رواياته لم تكن مجرد أعمال أدبية، بل كانت مبادرة من طرفه لاستعادة الأبطال المنسيين بسبب الإهمال التاريخي، بين صفحات كتبه، تنبعث في كتابات الكاتب سامح الجباس حكايات أبطال تجاهلتهم الصفحات التاريخية رغم أثرهم الكبير على مجريات الأحداث، من خلال إظهار لشخصيات مثل دكتور داهش وعزيز ضومط، أعاد إحياء ذكريات لا يمكن نسيانها، مؤكدًا بأن تاريخنا يستحق أن تُكتب قصصه كاملة، بما في ذلك دور الأبطال المنسيين الذين ساهموا بشكل كبير في تاريخنا الوطني.
كيف بدأت رحلتك في الكتابة؟ وما الذي حفزك كطبيب على اهتمامك بالأدب؟
عندما نشرت كتابي الأول في عام 2006، كان ذلك حلمًا يتحقق بالنسبة لي، في رؤيتي، كانت الكتابة شغفًا شخصيًا بينما كانت الدراسة الأكاديمية تمثل الحياة العملية، في البلدان العربية، يجب على الكتّاب أن يكون لديهم مصدر رزق آخر بسبب طبيعة القطاع الثقافي هناك، بينما يمكن للكتّاب في الدول الأوروبية أن يكرسوا أنفسهم للكتابة نظرًا لشعبية كتبهم وانتشارها الواسع.
أمثلة من كتّابنا الكبار كنجيب محفوظ وتوفيق الحكيم ومحمد حسنين هيكل يُظهرون كيف كان عليهم موازنة العمل الثابت مع الكتابة، بالنسبة لي، كانت الكتابة حلمًا تحقق في عام 2006 واستمرت حتى اليوم، إحساس الإنجاز الذي يأتي مع كتابة الأفكار والقصص يعتبر من أروع الأشياء على الصعيدين الشخصي والإنساني بالنسبة لي.
دائمًا كنت أعتقد أن مصر تزخر بالعلماء والصيادلة أكثر من الكتّاب، ولكن من خلال جهودي الشخصية في الكتابة، أشعر بأنني أحقق ذاتي.
ما الذي يجذبك نحو كتابة قصص تتناول شخصيات غامضة؟
منذ عام 2019، بدأ اهتمامي بالشخصيات الحقيقية التي تم تجاهلها وإغفالها في التاريخ ينمو بشكل كبير، خاصة بعد روايتي "نادي النيل الأسود السري"، أعتقد أن دور الكاتب في إبراز هذه الشخصيات المنسية أمر بالغ الأهمية، فغالبًا ما تكون الروايات تتناول شخصيات خيالية، وحتى عندما نلجأ إلى الشخصيات التاريخية، يكون النمط التقليدي هو السائد.
أنا مشتاق لهذا الجانب من الكتابة، حتى الحد الذي لم أكتب عن أي شخصية مشهورة، لأنني أجد الجاذبية في الاكتشاف وإعادة اكتشاف هذه الشخصيات المنسية، أنا مؤمن تمامًا بعبارة لناقد فني نمساوي مشهور تقول: "وظيفة الفن هي أن يفتح الأبواب المغلقة".
قدمت سبع شخصيات تم تجاهلها في تاريخ "نادي النيل الأسود السري" و"رابطة كارهي سليم العشي"، وكان من بينها الدكتور داهش وبوسطة عزيز ضومط، حيث كنت أول روائي يكتب عنهما في الوطن العربي، فأنا أستمتع باكتشاف الشخصيات وإعادة إحيائها، وأشعر بسعادة عندما يبحث القراء عن الشخصيات التي أكتب عنها.
بعد كتابة ثلاث روايات في هذا السياق، بدأت أشعر بشعور غريب شخصيًا، وهو واجبي تجاه إعادة النظر في شخصيات مهمة تم تجاهلها في التاريخ بالرغم ما قدمته من إنجازات كبيرة.
