الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

جنوب السودان وإسرائيل .. تأصيل واجب


قد يكون الحديث متأخرا جدا عن واقع الوجود الإسرائيلي في دولة جنوب السودان الآن ، فمن المعلوم أن الكيان الصهيوني بحث في علاقاته عن كسب ود الأفارقة لضمان أصواتهم أو علي الأقل حيادهم عند الحاجة إليهم في الأمم المتحدة لكسب الشرعية التي لا يتمتع بها في تصوري مهما طال الزمان ، واتخذ الكيان الصهيوني عدة طرق وأساليب انتهت في النهاية إلي تقارب واضح في العلاقات علي المستوي الثنائي أو الكيانات الإقليمية بالقارة ، وما يهمنا في ذلك ليس تكرار الحديث في موضوع قتل بحثا ولكن لنقترب أكثر من فاعلية التخطيط الصهيوني التي بدأت منذ زمن بعيد.

وفي دولة جنوب السودان الوليدة التي كان استقلالها برغبة غربية وسوء إدارة من النظام السوداني الحاكم في شماله، ويمثل الاستقلال في حد ذاته انتصارا لإرادة إسرائيل والدول الغربية لأنه يعني في أبسط صورة اقتراب حلم أن يرتوي الصهاينة من مياه النيل والأكثر من ذلك ممارسة كل الأفعال التي من شأنها إضعاف دولنا العربية وتقسيمها، وللحفاظ علي الموضوعية الواجبة لابد أن نذكر أننا هنا نصف ما حدث ونشدد علي عدم اعترافنا بالأساس بهذه الدولة العنصرية كرأي واضح لكاتب هذه الكلمات ، ولكن الواقع يشير إلي نجاح إسرائيل في الوصول إلي نقاط إيجابية كثيرة في سياساتها الخارجية والحفاظ علي مصالحها أينما كانت.

وقد كانت بداية التعاون عام 1967 مع جوزيف لاقو رئيس أركان حركة أنيانيا وبعد هزيمة مصر كتب إلي رئيس الوزراء الإسرائيلي ليفي أشكول يعرض خدماته عليه وحركته وتجنيدها ضد المصالح العربية في جنوب السودان، هذه المبادرة لاقت ترحيبا واسعا من قبل الكيان الصهيوني وكانت نتائجها زيارة لاقو إلي تل أبيب في ديسمبر من نفس العام وعند عودته كان محملا بالأموال الوفيرة لتكون بذلك بدايات التعاون علي الأرض بين الكيان الصهيوني وزعماء الحركة في جنوب السودان، وظلت العلاقات علي طبيعتها الإستراتيجية والأمنية بالإضافة إلي عمليات التدريب والاتصالات مع دول الجوار لدعم أنيانيا ، كل ذلك يؤكد علي تعاون سابق لقيام الدولة في حد ذاتها ويعطي مؤشرا علي وجود ممتد تحكمه المصالح بالأساس ، لذلك فالحضور الشمالي والقصد هنا حكومة الخرطوم وكذلك مصر واجب ولكن علي مسافة واحدة للأطراف المتصارعة الآن في دولة الجنوب لنحقق بذلك مراقبة فاعلة لمصالحنا المصيرية والمتمثلة في المياه والأمن لأن الصراع هناك يسمح بتواجد قوي إقليمية كثيرة والغياب يجعلنا في موقف سلبي لا يضمن لنا الرؤية العميقة والتحليل والتنسيق بين دولة السودان ومصر أصبح أمرا حتميا وتأجيله يعبر عن إهمال واضح في الحفاظ علي مصالحنا المصيرية وكذلك لابد من التحفيز المستمر للعلاقات بكافة مستوياتها مع الدولة الوليدة.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط