الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

"ياما فى الخلع مظاليم".. فاروق تغرب من أجل زوجته 30 عاما فكافأته بالاستيلاء على ثروته وخلعه..و"ياسر":"كانت تمطرنى بكلمات الغرام وهى تسعى للخلاص منى"

صدى البلد

  • "ياما فى الخلع مظاليم"
  • فاروق تغرب من أجل زوجته 30 عاما فكافأته بالاستيلاء على ثروته وخلعه
  • "ياسر":"كانت تمطرنى بكلمات الغرام وهى تسعى للخلاص منى"
  • قانونى:"الخلع لم يظلم الرجال ولكن هم من ظلموا أنفسهم"


بات لكل قانون ضحايا، وقانون الخلع الصادر فى عام 2000 مثله كأى قانون، له ماله وعليه ماعليه، فمع أنه رحم الكثيرات من بطش أزواجهن وتعسفهم فى إطلاق سراحهن وأحيانا ابتزازهن، وجنبهن مشقة الانتظار على أعتاب المحاكم لسنوات من أجل الحصول على حكم بالطلاق، إلا أنه فى رأى البعض قد أساء لسمعة كثير من الرجال وباتوا يوصمون إما بالعجز أو بالجبروت، وظلمهم حينما لم يمنحهم الحق فى الطعن على حكم الخلع أو الدفاع عن أنفسهم،وألزم الزوجات برد مبلغ مقدم الصداق المبرم فى عقد الزواج فقط والاحتفاظ بما دون ذلك، لتبدو وكأنها تنازلت عن جميع حقوقها المالية والشرعية، لكن فى الحقيقة أنها لم تتنازل عن أى شىء بحسبهم، كما أعطاهن حق الحصول على قائمة المنقولات الزوجية ، وتحريك جنحة "تبديد منقولات" ضد الزوج، وأيضا الاحتفاظ بالمصوغات باعتبارها هبة لا ترد.

"أخرة الغربة خلع"

بجسد أنهكه المرض والحزن على 30 عاما قضاها مع زوجة خانت عشرته، واستولت على ماله ثم خلعته يسقط "فاروق"صاحب الـ63 عاما على كرسى يقاوم السقوط مثله قابع فى احدى قاعات الجلسات بمحكمة الأسرة بزنانيرى، منتظرا بدء جلسة نفقة الأقارب التى أقامها ضد أولاده الثلاثة بعدما تنكروا له –بحسب روايته- بعد فراغ محفظته وتركوه يمد يده للعالمين كى يبقوه على قيد الحياة، يقول الزوج الستينى فى بداية حديثه:"لم يخطر ببالى يوما أن تخون زوجتى التى رافقتى ثلاثين عاما عشرتى، وأن تهدم البيت الذى حاربت ليسقر ويستمر، وتغربت فى الكويت سنوات وسنوات، لأحصد لها ولأولادنا الثلاثة مايكفيهم ويحميهم من شر الزمان وقسوة الحاجة والعوز، ائتمنتها على مالى، وألقيت بين يديها كل ما أجنيه تفعل به ماتشاء، وسجلت كل ما أملك باسمها من عقارات وأراضى حتى أرصدتى فى البنوك هى المتصرفة فيها، وهى الوحيدة التى تمسك بمفاتيح ثروتى".

يواصل الرجل الستينى حديثه بصوت منكسر:"حتى الآن لا أجد سببا لما فعلته زوجتى معى، ولماذا أقدمت على خلعى، لا اتذكر أننى رددت لها طلبا، ألا تحمل لى معروفا أننى ضحيت بصحتى وراحتى لتنعم هى بالسعادة ورغد الحياة؟!، أنسيت أننى لم أكل أو أمل يوما، ولم تخرج من فمى شكوى أو سب للدهر وقسوته، وكنت أحبس بين ضلوعى تعبى من عناء العمل ليلا ونهارا ووحشة الغربة حتى لايشعراحد؟!، لكنها طوال عمرها هكذا الطمع يسكن صدرها".