كيف تعرفت على شخصية سليم العشي ولماذا استغرقت 3 سنوات للإعداد لكتابة قصته؟
عندما قررت الكتابة عن الدكتور داهش، وجدت البحث عن المصادر أمرًا صعبًا للغاية استمر البحث لمدة ثلاث سنوات، حيث بدأ اهتمامي بالشخصية في عام 2017، بدأت رحلة البحث بتفاصيل دقيقة حيث كان قد ذكر في نحو 150 كتابا، ولكن دون أي أثر واضح لأعماله، بدأت البحث في المكتبات القديمة والأماكن التي تبيع الكتب النادرة دون جدوى، وواجهت تحديات كبيرة في العثور على معلومات عبر الإنترنت.
تحولت هذه التحديات إلى تحد شخصي داخلي كبير، لكن بعد فترة وبإلهام شديد، بدأت في جمع المعلومات بشكل نظامي ومنهجي، مستلهمًا من مقولة لتشارلز ديكنز التي تقول: "حتى أكبر الأبواب وأضخم الأقفال لها مفاتيح صغيرة"، قمت بتجميع معلومة تلو الأخرى حتى تمكنت من إنشاء ملف ضخم يحتوي على جميع المعلومات والصور المتعلقة بالشخصية.
أما بخصوص عزيز ضومط، استمر البحث عنه لمدة عام ونصف، حيث كان يشكل جزءًا مهمًا من الرواية، تدور القصة في إطارين، الأول حول عزيز والثاني حول مصر في نفس الفترة الزمنية، متناولة جماعة تسمى جماعة القمصان الزرق التي لم يسبق كتابة روايات عنها. كيف تكونت هذه الجماعة وفكرتها تعتبر جزءًا مهمًا من الرواية التي كتبتها.
من أين اكتسبت المعلومات حول سليم العشي وسط ندرة المصادر؟
عندما عثرت على معلومة بسيطة عن دكتور داهش بطريقة مصادفة في كتاب، لم أكن أعلم أن هذا الاكتشاف سيقودني إلى رحلة استكشاف شيقة ومثيرة، تلك العبارة التي وصفته بأنه ساحر وقارئ للأفكار، والتحدي الذي واجهه من رئيس الجمهورية اللبنانية، أثار اهتمامي وفضولي، بدأت رحلتي في البحث عن هذا الشخص الغامض، ورغم كونه كتاباً كبيراً، إلا أنني واجهت صعوبة في العثور على أي معلومات إضافية حوله أو عن كتبه.
كانت البحث المستمر يومًا بعد يوم يكشف لي المزيد من الألغاز والغموض حول شخصية دكتور داهش، اكتشفت وجود مجلة تحمل اسم "الصرخة" التي كانت تُنتج في التلاثينيات، ووجدت في إصدارات قديمة منها إعلانات تشير إلى زيارة دكتور داهش لمصر في تلك الفترة. مواصلة البحث أدتني إلى اكتشاف أخرى، حيث كانت هناك مجلة تدعى "علم الروح" في الخمسينات تتحدث عنه، وهو ما أضاف لغزًا آخر لرحلتي.
قمت بتجميع كل المعلومات التي توصلت إليها وبدأت في رسم خريطة لحياة وأعمال دكتور داهش، استمريت في البحث والتحقق من الأدب المصري، حيث وجدت أسماء مشهورة مثل نجيب محفوظ وتوفيق الحكيم ويوسف إدريس، والتي كانت تحمل بصماته في أعمالهم، بدأت أكتب رواية مستوحاة من هذه الاكتشافات بشكل يتناسب مع تقنياتي وأسلوبي الخاص.
بعد سنوات من العمل الدؤوب، صدرت الرواية التي كتبتها، وبدأت تلقى اهتمامًا واسعًا من القراء في مصر والوطن العربي، تحولت الرواية إلى موضوع للمناقشات والندوات، حيث بدأ الناس يتواصلون معي لمشاركة معلوماتهم وآرائهم حول دكتور داهش، وما زالت الألغاز تحيط بشخصيته حتى بعد وفاته في الثمانينات، حيث يبدو أن كتبه وسيرته ما زالت ممنوعة ومحظورة حتى يومنا هذا.
