قال الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء في الأزهر الشريف، إن سبب الفتن الأساسي هو البعد عن مراد الله وعلينا أن نبحث عن النخبة كمحاولة للخروج من الفتن، تلك النخبة التي أرشدنا الله للاستفادة من خبرتها فقال تعالى : (فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ) , فالله تعالى أمرنا أن تكون لنا نخبة، فضيعنا النخبة، والنخبة قد تكون طاغية، وقد تكون صاغية.
دور النخبة في الخروج من الفتنة
وأضاف علي جمعة، في منشور له عن دور النخبة في الخروج من الفتن، أن النخبة الطاغية هي التي تأمر بالمنكر وتنهى عن المعروف وتتجبر في الأرض وتكفر بالله رب العالمين، وأما النخبة الصاغية فهي التي صغت قلوبها لذكر الله لا تريد علوا في الأرض ولا فسادا.
وتابع: لقد استبدلنا بالصاغية الطاغية، أهلكنا الصاغية وأخرناهم عن القيادة وعن العمل في الحياة الدنيا وقدمنا الطاغية ثم بعد ذلك اختلط الحابل بالنابل، فلا الطاغية بقت ولا الصاغية حلت محلها وأصبح الناس شذر مذر لا ملأ لهم ولا أهل ذكر يرجعون إليهم ويلتقون حولهم.
التساوي المطلق
وأشار إلى أن التساوي المطلق الذي تدعو إليه الديمقراطية، هو أحد إفرازات النسبية المطلقة، وهو أمر مرفوض، منوها أن وأن القضاء على النخبة والدعوة إلى التساوي المطلق، قد تتضمن في طياتها هلاك العالم.
وذكر علي جمعة أن هناك مجموعة من النصوص التي يمكن أن تكون أساسًا لهذا المعنى، قال تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِى المَجَالِسِ فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللَّهُ لَكُمْ وَإِذَا قِيلَ انشُزُوا فَانشُزُوا يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا العِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ) ، وقال تعالى : (تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ مِّنْهُم مَّن كَلَّمَ اللَّهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ) ، وقال تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِى الأَمْرِ مِنكُمْ).
وتابع: فجعل الله للناس رؤوسًا، وجعل ذلك طبقا لكفاءاتهم، ورغبتهم في الإصلاح دون الإفساد، ونعى على ذلك التصور الذي يكون فيه جميع الناس في تساو مطلق فقال : (لَّوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَهَدَى النَّاسَ جَمِيعًا) ، وقال : (وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ).
وأشار إلى أن عدم التساوي لا يعني أبداً عدم المساواة، فربنا يقول : (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِى خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً).
وقال النبي: (الناس كأسنان المشط) [رواه القضاعي في مسند الشهاب، والديلمي في مسند الفردوس] وقال: (يا أيها الناس ألا إن ربكم واحد، وإن أباكم واحد، ألا لا فضل لعربي على أعجمي، ولا لأعجمي على عربي، ولا لأحمر على أسود، ولا أسود على أحمر إلا بالتقوى) [رواه أحمد والطبراني في الأوسط والكبير]