يصمت الزوج قليلا ثم يتابع حديثه بوجه عابس:"لازلت أتذكر كلماتها الغاضبة حينما علمت بقرار انهاء غربتى للأبد، وقضاء ماتبقى من عمرى وسط أولادى الذين أداروا ظهورهم لى فور فراغ محفظتى، وتركونى فى الشارع بعد بيبع والدتهم لشقتى وممتلكاتى دون علمى، أمد يدى للناس وكأننى لم أكن بالنسبة لهم أكثر من "ماكينة صرافة"، متناسين أننى السبب فيما وصلوا إليه من مناصب فابنى حارس مرمى بناد خليجى شهير، وابنتى إحداهما تعمل طبيبة والأخرى مهندسة، ولولا زواجى من جارتى"العانس" التى وقفت إلى جوارى فى محنتى، وقبلت بظروفى لكنت لا أزال شريدا اتنقل بين الأرصفة، ياليتنى مت وكنت نسيا منسيا قبل أن أطأ بقدمى ساحات المحاكم ويعشعش الخراب فى بيتى، وللاسف كله بالقانون".

ويختتم حديثه متسائلا:" لا أعرف هل القانون وضع لكى تستقر الأمور وتستقيم أم لتهدم البيوت ؟!، هل فى القانون ما يعوضنى عن ضياع شقاء عمرى والسنوات التى قضيتها كالثور المربوط فى ساقية للحفاظ على زواجى؟، أمن العدل ان تخلعنى زوجتى وتستولى على أملاكى و"تحويشة العمر" التى تقدر بملايين وترد لى "جنيه" قيمة مقدم الصداق فقط، أليس من الانصاف أن ترد لى كل ما اعطيتها، مادامت ترغب فى الرحيل عن حياتى، لماذا لايوجد نصا يحاسب السيدة التى تسئ استغلال قانون الخلع؟، لماذا لايلغى من الأساس فقد أساء لسمعة كثير من الرجال وباتوا يوصمون إما بالعجز او بالجبروت؟".

"بالصدفة"

ينتقل "ياسر" بجسده النحيل ورأسه المشتعل شيبا رغم عمره الذى لايزال فى عامه الاول من عقده الثالث بين أروقة ومكاتب محكمة الاسرة بزنانيرى حاملا فى يديه أوراق يقبض عليها بإحكام وكأنه يخشى أن تهرب منه كما فعلت زوجته منذ أكثر من 12 عاما ، ليستقر فى النهاية بقميصه الابيض المنقوش بنقوشات داكنة اللون وبنطاله الأسود الرث وحذائه الذى يفضح قدمين أرهقهما السعى بجوار موظف اربعينى قابع على مقعد متهالك فى غرفة مظلمة جوها معبأ براحة العطب وجدرانها متساقطة الدهان، تحيطه تلال من اوراق صفراء بالية يعود تاريخ بعضها إلى الثلاثينيات مرصوصة على ارفف معدنية تقاوم السقوط من الصدأ الزاحف على اطرافها، وأمامه منضدة خشبية مبعثر عليها اقلام رصاص وحبر ودفاتر ليبدأ سويا رحلة البحث وسط تلك الاكوام عن حكم خلعه الصادربحقه منذ سنوات كى يتمكن من تحديث بيانات بطاقة الرقم القومى .

بابتسامة تخفى وراءها حزين دفين وحسرة على حبه لامرأة لم تر فيه سوى ماله يبدأ الرجل الثلاثينى رواية تفاصيل حكايته لـ"صدى البلد":"أحببت زوجتى لدرجة العبادة، ومنحتها مفتاح قلبى الذى لم تدخله امرأة قبلها سوى امى، رغم تحذيرات ونصائح المقربين بالابتعاد عنها لكونها فتاة تجيدالتلاعب بالرجال هى وأهلها، تسلبهم عقولهم ومالهم مستغلة جمالها الاخاذ، وقوامها الملفوف وأنوثتها الطاغية، ثم تدير لهم ظهرها وترحل، لا اعلم اين كان عقلى حينها؟!، كيف لم أر وجه محبوبتتى القبيح ؟! هل كنت مسحورا بطيبتها المزيفة لهذة الدرجة ام لاننى لم امر باى تجارب عاطفية كنت صيد سهل بالنسبة لها؟!".