ما قصة فكرة "بوسطة عزيز ضومط" وكيف وجدت الإلهام لاكتشاف تلك الشخصية؟
باستمرار، تغمرني شغفٌ بالقراءة والاستكشاف، وفي إحدى المرات، كنت أكتب رواية جديدة تنتمي لفترة زمنية محددة في مصر، تدور حول "جمعية القمصان الزرق"، وبينما كنت مستغرقا في كتابتي، كانت عبارة عن دراسة حول لجنة جائزة نوبل تقع بين يديّ.
خارج البلاد، توجد قوانين تحكم كشف الوثائق السرية بعد فترة زمنية محددة، وكانت هذه المعلومات تثير اهتمامي، فخلال جلسات قراءة حول جائزة نوبل في الأدب، وجدت نفسي مفاجأً بوجود معلومة غريبة؛ في الثلاثينات، كان هناك كاتب عربي مجهول يُدعى عزيز ضومط كان ضمن قائمة المرشحين للجائزة، تلك الاكتشافات دفعتني للتحقيق أكثر، إذ وجدت نفسي في مأزق بحثي عن هذا الكاتب الغامض، حيث كانت معلوماته شحيحة بشكل استثنائي، ولم أجد سوى صورتين له، وبدأت رحلة بحث طويلة لفهم سبب نجاحه وغموض شخصيته.
تمامًا كما كانت روايتي تركز على "جمعية القمصان الزرق"، قررت إدراج عزيز ضومط في هذه القصة، مما أدى إلى تعثر كتابتي لمدة عام ونصف، إذ لم أجد أية معلومات تفصيلية تكشف عنه، تساءلت عن أعماله الأدبية ومسرحياته، وسبب عدم شهرته، وتوجهت للبحث عن أثره الثقافي، الأمر الذي أدى لنجاح كبير للرواية بعد تضمين شخصية عزيز ضومط.
تفاجأت بعد ذلك بأن الأدباء الفلسطينيين كانوا أول من ناقشوا معي قصة عزيز ضومط، ورغم ذلك، لم يُذكر اسمه في موسوعة أدبية صادرة في بريطانيا، كان عزيز ضومط ليس فقط كاتبًا مرشحًا للنوبل، بل كان أيضًا ناقدًا مسرحيًا، ولكن تم تغييبه بسبب علاقاته الغامضة وتعقيداته الشخصية، بما في ذلك علاقته بيهود فلسطين وزواجه من ألمانية، وعمله في الإذاعة الألمانية ما جعله يتبنى مواقف تؤيد النازية وأقيمت بعد وفاته جنازة عسكرية كما ان المانيا كرمته.
من هم جمعية القمصان الزرق حدثنا أكثر باستفاضة؟
تسللت إلى فكرة كيفية السيطرة على عقول الناس، سواء سياسيًا أو دينيًا، وبينما يركز الجميع على الأفكار الشائعة، فإني بطبيعتي أناضل ضد التيار السائد، قبل أن أخوض في كتابة رواية، أبحث دائمًا عما إذا كانت الفكرة قد تم تناولها من قبل، إذا وجدت شيئًا مشابهًا، فإنني أمتنع عن الكتابة، لأنني أفضل أن أكون مختلفًا وأن تكون كتاباتي فريدة، لم أكن مهتمًا بمواضيع غسيل الأدمغة أو التطرف الديني، بل كانت فكرة السيطرة على عقول الناس تثير اهتمامي.
تذكرت جماعة "القمصان الزرق" التي نشأت في منتصف الثلاثينيات، والتي تعتمدت على فكرة تأسيس سلطة موازية. كانوا يقنعون جماعة معينة من أتباع حزب الوفد بأفكار محددة وولاء لزعيمهم مصطفى النحاس، دون ولاء للدولة، كانوا يضعون هؤلاء الأشخاص فوق القانون، وكانوا ينتقمون من كل من ينتقد حزب الوفد بأي شكل من الأشكال، كانت هناك استثناءات حيث كانت الشرطة المصرية محظورة من التدخل معهم.
