الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

رسالة للسيسي.. إيران أولى بالسلام الدافئ مع مصر !


من الثابت أن العلاقات بين الدول لا تحكمها المشاعر والامزجة ولكن تحكمها المصالح الاستراتيجية بين الدول بما لا يتعارض مع الأمن القومي، ففي العلاقات الدولية لا يوجد عداء بالشكل المطلق بين الدول ، وربما العدو اللدود لدولة ما يصبح حليفا استراتيجيا لها وفقا لمقتضيات الظرف التاريخي والجغرافي والمصلحة المشتركة.

ومن المؤكد أن مصر من أهم الدول المحورية في الشرق الاوسط وافريقيا لمكانتها الحضارية والتاريخية الكبيرة ولما تمتلكه من مقومات قلما تتواجد في اكبر وأعظم دول العالم ، ومصر بحكم مكانتها ودورها الريادي والمحوري والتاريخي في المنطقة يجب وبالضرورة أن تتحاور مع كل دول العالم ، وتنفتح على الجميع بالشكل الذي يتوافق مع مصالحها وأمنها القومي ، ويجب أن يكون هذا الحوار نديًا دون انبطاح أو تبعية لأي دولة ما أيا كانت قوتها. أقول ذلك بسبب الجمود في العلاقات المصرية والجمهورية الإسلامية الإيرانية والذي وصل إلى حالة من شبه العداء وهو أمر لا يليق بمصر ومكانتها ، خاصة ان علاقة مصر بايران كان وطيدة ولكن في اطار الحرب المذهبية التي يخطط لها الكيان الصهيوني لاضعاف الدول العربية وتفتيتها منذ الثمانينيات من القرن الماضي بدأ يتم توظيف هذا الملف سياسيا لاسقاط الدول وتفتيت جيوشها الوطنية لصالح أمن إسرائيل.

وللاسف وقعت المملكة العربية السعودية فريسة لهذا المخطط وبدأت تغرق نفسها في بحور حروب طائلة في اليمن والبحرين والعراق وما زالت تصعد عبر أدواتها في مصر من مخاوف " المد الشيعي" لاشاعة حرب طائفية ومذهبية في مصر ، وعلى الدول العربية ان تتدارك سريعا خطورة هذا الملف والكواراث الناجمة عن هذا الفخ قبل ان تشتعل المنطقة وتكتوي بويلات حرب مذهبية "سنية وشيعية" يقضي العرب فيها على انفسهم بأنفسهم باسم الدين ، وانا شخصيا ضد ما يسمى بالمد الشيعي ، ولكنني اطالب الرئيس السيسي أن يفكر جديًا في عودة العلاقات الدبلوماسية مع إيران ، وأن يضرب المثل والنموذج على الوحدة الإسلامية بين السنة والشيعة بل ويسعى الى مصالحة تاريخية بين السعودية وإيران لاحباط مخطط الحرب المذهبية في المنطقة وتجنيب المنطقة ويلات حروب مدمرة واراقة مزيد من الدماء.

ومن المؤكد أن هذه الخطوة ستحسب لصالح الرئيس السيسي لا ضده ، خاصة ان الإسلام ينبذ المذهبية والطائفية ، كما أن هناك كثيرا من شيوخ الازهر الاجلاء اجازوا التعبد بالمذهب الشيعي كما أن فضيلة الدكتور احمد الطيب شيخ الجامع الأزهر اكد خلال خطبة قالها في العاصمة الاندونيسية جاكرتا ان السنة والشيعة هما جناحا الأمة الإسلامية وصلى بجوار أحد المراجع الشيعية هناك ، والحق أقول أن عودة العلاقة بين البلدين وبشكل ندي سيخدم مصلحة البلدين بل وسيخدم المنطقة كلها.

وأرى ان هناك دولا بعينها تخشى عودة العلاقة بين مصر وايران لتقزيم الدور المحوري لمصر في المنطقة خاصة إسرائيل والولايات المتحدة الامريكية، وربما يكون مفاجئ للبعض الدور المحوري الذي لعبته ايران متمثلة في "شاه إيران" في حرب اكتوبر وكيف انقذت مصر من نفاذ احتياطي البترول خلال الحرب وهذا ليس كلامي ولكن كلام الرئيس الراحل محمد انور السادات بعد حرب اكتوبر عندما قال بالنص امام مجلس الشعب: "الوقت اللي اتزنقت فيه الله يرحمه شاه ايران مكنش عندي احتياطي إلا 15 يوم للقوات المسلحة والبلد من البترول ، ولو حصل أي معركة في ذلك الوقت كانت القوات المسلحة تستهلك الاحتياطي ده في ساعات وكان لا البلد ولا القوات المسلحة ها يكون عندها نقطة بترول خلال ساعات ، وارسلت للإخوة العرب متأخروش لكن طريقتهم .. مش على بالهم ..مستريحين ..ولما ارسلت لشاه إيران حوّل المراكب اللي رايحة اوروبا على اسكندرية فورًا لانه كان عارف الاحتياطي 15 يوم وارسل 600 ألف طن فورًا من اللي كانوا في البحر وقال لي وزير البترول ييجي ويأخذ الكمية اللي انت عايزها ".
 
