أعلنت إدارة الحوار الوطني برئاسة الكاتب الصحفي ضياء رشوان، المنسق العام، بدء الاستعدادات لمناقشة قضية الدعم، والتي كانت الحكومة قد أحالتها للحوار الوطني خلال الفترة الماضية.
ويعقد مجلس أمناء الحوار الوطني اجتماعا يوم الإثنين 30 سبتمبر الجاري، بحضور المقرر العام والمقرر العام المساعد للمحور الاقتصادي بالحوار الوطني، لاستعراض وإقرار الإجراءات المطلوبة لضمان مناقشة القضية من كافة جوانبها، وعلى نطاق واسع يضمن مشاركة جميع المعنيين من خبراء ومتخصصين وجهات سياسية ومؤسسات تنفيذية ومجتمعية.
وقال الدكتور رائد سلامة، مقرر مساعد لجنة التضخم وغلاء الأسعار بالحوار الوطني، إنه من المهم أن ننظر لقضية الدعم بتجرد وبعيدا عما اسميه بالسلفية الاقتصادية التي تبحث عن حلول لمعضلات الحاضر، إما بالتمسك بحلول الماضي التي لا تتناسب مع ظروف زمننا أو أنها تبحث فيما قامت به مجتمعات أخرى في سياق ظروف مختلفة تماما سواء سياسيًا أو اجتماعيًا أو اقتصاديًا.
برنامج "بولسا فاميليا"
وأضاف "سلامة" - في تصريحات لـ "صدى البلد" من هذه الزاوية يمكنني أن أقول أنه لا قداسة من أي نوع لأي جهد ذهني أو حلول نقدمها فيما يتعلق بالدعم، متابعا: يجب فقط أن يكون المقدس الوحيد لدينا ونحن نبحث في موضوع الدعم أن يصل الدعم لمستحقيه دون هدر ودون أي آثار جانبية اقتصادية أو اجتماعية.
وأردف "سلامة": بالتالي فقد يكون من الأصح دراسة تقديم نوع مختلط من الدعم يجمع ما بين الدعم العيني على سلع بعينها والدعم النقدي للأسر التي تعاني من الفقر والفقر المدقع بشروط معينة كشروط برنامج "بولسا فاميليا" البرازيلي الذي كان يمنح مبالغ نقدية للأسرة بشرط أن تتسلم الزوجة مبالغ الدعم وبشرط أن تستمر الأسرة في تعليم أبنائها وتوفير الرعاية الصحية لهم، فإن حدث تسرب للأبناء من التعليم أو أن لم يتم تطعيمهم على سبيل المثال، فكان الدعم يتوقف عنهم تماما، مشددا: بهذا ضمنت حكومة البرازيل استمرار الأطفال في التعليم وفي نيل الرعاية الصحية الواجبة فساهم ذلك في تطوير التنمية.
وبحسب ما نشرته صفحة مجموعة البنك الدولي بعد إنشاء البرنامج بعدة سنوات، فيمثل برنامج "بولسا فاميليا" مبادرة اجتماعية مبتكرة من قبل حكومة البرازيل في العام 2005، وكان يقوم البرنامج حينها، بخدمة 11 مليون أسرة برازيلية يزيد عدد أفرادها عن 46 مليون نسمة، أي ما يشكل نسبة كبيرة من السكان المحدودي الدخل في البلاد.
وبموجب هذا البرنامج، تحصل الأسر الفقيرة التي تعول أطفالا على تحويلات نقدية مباشرة تبلغ في المتوسط 70 ريالا برازيليا "أي ما يعادل حوالي 35 دولارا أمريكيا" - بحسب "قيمة العملة وقتها مقابل الدولار"، فيما تلتزم الأسر الفقيرة في مقابل ذلك بالحفاظ على مواظبة أطفالها على الدراسة، فضلا عن امتثالها لتطبيق مجموعة من الضوابط المتعددة في إطار خدمات الرعاية الصحية الممنوحة لها.
وبناء على ما سبق، فإن برنامج "بولسا فاميليا" يحقق نتيجتين هامتين هما:
- المساعدة على تخفيض أعداد الفقراء
- تشجيع الأسر على الاستثمار في أطفالها، وهو ما يؤدي بدوره إلى كسر حلقة توارث الفقر بين الأجيال والحد من انتشار الفقر وتفشيه في المستقبل.
ويواصل "سلامة" حديثه: يجب علينا إذن دراسة تجارب الآخرين لا لاستنساخها في سلفية اقتصادية ممجوجة ولكن لاستلهام الدروس منها بما يتلائم مع ظروف مجتمعنا، ولأجل حماية السلم الاجتماعي مع التنسيق بين السياسات المالية والنقدية والأقتصادية.
وقال مقرر مساعد لجنة التضخم وغلاء الأسعار بالحوار الوطني، إنه شخصيًا يتبنى رؤية تعتمد على خليط بين النظامين النقدي والعيني، ونجاح هذا النظام المختلط من وجهة نظره يقوم على الشفافية التامة والقدرة على تطويع ومرونة الحلول لصالح التنمية التي تقع في مرتبة أعلى من مجرد النمو مع العمل بشكل فوري وسريع على تغيير نمط الاقتصاد المصري ليتحول من إستهلاكي ريعي إلى إنتاجي تنموي يضمن وظائف دائمة ويحمي الصناعة الوطنية بما يؤدى إلى القضاء المبرم على مشكلة العملة الاجنبية التي تؤثر يشكل مباشر على الدعم.
فيما أوضح مجلس أمناء الحوار الوطني، أنه منذ اليوم الأول لبدء المشاورات حول ترتيبات مناقشة قضية الدعم، ألزم المجلس نفسه بأن تتم هذه المناقشة بتجرد وحياد كاملين منه، دون الميل - كمجلس - لتطبيق أحد النظامين العيني أو النقدي، ليكون دوره - كالمعتاد - هو توفير بيئة حوارية تتسع لمشاركة كل الأراء والمقترحات.
وللوصول لتوصيات تعبر عن كافة مدارس الفكر والعمل في مصر، يتم رفعها لرئيس الجمهورية، فسوف يستعرض مجلس الأمناء في اجتماعه القادم أشكال الجلسات العامة والتخصصية التي ستتم المناقشة عبرها، وذلك بمشاركة ذوي الخبرة والتخصص وجميع القوى والتيارات والوزارات والمؤسسات ذات الصلة، مؤكدا ثقته الكاملة في اجتماع كل هؤلاء على حب الوطن وإيثار المصلحة العامة وما هو أكثر نفعًا وجدوى للمواطن المصري صاحب الشأن والحق.
وأعلنت الأمانة الفنية للحوار الوطني عن بدء استقبال المقترحات والتصورات المكتوبة من جميع الكيانات والجهات التي ترغب في المشاركة عن طريق وسائل التواصل المعلنة (إيميل/ واتس آب)، وذلك خلال الأسبوعين القادمين بداية من اليوم، وحتي يوم 10 أكتوبر، ليقوم مجلس الأمناء بإدراجها ضمن جدول الجلسات التي سيحددها ويعلن عنها، لتنطلق الجلسات في أقرب وقت خلال الفترة القادمة.