هذه الفكرة أثارت اهتمامي، وبدأت في البحث عن كيفية إقناع هؤلاء الأشخاص، جلبت الأدلة والبراهين على كيفية تغيير أفكار الأفراد إلى حد تغيير أفكار مجتمعاتهم، مثلما حدث مع طه حسين وعباس العقاد، كل هذا وثق بالأحداث، وكيف يمكن صنع شخص يكون حبيبًا أو عدوًا، وفقا لما تريده الجماعية.
مشروعك الادبي الجديد كان أول نشر فيه هو كتاب محفوظ والسحار حدثنا عنه؟
أثناء كتابتي للرواية، أجد شغفًا خاصًا بالجانب البحثي في عصر الرواد، يُثير اهتمامي العميق العمل على مشروع شامل لإعادة النظر في سبعين عامًا من الأدب المصري، في هذا المشروع، يتعاون كاتابين مع بعضهم على الرغم من أن الدراسات السابقة عادةً تركز على كاتب واحد، إلا أنني اخترت دمج أعمال كاتبين في كتاب واحد، يتعلق الأمر بنجيب محفوظ وعبد الحميد حودة السحار، حيث كان السحار ناشر نجيب لمدة تزيد عن 60 عامًا.
قبل التعاون مع السحار، لم يكن هناك ناشر ينشر أعمال نجيب في بداية مسيرته الأدبية، بدأت علاقة النشر بينهم عندما اكتشف السحار موهبة نجيب وبدأ في نشر أعماله،في كتابنا، قمنا بتوضيح العلاقة الإنسانية والأدبية بينهما، وكذلك الأفكار المتشابهة والمختلفة التي تناولوها معًا، مدعمين ذلك بالأدلة والجداول العلمية، قمت بإجراء مقارنات دقيقة، واستمر هذا المشروع في الكتاب الذي صدر منذ شهر، مواصلاً نفس الجهد والتركيز في تطوير هذا المشروع البحثي.
لماذا اخترت كتابة عن يوسف ادريس ومحمود البدوي في "تشيكوف مصر"؟
بحثي الجديد يركز على تشيكوف المصري، وهو تكملة لمشروع سابق في عالم القصة القصيرة، استمرت جهودي في هذا المشروع للبيحث عن 40 عامًا من القصة القصيرة، بدءًا من الثلاثينيات وصولًا إلى بداية الثمانينيات، جاءت فكرة هذا البحث بعد قراءتي لحوار نشر عام 2004، تحدث فيه نجيب محفوظ عن محمود البدوي باعتباره رائدًا للقصة القصيرة في مصر ومنحه لقب "تشيكوف المصري"، كما قرأت حوارًا آخر مع يوسف ادريس الذي وصف نفسه بنفس اللقب، مما أثار لدي الاستفهام حول هوية تشيكوف المصري.
توجهت بدراستي نحو القصة القصيرة خلال تلك الفترة الزمنية، مبتدئة من ظهور محمود البدوي وانتهاء برحيله، كما شملت أعمال يوسف ادريس وغيرهم، وجدت أن أي دراسة جيدة للقصة القصيرة يجب أن تأخذ بعين الاعتبار السياق الزمني، وأن تكون محددة ومحصورة، بحثي يحتوي على تحليل لتطور القصة القصيرة من حيث الشكل والمضمون، ويشمل مقارنات بين أعمال كتاب مثل محمود تيمور ونجيب محفوظ ويوسف السباعي. كما يقدم الكتاب جداول تفصيلية تستعرض جوانب مختلفة من القصص التي خلّفت بصمات قوية.
بالإضافة إلى ذلك، يركز الكتاب على فترة هامة لم يتم التطرق إليها بشكل كافٍ، ويسلط الضوء على أدبيات بارزة مثل محمود البدوي التي لم تلق اهتماماً كافياً في الدراسات السابقة، بالإضافة إلى ذلك، يقدم الكتاب نظرة شاملة على مختلف المدارس الأدبية التي كان لها تأثير كبير على تطور القصة القصيرة في تلك الفترة.