يتابع الرجل حديثه بصوت خافت وكأنه يتحدث الى نفسه ويحاسبها:"كيف صممت آذانى عن توسلات أمى كى اتراجع عن اتمام تلك الزيجة التى ستحرمها من ان تنعم بثمرة تخرج من صلب ابنها البكرى لأن عروسه تعانى من مشكلات فى الإنجاب، تسببت فى طلاقها بعد أقل من عام من زوجها الخمسينى الثرى الذى كان يعذب جسدها ويهين كرامتها ويقضى معظم وقته فى سحب مساحيقه البيضاء وشد الأنفاس وحقن اوردته البارزة، هل جزاء من أكرمها واخرجها من الغرفة المتواضعة القابعة بحى شعبى فقير إلى آخر راقى، وأراح جسدها من عناء العمل بالمحال التجارية وافتراش الارصفة لبيع قطعة حلوى اوملابس قديمة طعنه بالخلع والاستيلاء على "تحويشة" عمره وسجنه ؟!، ياليتنى كنت مت قبل اتمام تلك الزيجة التى قضت على ماتبقى لى من أمل لى فى الحياة، وجعلتنى اضرب عن الزواج لمدة 12 عاما، واقاطع كل بنات حواء، الخبيثات منهن والطيبات".

تتسارع انفاس الزوج الثلاثينى فتجبره على الصمت للحظات ثم يعاودالكلام عن تفاصيل زواجه الذى لم يدم الا لـ4 شهور بنبره تلمح فيها الاحساس بالندم :"اعترف أنا ليالينا الأولى مرت هادئة، ولم أرد لها طلبا قط ، عرضتها على أفضل اطباء لعلاج العقم ، ولم أدخر جهدا كى أرى نظرة السعادة فى عينيها، وعملى بإحدى الشركات الاستثمارية الكبرى ساعدنى فى تلبية كل طلباتها، لكن مع مرورالأيام وتدخل "حماتى" المستمر فى حياتنا ومحاولاتها للسيطرة على مقاليد بيتى، وفشلها فى الحصول على مبالغ مالية من والدى، بدأت ألحظ تبدل طباع زوجتى وتغيراحوالها، فلم تعد تلك الطبية الراضية، وباتت تتشاجر معى بسبب وبدون سبب، وتختلق اسباب واهية لترك البيت، اتذكرانها خرجت غاضبة ذات مرة لانى عاتبتها على ذهابها المتكررالى بيت والدتها، وانها بدأت فى اتمام اجراءات دعوى الخلع بعدما عنفتها ومنعتها من الرقص فى فرح احد اقاربنا".

تعاود الابتسامة الحزينة فى الارتسام على ثغر الرجل الثلاثينى وهو يختتم روايته قائلا:" الغريبة انها كانت تسعى لخلعى وهى تبات ليلها فى حضنى وتمطرنى بكلمات الغرام ، وعلمت بامر الدعوى من امى التى تسلمت انذار حضورى لاولى جلساتها، لم امر فى حياتى بموقف عصيب كهذا، اختفت زوجتى تماما، ساءت حالتى النفسية واغلقت غرفتى على وتركت عملى ، 3 اشهر كاملة قضيتها بدون طعام أو شراب، لاخرج من تلك الغرفة المظلمة على زنزانة بتهمة تبديد منقولات زوجية،انهيت الـ6 اشهر فترة العقوبة، وحاولت بعدها ان اجد وظيفة اعيش منها لكن عارسجنى ظل يلاحقنى كلما تقدمت الى وظيفة، حتى تمكنت اخيرا وبعد عناء من العمل كبائع فى سوبر ماركت شهير، وعلمت ان زوجتى قد تزوجت بعدى مرتين وانجبت، احمد الله ان اننى لم انجب منها والاكانت حرمتنى منه واقامت دعوى نفقة واستولت على شقتى بدعوى انها حاضنة".

"القانون لا يحمى المغفلين"

"وماظلمناهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون"بهذة الأية الكريمة رد أيمن أحمد نصر المحامى المتخصص فى الأحوال الشخصية على تعرض الرجال للظلم بسبب قانون الخلع، وتابع أن الرجال الذين ظلموا بقانون الخلع هم من ظلموا أنفسهم فتحايلوا على القانون وتهربوا من سداد حق الدولة فجزاهم الله بمافعلوا ، فالدولة حين أقرت قانون الخلع، أقرت وثيقة الزواج الجديدة معها، وأعطت لكل من الزوج والزوجة الحق فى كتابة كل الشروط والحقوق، ولو أن الزوج كتب فى عقد الزواج المصاريف الفعلية التى أنفقها فى زواجه على أنها المهر لكان لزاما على الزوجة حين تقرر أن تخلع زوجها أن ترد له امبالغ الثابته فى وثيقة الزواج ففى النهاية القانون لايحمى المغفلين.

