«استراحة فاروق بحلوان» ..متحف مفتوح في أحضان النيل والطبيعة الخلابة.. تقع على مساحة 11 ألف متر مربع..أسسها الملك لتكون مقصده للراحة والمتعة..تضم 637 قطعة من التحف والكنوز الأثرية ..صور
متحف ركن حلوان «استراحة الملك فاروق» :
أسسها المهندس الإيطالى جيوفان عام 1916 لتناول الشاى والاسترخاء
اشترى الملك فاروق هذه الأرض بمبلغ 2000 جنيه مصرى وحولها إلى استراحة ملكية
تقع على مساحة 11 ألف متر مربع شيدت الاستراحة على 440 منها
تتكون من ثلاثة طوابق
تضم الاستراحة غرفة الملكة ناريمان و كرسى العرش المذهبعلى بعد 30 كليو مترا من القاهرة وفي أحضان النيل وسط الطبيعة الخلابة يرسو "ركن فاروق" على شكل سفينة حجرية،والذي اختاره أخر ملوك مصر بحضن النيل ليكون مقر استراحة له بحلوان.
وعلى الرغم من حرارة الطقس فى القاهرة، إلا أن النهار فى هذه البقعة من أرض مصر، ربيعي معتدل،وعندما تدلف من البوابات الخارجية للقصر، فى محاولة للوصول إلى الاستراحة، ستواجهك صفحة النيل، كما لم تراها من قبل، فى تحدٍ لكل ما يشغل بالك فى هذه اللحظة، ولن يتركك النيل إلا مبتسمًا، وربما ينسيك مشهده، لماذا أنت هنا الآن!!.
متحف ركن حلوان اختاره المهندس المعمارى الإيطالى أرسان جيوفان عام 1916؛ ليقيم عليه مكانا لتناول الشاى والاسترخاء يتبع فندق «جراند أوتيل»، وفى عام 1932 اشتراه الثرى المصرى، محمد بك حافظ، وبعدها بثلاث سنوات، رآه الملك فاروق فأعجبه المكان الواقع على الضفة الشرقية للنيل غرب مدينة حلوان، فى جنوب القاهرة، والتى اشتهرت بالهدوء، والجو النقى الصحى الخالى من التلوث، حيث المياه الكبريتية التي يقصدها البعض للاستشفاء، فاشترى فاروق هذه الأرض بمبلغ 2000 جنيه مصرى، وعهد لوزير الأشغال آنذاك، مصطفى باشا فهمى، بإنشاء الاستراحة الملكية والتي تصل مساحتها بعدما أضيف إليها من حدائق إلى 11 ألف متر مربع،و شيدت الاستراحة الملكية على مساحة 440 مترا مربعا منها، ليتم افتتاحها فى الخامس من سبتمبر عام 1942.
واستغرق بناء استراحة فاروق عاما كاملا وأحيطت بها حديقة خضراء بعد إنشائها ضمت نباتات نادرة كما ضمت حدائق القصر أكثر من ثلاثة وثلاثين شجرة مانجو، من أنقى وأفخم أنواعه، نظرًا لأنها تروى من النيل مباشرة، فيما حددت بسور من الحجر، وحرص الملك فاروق على تزويد استراحته بكل ما هو ثمين، فضلا عن اختياره لبعض النماذج الأثرية الخاصة ليضمها إليها وعلى الرغم من حرص الملك فاروق على تأثيث الاستراحة وفق أحدث الطرز آنذاك، إلا أن آخر ملوك مصر لم يقم فيها طويلا، أو بالأحرى لم يأتها زائر، سوى مرتين فقط، على الرغم من إعدادها بما يليق بالملوك والحكام.
وتتكون استراحة الملك فاروق، من ثلاثة طوابق، تبدأ بالطابق الأرضى، وبوابته فى خلفية القصر حيث يضم حجرات الخدم وملحقاتها، ويتصل بالطابق الثانى عبر سلم خلفى للخدم وحجرة أوفيس بها أسانسير للطعام ، وعندما تصل للطابق الثانى سوف تستقبلك سيدة الهارب، فى تمثالها البرونزى البديع، وهو تمثال لامرأة بالحجم الطبيعى ترتدى زيًا فرعونيًا، وعلى رأسها تاج الحيات، تعزف على آلة الهارب.
ويعد الطابق الأول هو الطابق الرئيسى للاستراحة، ويضم سلما رخاميا يؤدى إلى الردهة الخارجية التي تؤدي إلى ردهة داخلية، ومنها قاعتان للطعام وقاعة أخرى للتدخين وشرفة تطل على النيل، ويضم لوحات رائعة لأشهر فنانى العالم آنذاك منها لوحة القاهرة القديمة «لايكوهمان»، وتمثال الفلاحة والجرة من الأنتيمون للفنان «كوديه» ويرجع تاريخها إلى عام 1866 وعازفة الهارب ومجموعة تماثيل نادرة ولوحات برونزية.
كما تضم الاستراحة غرفة الملكة ناريمان وبها سريرها وقد اكتسى بمفرش باللون «الروز» ومرآة و صورة لها والملك فى حفل زفافهما الأسطورى آنذاك، إلى جانب هذه المقتنيات يوجد «راديو» مزود بجهاز للأسطوانات داخل صندوق من خشب الجوز التركى عبارة عن شكل معبد تزينه بعض العواميد المخروطية بتيجان مزخرفة على شكل زهرة اللوتس وعليه اسم الملك باللغة الهيروغليفية.