هل يكون تأثر الخيال كبير في الروايات التي تقدمها؟
في الكتب، يمكننا العثور على المعلومات ومصادرها، بينما في الروايات يجب أن يكون لدينا خيال كبير، الخيال يشكل جزءًا كبيرًا من الرواية، حيث تكون جميع الشخصيات، حتى تلك التي تستند إلى الواقع، ضمن إطار خيالي، بالرغم من أنني أحصل على المعلومة، إلا أنني أعيد صياغتها في سياق خيالي مع شخصيات خيالية، يمكن أن يستند الخيال إلى المعلومات ويتم تقديمها عبر مشاهد روائية درامية خيالية. ومن الصعب في بعض الأحيان مزج الشخصيات الحقيقية مع الخيالية في نفس الرواية.
هل الكتابة بالنسبة لك هي هواية أم دور ثقافي مهم؟
بالنسبة لي، الكتابة تمثل وظيفة أو دورًا ثقافيًا بدلاً من مجرد تسلية، أنا لا أكتب لأغراض الترفيه، وأشارك اعتقاد كافكا بأن الكاتب يجب أن يكون "فأسًا يكسر الجليد المتجمد داخلنا". أعتقد أن دور الكاتب يتطلب تقديم شيء جديد يكسر روتينية الأمور، أو لون جديد يفتح أبوابًا جديدة.
هذا الدور ليس سهلاً، فالدراسة الأدبية التي أقوم بها تتطلب تفانٍ وعمقًا،بالنسبة لبعض الناس، قد يكون كتابة الكتب أمرًا سهلاً، لكن بالنسبة لي، فإن قراءة ودراسة الكتب قد تمثل عملية طويلة وتحتاج إلى تركيز كبير، على سبيل المثال، قرأت 370 قصة لمحمود البدوي فقط، بينما يصل إجمالي عدد القصص إلى حوالي ألف قصة قصيرة، هذا كله من أجل أن أكون قادرًا على كتابة كتاب حول بحثي حول كتاب تشيكوف المصري.
هل لديك لغة وطريقة كتابة مفضلة أم تعتبر كل رواية تفرض لغتها وأسلوبها الخاص؟
أنا مهتم بالتجريد في الكتابة، فمنذ بداية مسيرتي الأدبية وحتى الآن، لم أكتب رواية تشبه الأخرى في أسلوب الكتابة، هذا التنوع يشكل تحديًا مستمرًا بالنسبة لي، حيث يمكنني بسهولة كتابة رواية تقليدية تلقى قبولًا واسعًا، ومع ذلك، يكمن اهتمامي في تحدي نفسي في كل عمل أقوم بكتابته.
على الرغم من شعبية الروايات الكلاسيكية التي تظل حتى اليوم محط أنظار القراء، إلا أنني أجد المتعة في استكشاف أفكار جديدة ومختلفة في كل رواية، بالنسبة لي، تكون فكرة الرواية هي البذرة التي تنمو وتتطور لتصبح جذورًا لعالم الكتابة الخاص بي.
عملية الكتابة بالنسبة لي تمر بثلاث مراحل أساسية. أولًا، تأتي المرحلة الأولى وهي ولادة الفكرة، حيث أبحث عن موضوع يلهمني ويثير فضولي، ثانيًا، يأتي دور المرحلة البحثية والإعداد، حيث أقوم بجمع المعلومات والموارد التي تساعدني على بناء عالم الرواية بشكل دقيق ومتقن، وأخيرًا، تأتي المرحلة الأخيرة وهي الكتابة نفسها، حيث أبدأ في تطبيق التكنيكات والأساليب الخاصة بي لجعل القصة تنبض بالحياة وتلتقط اهتمام القراء.
هل تعتقد أن الجوائز تصنع الكتّاب أم يضيف الكتّاب قيمة للجوائز التي يحصلون عليها؟
الجوائز الأدبية تمنح الكتاب شهرة واسمًا يعرف به، فأنا أقرأ روايات ممتازة لكن بسبب عدم فوزها بجوائز، قد لا تحظى بالاهتمام الكافي من الجمهور، هذه الروايات التي تمر بمرور الكرام قد تكون مجهودا رائعا ولكن تفتقر إلى التعريف الواسع.