وقد صفق البرلمان للرئيس السادات تصفيقا حارًا بسبب هذا الكلام وقتها ، وهذا يؤكد أن ايران كانت مع مصر في الحرب وساندتها بقوة وانقذتها من خطر نفاد الاحتياطي من البترول باعتراف السادات نفسه وبالتالي كان لها دور مساعد في النصر ، واتذكر مرة أنني اجريت حوارا مصورا مع السفير "مجتبي أماني" رئيس مكتب رعاية مصالح الجمهورية الإسلامية الإيرانية بمصر عام 2011 بعد ثورة 25 يناير وقد اكد لي ترحيب بلاده بعودة العلاقة مع مصر لاجل مصلحة البلدين ، واكد لي في الحوار أن امريكا واسرائيل وجهات في السعودية تخشى عودة العلاقات المصرية الايرانية ، واوضح ان بعض البلاد كرها في مصر لا تريد عودة العلاقة بين البلدين، وان هناك تخطيطا امريكيا صهيونيا يسعى لتقزيم مصر ودورها القوي والمحوري في المنطقة العربية.

ودلل على ذلك بأن السفير "نبيل العربي " وزير خارجية مصر وقتها رحب بعودة العلاقات المصرية مع ايران وانه عندما قام بزيارة العربي زاره في اليوم الثاني مباشرة السفير الامريكي للوقوف ضد هذا التقارب ، لان هذا التقارب ضد مصلحة امريكا في المنطقة ، لان هذا التقارب سيخدم الاستقرار في المنطقة كلها ، وقبل أن انسى اتذكر اني وجهت للسفير مجتبي أماني سؤالا عن الاتهامات الموجهة لايران بنشر المذهب الشيعي في مصر فكان رده أن هناك فتوى صادرة عن المرجع الأعلى في ايران تمنع نشر المذهب الشيعي ليس في مصر فقط بل خارج ايران وهي فتوى ملزمة للجميع .

وايضًا في حوار لي مع السيد عمرو موسى الأمين العام الاسبق للجامعة العربية عام 2011 أكد لي في الحوار أن الحوار مع ايران مسألة ضرورية وأنه يجب أن نتحاور مع ايران ، ويجب أن لا نترك الأمر للصدفة أو لمجرد التطورات الاقليمية التي قد لا تكون طيبة ولاجل الوضع النووي والعلاقة في الخليج أي بين ايران ودول الخليج ، ولابد من اعادة النظر في الاسلوب الذي نتبعه مع ايران ، واكد لي وقتها وكان الحوار بمقر جامعة الدول العربية أنه زار ايران واقترح رسميًا أمام الجامعة العربية في قمة سرت ضرورية العلاقة مع ايران وأن الحوار معها ضروري لان موضوعات الخلاف كثيرة مثل الوضع في اليمن والقضية الفلسطينية والجزر الإماراتية والبرنامج النووي والوضع في جبال اليمن ونحن نعيش في منطقة متوترة ولكنهم في الجامعة العربية رفضوا هذا المفترح ! .

وأعيد واكرر دعوتي للرئيس السيسي والحكومة بضرورة التفكير بشكل جدي لاجل عودة العلاقات المصرية الإيرانية ، لان ذلك سيخدم قضايا كثيرة في المنطقة العربية ، كما سيخدم اقتصاد البلدين خاصة في مجال الخدمات والنقل والاستفادة من التجربة الايرانية في تعظيم الاستفادة من الطاقة النووية في الاغراض السلمية لانتاج الكهرباء والطاقة وايضا الاستفادة من ايران في مجال الطب النووي وصناعة الاسلحة والصواريخ ونقل السلع المصرية الى آسيا الوسطى عبر ايران باقل تكلفة ، ونقل السلع الايرانية الى افريقيا عبر مصر وكذلك تستفيد ايران اقتصاديا من مصر في نقل السلع الى افريقيا والاستفادة من هذه العلاقة في تعظيم الترويج للسياحة بين البلدين ، هل تعلمون أن حجم التبادل التجاري بين ايران والامارات العربية عام 2011 وصل الى 13 مليار دولار ، وان حجم السياحة بين البلدين 32 رحلة يوميا ومع ذلك لم نسمع أن الإمارات تشيعت !!، فما بالكم بالفوائد التي ستعود على ايران ودولة كبرى ومحورية بحجم مصر ؟!

وأقولها للرئيس السيسي إذا كنتم قد طالبتم من قبل بسلام دافئ مع الكيان الصهيوني المحتل الذي يعيث فسادا في الاراضي الفلسطينية والمقدسات ويستبيح حرمة المسجد الاقصى ويخطط لتدمير المنطقة لاجل الحلم بالامبراطورية الاسرائيلية من النيل للفرات ، وهي دعوة في رأيي خالصة لانها تدعو للسلام وكان اجدر باسرائيل كمحتل ان تبادر بها قبلكم ، فلماذا لا تطالبون بعودة العلاقات والسلام الدافئ مع ايران التي تقف ضد مخططات اسرائيل في المنطقة مع انها دولة إسلامية ووقفت مع مصر ضد إسرائيل في حرب اكتوبر وباعتراف السادات نفسه ؟ فمصر اكبر واعظم من ان تتخاصم او تقاطع دولة ارضاء لدولة اخرى او لكيان محتل او لاسرائيل ، لان هذا لا يصب ابدا في صالح مصر في المنطقة كدولة قائدة ورائدة ومحورية لا تقبل املاءات او ضغوط من احد ، تحاوروا مع ايران بشكل ندي وانسفوا مخطط الصهيونية العالمية لاغراق مصر والعالم العربي في حرب مذهبية .. فكروا في الامر جيدًا واخترقوا بجرأة هذا الملف .
[email protected]

المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط