تسلمت السفارة المصرية في لاهاي بهولندا تمثال من الأوشابتي، وجزء من تابوت ملون، ورأس مومياء من العصر المتأخر والتي أَثبتت التحقيقات خروجها من مصر بطريقة غير شرعية نتيجة الحفر خلسة وليس من أي متحف أو مخزن أو موقع أثري.
خبير الآثار الدكتور عبد الرحيم ريحان قال إن استرداد آثار خرجت من مصر ناتج الحفر خلسة وهى بالطبع غير مسجلة فى عداد الآثار ويستحيل عودتها فهذا يعد إنجاز كبير لمصر وللمجلس الأعلى للآثار وإدارة الآثار المستردة على حرصها على تتبع صالات العرض الدولية لبيع الآثار ورصد الآثار المصرية بها علاوة على العلاقات الدولية المتميزة مع مصر وتقدير دورها الحضارى يساهم فى عودة العديد من الآثار.
أسباب سرقة الآثار
وأضاف: الحفر خلسة زادت حدته بعد فوضى يناير 2011 وساهمت بعض الفتاوى الضالة فى ذلك الوقت فى انتشارها بشكل كبير لدرجة أن معظم منازل القرى حاليًا تحفر للبحث عن الآثار وتهريبها وظهر الغناء الفاحش على العديد من الأفراد فجأة نتيجة الحفر وتهريب الآثار، هذا فى ظل قانون محلى يحتاج إلى التعديل وعدم إحكام الرقابة الدقيقة على استخدام المنقبون بشكل غير شرعى للتكنولوجيا الحديثة والأجهزة المهربة علاوة على عدم توافر كل الإمكانيات المادية من أجهزة وأفراد وتقنية عالية لدى الأجهزة المعنية لإحكام الرقابة.
أبعاد كثيرة
وأكمل: الموضوع شائك وله عدة أبعاد أثرية وقانونية ودينية واجتماعية ودولية. وبخصوص الحفر خلسة أو التنقيب غير الشرعي فهو مخالف للمادة 32 من قانون حماية الآثار رقم 117 لسنة 1983 وتعديلاته التي تنص على أن السلطة المختصة بأعمال التنقيب عن الآثار فوق الأرض وتحت الأرض والمياه الداخلية والإقليمية المصرية هي المجلس الأعلى للآثار، ويجوز للمجلس أن يرخص للهيئات العلمية المتخصصة والجامعات الوطنية منها والأجنبية بالبحث عن الآثار أو التنقيب في مواقع معينة ولفترات محددة وذلك بعد التحقق من توافر الكفاية العلمية والفنية والمالية والخبرة الأثرية ويكون لهذه الهيئة حق النشر العلمي فقط للآثار المكتشفة، وتضمنت المادة 35 أن تكون جميع الآثار المكتشفة التي تعثر عليها بعثات الحفائر العلمية الأجنبية والمصرية ملكًا لمصر.
عقوبة التنقيب غير الشرعي
أما عن العقوبة أضاف الدكتور ريحان أن عقوبة التنقيب غير الشرعي جاءت في المادة 44 من القانون بأن يعاقب بالسجن المشدد وبغرامة لا تقل عن خمسين ألف جنيه ولا تزيد على مائة ألف جنيه كل من قام بأعمال حفر بقصد الحصول على الآثار دون ترخيص أو اشترك في ذلك ويعاقب بالسجن المؤبد والغرامة التي لا تقل عن خمسين ألف جنيه ولا تزيد على مائة ألف جنيه إذا كان الفاعل من العاملين بالمجلس الأعلى للآثار أو من مسئولي أو موظفي أو عمال بعثات الحفائر أو من المقاولين المتعاقدين مع المجلس أو من عمالهم.
جريمة الحفر خلسة وإخفاء
وجاءت عقوبة جريمة الحفر خلسة وإخفاء الآثار بقصد تهريبها فى المادة 42 فى تعديلات القانون رقم 91 لسنة 2018 كالآتى "تكون العقوبة السجن المشدد مدة لا تقــل عن ثلاث سنوات ولا تزيد على سبع سنوات لكل من قام بالحفر خلسة أو بإخفاء الأثر أو جزء منه بقصد التهريب ويحكم في جميع الأحوال بمصادرة الأثر والأجهزة والأدوات والآلات والسيارات المستخدمة في الجريمة لصالح المجلس.
ونوه الدكتور ريحان إلى إشكالية في هذه العقوبة بأن تكون الأراضي محل التنقيب من الأراضي الأثرية، وأن معظم الحفر خلسة تتم فى مواقع أثرية غير مسجلة ولا تتوافر لها حماية بالقانون حيث أن مصر كلها قابعة على أرض أثرية، وبالتالي فالأراضي من الملكية الخاصة لا تقوم فيها جريمة التنقيب وفى حالة مداهمة أي شخص يحفر أو يقوم بالتنقيب في ملكية خاصة دون العثور على لقى أثرية فلا جريمة وفي حالة القبض علي القائمين بالحفر في ملكية خاصة مع العثور على لقى أثرية تعتبر قضية حيازة للأثر وليست حفر أو تنقيب غير شرعي طبقًا لدراسة قانونية للدكتور محمد عطية مدرس الترميم بآثار القاهرة وباحث دكتوراه في القانون الدولي الخاص.
مكافأة لمن يعثر على آثار
وأوضح الدكتور ريحان أن نظام المكافأة لمن يعثر على آثار لا يساهم أيضًا في تشجيع المواطنين على الإبلاغ عن أعمال التنقيب الغير شرعي أو العثور على قطع أثرية بسبب عيوب المواد 24، 44 من قانون حماية الآثار ومنها تحديد مدة 48 ساعة للإبلاغ عن العثور على أثر من لحظة العثور عليه وإلا يعاقب بتهمة حيازة أثر، كما جعل قيمة الأثر احتمالية وبالتالي إعطاء المكافأة احتماليًا أيضا حيث نصت المادة 24 "وللمجلس إذا قدر أهمية الأثر أن يمنح من عثر عليه وأبلغ عنه مكافأة تحددها اللجنة الدائمة".
وبالتالى فإن اعتبار المكافأة نقدية فقط ليس بالأمر الصائب لأن توفير مخصصات مالية ليس بالأمر السهل وهو ما سوف يؤثر سلبًا علي قيمة المكافأة بحث تصبح عبثية قليلة القيمة بحيث تدفع من يجد أثرًا أن يمتنع عن تسليمه وبهذا سيكون تصرفه التالي هو ارتكاب ما يجرمه القانون كما يجب التحول إلى المكافأة العينية مثل التعيين فى وزارة السياحة والآثار.
وفى النهاية يوضح الدكتور ريحان بأن الثغرات الموجودة فى بنود قانون حماية الآثار رقم 117 لسنة 1983 وتعديلاته المادة 24، 42، 44 تساهم فى زيادة الحفر خلسة واتساع نطاقه وهو ما ينتج عنه تهريب آثار يستحيل عودتها باعتبارها غير مسجلة إلا بالعلاقات الدبلوماسية والاتفاقيات الثنائية ورغبة هذه الدول نفسها فى عودة الآثار لبلد المنشأ وهى مصر.
علاوة على أن الرقابة على الحفر خلسة غير كافية والذى يتطلب حصرًا شاملًا لكل أراضى مصر سواءً داخل نطاق الآثار أو خارجها بإحداثيات وتقنيات علمية لضمان رقابتها بريًا وبحريًا وجويًا.