الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

شعب مصر العظيم.. كل حاجة وعكسها (التوريث نموذجا)


يوم عن يوم يتأكد لي أن الشعب المصري العظيم، وباعتباري واحد من أبناء الجالية المصرية بالقاهرة، وبالأصالة عن نفسي وعن أبناء الجالية، أوكد لكم أننا فعلا (كل حاجة وعكسها ) تعالى نشوف مثلا .. موضوع التوريث. 

كل المواطنين الشرفاء يعارضون التوريث ليل نهار ويمارسونه أيضا ليل نهار.. توريث الوظائف موروث مصري وثقافة أصيلة منذ أيام الفراعنة وحتى اليوم،  ورغم ذلك قامت ثورة نبيلة في يناير 2011 ضد التوريث نبيلة في أهدافها وشبابها حتى اختطفتها واختطفت مصر معها جماعة كانت سترث مصر أكثر من 500 سنة كما قال قادتها للسيسي وهو وزير للدفاع وكانت ستورثها وراثة أيدلوجية، وهي لا تختلف كثيرا عن التوريث البيولوجي (الأب يورث ابنه)، ولكن ربنا ستر ونجانا ونجا مصر من التوريث الايدلووجي بفضل ثورة 30 يونيو وحماية القوات المسلحة وقادتها وضباطها وجنودها البواسل اللي لسة الى الان يقدمون أرواحهم لحمايتها وحمايتنا .. ولكن يبقى التوريث البيولوجي ماذا نفعل به وهو موروث فرعوني قديم من الاف السنين .. 

لقد شيد قدماء المصريين حضارة عملاقة سادت العالم القديم لقرون طويلة من الزمن .. وكان لهذه الحضارة أركانٌ وعُمدٌ قوية استطاعت أن تحمل ثقل تلك الحضارة فى ثبات وثقة مازالت تذهلنا وتعجزنا حتى اليوم.. ومن أهم وأقوى تلك الأركان هى النظام الاجتماعي الصارم الذي ابتكره المصري القديم، ودافع عنه بشدة وحماه من أى اختراق. 

وكان من بين أسباب انهيار الدولة فى بعض الفترات هو انهيار ذلك النظام.. ويقوم هذا النظام على العدالة الاجتماعية لكن بمفهوم يختلف عما نعتقد اليوم.. حيث عرف المصري الفارق بين العدالة وبين المساواة المطلقة.. كما توصل إلى خطأ الاعتقاد بفكرة أن المساواة هي العدالة.. فالعدالة تعنى وضع كل شخص فى مكانه المناسب وحمايته وحماية أي طبقة من جور طبقة أخرى عليها.. وعدم احتقار النظام في معتقداته وممارساته لأى طبقة من طبقاته.

ومن أركان ذلك النظام الاجتماعي الصارم هو توارث المهن والوظائف.. فمنذ الصغر كان يدرك كل فرد ما سيقوم به مستقبلا فيتم إعداده له جيدا منذ نعومة أظافره.. حتى لو عنت له فيما بعد فرصة الترقي الاجتماعي فقد كان هذا لا يتعارض مع مهارته و إجادته لما تم إعداده له و هى وظيفة أبي.

وفي عصرنا الحالي مازال التوريث ثقافة لا تنفصم ولا تنقطع ..أساتذة الجامعات يوروثون أولادهم بما فيهم أساتذة الطب (حتى ولو كان ابنه متخلف وماله المهم يبقى دكتور ومش مهم حياة الناس ) والصحفيين أيام العز كل ولادهم صحفيين ونظرة سريعة على الصحفيين الشباب في المؤسسات القومية الكبيرة ستجد 70 % منهم أبناء صحفيين تقاعدوا أو إداريين تقاعدوا وبعضهم استطاع تعيين أكثر من 5 من أبناءه في نفس المؤسسة .. ووزرعهم على الاصدارات المختلفة.

وحتى القضاء لم يسلم من التوريث وإن كان عرفا وليس قانونا وفي باقي المجالات اذهب إلى أي جهاز إداري أو رقابي كبيرا كان أو صغيرا، وابحث في الأسماء وستجد التشابه كبير للغاية بالأسماء الثلاثية والرباعية بما فيهم الدبلوماسيين، وإن كان ذلك رغم خطورته لم يؤثر على أداء الدبلوماسية المصرية أو شموخ القضاء، ولكن يظل التناقض واضحا فيما يتم رفعه من شعارات في بعض الأحيان يصل إلى خارج حدود المنطق والعقل .. ومع ذلك كل الشعب المصري ضد التوريث مادام هو استطاع أو تمكن من تعيين أبنائه.

إنني أعتقد أن ما يحدث فى مصر فى هذه القضية هو من قبيل مظاهر القبلية التى تتفشى فى عقول كثير من المصريين حتى لو كانوا يعيشون حياة حديثة فى مدن كبرى وحتى ولو أتموا تعليمهم فى دول أوروبية.. تخلصوا من القبلية.. تتخلص مصر من توريث الوظائف لكي الله يامصر وياشعب مصر العظيم.. كل حاجة وعكسها.. قام بثورة ضد التوريث ويمارسه في مختلف مجالات الحياة.. والله المستعان.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط

-