EN
لعل ما يطرح السؤال عن هل يجوز للمرأة السفر وحدها بدون محرم للعمل أو الدراسة وما نحوها من الأسباب؟ هو أن الوقت الراهن وضع مسؤليات على عاتق المرأة فخرجت للعمل وارتقت المناصب ، التي جعلتها تضطر للسفر، فيما يتعذر عليها وجود محرم ، ومن ثم فهذه الظروف طرحت السؤال عن هل يجوز للمرأة السفر وحدها بدون محرم للعمل أو الدراسة وما نحوها من الأسباب؟.
هل يجوز للمرأة السفر وحدها
قالت وسام الخولي، أمينة الفتوى بدار الإفتاء المصرية، إن الشريعة الإسلامية وضعت أحكامًا خاصة بسفر المرأة نظرًا للمشقة والتعب الذي قد يتعرض له المسافر.
وأوضحت “ الخولي” في إجابتها عن سؤال: هل يجوز للمرأة السفر وحدها بدون محرم للعمل أو الدراسة وما نحوها من الأسباب؟، أن الشريعة تأخذ في اعتبارها أن الرجل قد يتحمل عناء السفر، بينما قد تجد المرأة صعوبة أكبر بسبب كونها كائنًا ضعيفًا.
وأفادت بأن النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع شدد على أهمية حماية المرأة وصيانتها، ولذلك نصت الشريعة على ضرورة سفر المرأة برفقة محرم، منوهة بأن الأصل فى سفر المرأة تكون بمحرم لكن الظروف تغيرت.
ونبهت إلى أن الأصل في سفر المرأة هو أن تسافر فقط مع محرم، ، وذلك حفاظاً على أمانها وصيانتها، ولكن الوضع قد يتغير مع توافر وسائل النقل الحديثة وتواجد رجال الأمن في كل مكان، حيث قد تكون هناك مرونة في بعض الظروف.
واستشهدت بحديث النبي صلى الله عليه وسلم: "لا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم"، مضيفة : إذا كانت المرأة تسافر برفقة أمنية وتستطيع الحصول على حماية كافية، ولها إذن من وليها أو زوجها، فإن بعض العلماء يرون أنه في هذه الظروف يمكن أن تكون هناك مرونة في تطبيق هذا الحكم.
حكم سفر المرأة من غير محرم
وكانت دار الإفتاء المصرية، أفادت بأنه يجوز للمرأة أن تسافر بدون مَحرَم بشرط اطمئنانها على الأمان في دينها ونفسها وعرضها في سفرها وإقامتها وعودتها، وعدم تعرضها لمضايقاتٍ في شخصها أو دِينها.
ودللت بما ورد عنه صلى الله عليه وآله وسلم فيما رواه البخاري وغيره عن عَدِيّ بن حاتم رضي الله عنه أنه قال له: «فإن طالَت بكَ حَياةٌ لَتَرَيَنَّ الظَّعِينةَ -أي المسافرة- تَرتَحِلُ مِنَ الحِيرةِ حتى تَطُوفَ بالكَعبةِ لا تَخافُ أَحَدًا إلاّ اللهَ»، وفي رواية الإمام أحمد: «فو الذي نَفسِي بيَدِه لَيُتِمَّنَّ اللهُ هذا الأمرَ حتى تَخرُجَ الظَّعِينةُ مِن الحِيرةِ حتى تَطُوفَ بالبَيتِ في غَيرِ جِوارِ أَحَدٍ».
وبينت أن ِمن هذا الحديث برواياته أخذ جماعة من الفقهاء المجتهدين جوازَ سفر المرأة وحدها إذا كانت آمنة، وخصصوا بهذا الحديث الأحاديثَ الأخرى التي تُحَرِّم سفر المرأة وحدها بغير مَحرَم؛ فهي محمولة على حالة انعدام الأمن التي كانت من لوازم سفر المرأة وحدها في العصور المتقدمة.
ونوهت بأنه قد أجاز جمهور الفقهاء للمرأة في حج الفريضة أن تسافر بدون محرم إذا كانت مع نساء ثقات أو رفقة مأمونة، واستدلوا على ذلك بخروج أمهات المؤمنين رضي الله عنهن بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم للحج في عهد عمر رضي الله عنه وقد أرسل معهن عثمان بن عفان ليحافظ عليهن رضي الله عنه.
ولفتت إلى أنه قال الإمام أبو الحسن بن بطال المالكي في "شرح البخاري" (4/532، ط. مكتبة الرشد): [قال مالك والأوزاعي والشافعي: تخرج المرأة في حجة الفريضة مع جماعة النساء في رفقة مأمونة وإن لم يكن معها محرم، وجمهور العلماء على جواز ذلك، وكان ابن عمر يحجُّ معه نسوة من جيرانه، وهو قول عطاء وسعيد بن جبير وابن سيرين والحسن البصرى، وقال الحسن: المسلم مَحْرَمٌ، ولعل بعضَ مَن ليس بمَحْرَمٍ أوثقُ مِن المَحْرَم] اهـ.
ومما سبق يتبين لنا أن توفر الأمن هو المعول عليه عند الفقهاء في الإقدام على السفر والامتناع منه.
وأضافت أن الذي عليه الفتوى أن سفر المرأة وحدها عبر وسائل السفر المأمونة وطرقه المأهولة ومنافذه العامرة؛ من موانئ ومطارات ووسائل مواصلات عامَّة، جائز شرعًا ولا حرج عليها فيه؛ سواء أكان سفرًا واجبًا أم مندوبًا أم مباحًا، وأنَّ الأحاديث التي تنهى المرأة عن السفر من غير محرم محمولة على حالة انعدام الأمن، فإذا تَوَفَّرَ الأمن لم يشملها النهي عن السفر أصلًا.