ربما تسمح لك الأقدار أن ترى ملكة، أما أن ترى العرائس التى كانت فى غرفة هذه الملكة، فهذا أمر يتطلب خصوصية كبيرة، لذلك يظل أهم ما يلفت النظر فى المكان، مجموعة من العرائس التى أهديت لملكتى مصر السابقتين فريدة وناريمان، وعددها 379 عروسة، تنتمى إلى 33 دولة بأزيائها المختلفة وأشكالها المتميزة.
كما يوجد داخل الحمام الذي يقع الي جانب غرفة نوم الملكة " ناريمان " بعض أغراض الملك فاروق من القطن والصابون وماكينة الحلاقة ومقص للأظافر والي جانبه غرفة الملك فاروق من الخشب الماهونجي وفي صدرها صورة زيتية للملك وهو 12 عاما رسمه له فنان إيطالي كما يوجد في الردهة تمثال لفلاحة مصرية نسخة مقلدة للوحة الموناليزا ولكنها كما قال المرشد أحمد حلمي تنظر لكل ما ينظر لها من جميع الجهات.
أما الطابق الثانى بالاستراحة، فيصل الزائر إليه عن طريق سلم رخامى يؤدى إلى السطح حيث يعتبر الطابق بمثابة مساحة واسعة، أو ما يطلق عليه "روف" وكان يوجد بالاستراحة غرفة للتدخين وأخرى للطعام ويوجد غرفة الشمس "حمام الشمس" وهى للاسترخاء وعمل المساج للملك بالإضافة إلى تراس شرقى وآخر غربى لتناول الشاي.
كما يوجد كرسى العرش المذهب وكرسى ولى العهد وهما نسخة مقلدة بإتقان لكرسى عرش الملك "توت عنخ آمون" الأصلى الموجودة فى المتحف المصرى، ومن أثمن ما يضمه المتحف فى هذا الطابق، ساعة أهداها ملك إنجلترا السابق للخديوى إسماعيل، هذه الساعة أهدتها الملكة "أوچينى" إلى الخديوى إسماعيل بمناسبة افتتاح قناة السويس، إلى أن وصلت إلى الملك فاروق.
المكان عبارة عن مجموعة من التحف والكنوز، حيث حرص الملك فاروق على تزويد استراحته بكل ما هو ثمين، منها تمثال لأبى الهول من البرونز، وساعة مكتب معدن مذهبة على شكل لوحة من البلور، عليها 12 فصًا عتيقًا، والعقارب من الذهب، وإلى جانب هذه المقتنيات، يوجد «راديو» مزود بجهاز للأسطوانات داخل صندوق من خشب الجوز التركى، على شكل معبد تزينه بعض العواميد المخروطية، بتيجان مزخرفة على شكل زهرة اللوتس، وعليه اسم الملك باللغة الهيروغليفية، كما يوجد كرسى العرش المذهب وكرسى ولى العهد، وهما نسخة مقلدة بإتقان لكرسى عرش الملك «توت عنخ آمون» الأصلى الموجود فى المتحف المصرى وتمثالي حاملتي الشعلة السمراء والبيضاء التي ترمز إلى ممملكة مصر والسودان ونموذج مصغر من معبد الاقصر وطريق الكباش، حيث تصل المقتنيات بالركن لحوالى 637 قطعة أثرية.
الركن جدير بحق أن يطلق عليه استراحة، فقد حرص الملك على تزويده، بكل ما قد يساعده وأصدقائه على الاسترخاء، فهناك التراس الغربى، وهو عبارة عن خمس مراسى على النيل، حيث إن الملك كان يهوى الصيد.
وظل المكان ظل استراحة للملك فاروق حتى قامت ثورة 23 يوليو، وبعدما غادر فاروق مصر، خضعت الاستراحة للتأميم، وتم ضمها عام 1976 إلى قطاع المتاحف، بالمجلس الأعلى للآثار، بعدما تحولت لمتحف، وظل المكان بين الفتح والإغلاق لأسباب عديدة، كان آخرها عندما أغلق فى 29 يناير 2011 عقب الانفلات الأمنى، ثم أعيد افتتاحه مرة أخرى بعد استقرار الأمور، وتجديده فى أغسطس 2016.
جدير بالذكر أن مدينة حلوان التي تقع فيها الاستراحة، كان يطلق عليها أيام الملكية مدينة الباشوات، خاصة أن هذه التسمية لحلوان بدأت باكتشاف عدد من المقابر كانت تخص الأمراء وكبار الموظفين فى عهد الفراعنة، إلى جانب مقابر بعض العامة من المواطنين، ويرجع تاريخها إلى الأسرتين الأولى والثانية الفرعونية.
وبالرغم من مرور 83 عام على انشاءه إلا أن هذا الركن، مازال يحتفظ بخصوصية تصلح لملك، تؤهله لأن يصبح فيما بعد متحفًا يقصده الزائرون، ليصبح شاهدًا على مرحلة مهمة من تاريخ مصر، ويؤرخ لرجل كان فى يوم من الأيام ملك مصر والسودان، ومع أن الملك فاروق حرص على بناء استراحته، وفق أحدث الطرز آنذاك، إلا أن الأيام لم تمهله كثيرًا للاستمتاع بها، بل أنه لم يزرها سوى مرتين فقط.