في بعض الأحيان، تكون هناك روايات تفوز بجوائز، ولكن عند قراءتها، قد تظهر مشاكل تقنية أو قصصية، ومع ذلك، بفضل الجائزة التي حازت عليها، يتمكن هذا النوع من الأعمال من لفت الانتباه والنجاح بشكل كبير، حيث تلعب الجوائز دورًا مهمًا في تسليط الضوء على الرواية والكاتب.
في السنوات الأخيرة، أصبحت الجوائز الأدبية تلعب دورًا أكبر في تعزيز الأعمال الأدبية والكتّاب كمتألقين في مجال الكتابة، نحن ككتاب بحاجة ماسة إلى هذا التعريف والاعتراف الذي توفره الجوائز، حيث يساهم ذلك في رفع مستوى الوعي الثقافي ودعم الأدب بشكل عام.
كيف ترى المشهد الثقافي في مصر حاليًا؟ وما رأيك في النشر لكل من يرغب في الكتابة، خاصة مع رؤية واضحة في معارض الكتب؟
عندما يتم ذكر كلمة "ضوابط"، يمكن للناس أن يفهموا أنها تعني قيودًا أو إجراءات قاسية ومع ذلك، الضوابط في الواقع تكون لصالحهم، حيث تساعد على تجنب الفوضى التي تؤدي إلى نتائج سيئة، فالتخطيط والقواعد أمور أساسية لنجاح أي مجال، وأعتقد أن أحد أهم القواعد في الكتابة هو أن يكون الكاتب موهوبًا.
هناك أعمال أدبية، حتى اليوم، لا أدري كيف تم نشرها، فقد يكون الكاتب غير موهوب أو ليس لديه موهبة الكتابة، قد يكون الكاتب ذا قدرات ضعيفة أو قارئًا سيئًا، مما يؤدي إلى نشر أعمال غير متميزة وبالأسف، زيادة عدد دور النشر يمكن أن تكون سلاحًا ذو حدين، حيث يتم نشر أعمال جيدة لصالح القراء، بينما هناك العديد الذين ينشرون أعمال ضعيفة بهدف الربح فقط.
رغم اعتراضي على ذلك، إلا أنني أرى أنه يجب وجود محرر ومراجع لغوي ومنسق للنص، نظرًا لاحتمالية حدوث أخطاء في الكتابة، أحيانًا، أشعر بالأسى عندما أرى أعمالًا ضعيفة تُنشر، ويتم ترويجها على وسائل التواصل الاجتماعي، مما يؤدي إلى تقسيم المشهد الثقافي بين أعمال متفوقة وأخرى لا تلقى الاهتمام.
أنا أفضل الأعمال التي تترك بصمة حتى لو لم تحصل على جوائز، ولكن يكفي اهتمام القراء بها. ومع ذلك، المشكلة تكمن في زيادة عدد دور النشر الخالية من الهوية وسهولة النشر لأي شخص. بالتالي، فرض ضوابط يهدف إلى حماية مستوى القراءة يعتبر ضروريًا، حيث أرى أن الكتابة لها قدسية تتطلب الاحترافية والجودة.
هل تعتقدين أنه من الممكن تحويل أعمالك الروائية إلى أعمال درامية؟
حتى الآن، تظل الدراما مفصولة عن الأدب، على الرغم من أن الأدب هو الذي أسس لتطور الدراما منذ بداياتها، ولم تشهد الأعمال الادبية حتى الآن تقديرًا كافيًا، وهذا المفهوم يمتد أيضًا للعديد من الأعمال الجيدة الأخرى، فأنا لدي العديد من الاعمال الجيدة الحاصلة على جوائز ويمكن تحويلها إلى أعمال درامية.
ما هي الأعمال القادمة التي تخطط لكتابتها؟
لدي رواية جديدة من المفترض عرضها في معرض القاهرة الدولي للكتاب2025 ترسم فكرة شخصية فريدة ومميزة، يجسد هذا العمل الأدبي القادم جهودًا لتقديم منظور جديد ومختلف يستحق الاهتمام والتأمل.