنية ولحنها الموجي وهو لا يعلم شيئا عن الموضوع، وحفظت نعيمة عاكف الأغنية وسافرت إلى أوربا، ولكن كمال لم يهدأ له بال وصمم على أن تغني لحنه نجاح رغم كل شئ، ولم تكد تحفظه حتى سافرت مرة أخرى وتركت مصر قبل أن تسجله".
توقفت الأغنية مدة أخرى طويلة حتى كاد مرسي أن ينسى أمرها مرة أخرى، وفي ليلة سمع صباح تغني: "مال الهوى يامه"، فلم يصدق أذناه، ولم يصدق ماسمعه في الراديو، واحتار ماذا سيقول لحسين فوزي ونعيمة عاكف، حتى أنه من القلق لم ينم هذه الليلة.
أذيعت الأغنية كثيرا، وطلبها المستمعون، ورددها الناس، ولكن كل هذا لم يساو الحرج الذي كان يتوقعه مرسي عند رجوع نعيمة عاكف وحسين فوزي، ولا القضايا التي قد يتعرض لها.
عادت نعيمة لتجد أغنيتها على كل لسان، الأغنية التي اشترت حق غنائها ودفعت أجر لحنها، ولكن مرسي سارع للقاء حسين وشرح له الموقف وأنه لا دخل له بما حدث، وعرض عليه 3 حلول، إما أن يتمسك بالأغنية ويطالب بإيقافها قانونيا، واما أن يرد له ما أخذ من مال مضافا إليه أجر اللحن الذي دفعه للموجي، واما أن يكتب له أغنية أخرى تنطبق كلماتها على لحن الموجي.
ترك شاعر الألف أغنية مرسي جميل للمخرج حسين حرية الاختيار، ولكن حسين قدر الموقف واختار الحل الأخير، وكتب مرسي له أغنية "نار الهوى جنة" وأعجبته وأعجبت نعيمة عاكف، وعادت "مال الهوى" إلى حريتها من جديد وسمعها مرسى لأول مرة مع الناس بعد ان استراح من المشاكل.