وأضاف المحامى المتخصص فى مسائل الأحوال الشخصية أن الخلع نظام إسلامى جعل لحماية المرأة من الإنحراف وخشية أن تقع فى مصيبة، وأن علم الزوج أوعدم علمه بطلب زوجته تطليقها منه طلقة بائنة للخلع لايبطل الخلع، منهيا حديثه بأن قانون 1لسنة 2000 جعل جميع إجراءات التقاضى خاضعة لقانون المرافعات وبالتالى فقانون الخلع ليس له دخل بمسالة إعلان الزوج وأن حدث وقامت الزوجة بإعلانه على عنوان خاطىء ظنا منها بأنها بذلك سينهى دعواها سريعا فوقتها سيخضع الأمر لقانون المرافعات.

"تعديله فرض عين"

بينما يرى إسماعيل إبراهيم، الباحث فى الشريعة الإسلامية والقانون المدنى الخاص إن مشكلة قانون الخلع تكمن فى أنه تم نقله بدون ضوابط شرعية علاوة على أنه لم يحدد الأسباب الجوهرية التى تدفع الزوجة إلى طلب الخلع، ولم يعط للزوج حق الطعن على حكم الخلع، فوفقا لنص القانون 1 لسنة 2000 "لا يجوز الطعن على حكم الخلع بأى شكل من الأشكال"، وهذا يعنى أن حكم أول درجة حكم نهائى، وهذه "مصيبة سودة" حسب تعبيره لأنه وارد أن يحدث خطأ فى القانون أو ألا يصل الإعلان للزوج لأى سبب من الأسباب فيفاجأ بأنه تم خلعه وليس من حقه وقتها أن يعيد زوجته إلى عصمته مرة أخرى أو أن يقدم دفاعا أو دفوعا من جانبه".

المصيبة الأكبر فى قانون الخلع، بحسب كلمات الباحث فى القانون المدنى لـ"صدى البلد"، هي أن القانون لم يفصل فى الأمور المترتبة عليه، فما يحدث بمحاكم الأسرة أن السيدة التى ترغب فى الخلع ترد للزوج مقدم الصداق المدون فى عقد الزواج، لتبدو وكأنها تنازلت عن جميع حقوقها المادية والشرعية، لكن فى الحقيقة أنها لم تتنازل عن أى شىء، بل يحق لها أن تقيم جنحة ضده بقائمة المنقولات وتتحصل على حكم بسجنه إذا رفض تسليمها له، وأن تستولى على الشقة باعتبارها حاضنة للطفل، وأن تطلب نفقة لابنها بأنواعها وأجر مسكن وحضانة ومصروفات علاج، إذن فهى استنزفته ماديا، ووفقا لحديث الرسول (صلى الله عليه وسلم) فإنه قال لامرأة الصحابى حينما أتت تطلب منه الطلاق "ردى عليه حديقته"، إذن فالخلع فى هذه الحالة لم يقع شرعا ولكنه يقع بحكم محكمة.

المتخصص فى شئون الأحوال الشخصية تابع حديثه قائلا: "كما أن قانون الخلع لم يحدد عدد المرات التى يحق للمرأة أن تخلع زوجها فيها، أما الزوج فمحدد له ثلاث طلقات فقط، وبالتالى فإن هذا القانون لا يهدر حق الرجل فحسب بل إنه يهدر حق الأسرة بأكملها، وفى النهاية فإن الصغار هم من يدفعون الثمن"، لافتا إلى أن هناك بعض الأزواج يدفعون بصورية مقدم الصداق لكن عادة لا يتم الأخذ به لأن هناك أوراقا رسمية تم توثيقها عند مأذون بمقدم الصداق والزوج موافق على قيمة المقدم وهذا يعد قرينة ضده، وطالب الباحث فى نهاية حديثه بضرورة تعديل قانون الخلع.

-