جدري القرود هو مرض نادر ينجم عن فيروس ينتمي إلى عائلة الفيروسات الجدرية، والتي تشمل أيضاً فيروس الجدري. اكتُشف لأول مرة في القرود في عام 1958، ومن هنا جاء اسم "جدري القرود"، ولكن المرض يصيب أيضاً القوارض وبعض الثدييات الأخرى، بما في ذلك البشر.
وتنتشر الحالات غالباً في دول وسط وغرب أفريقيا، ولكن نادراً ما تظهر حالات في مناطق أخرى، مما يجعل المرض موضوع اهتمام دولي عند حدوث فاشيات خارج نطاقه المعتاد. لا يوجد علاج محدد لجدري القرود، لكن الإجراءات الوقائية والعلاج الداعم يمكن أن تقلل من الأعراض وتعزز من تعافي المرضى.
وبعد إعلان مرض جدري القرود حالة طوارئ صحية عالمية، وهو المرض الذي أودى بحياة أكثر من 575 شخصًا وما زال العدد في تزايد في جمهورية الكونجو الديمقراطية، المركز الحالي للأزمة، وأصاب آلافًا آخرين بالعدوى، يرى العلماء ومسؤولو الصحة العامة أن هذا الوباء كان من الممكن تجنبه.
ولكن بدلاً من ذلك، تفاقم الوضع بسبب الأخطاء والبيروقراطية والتقاعس عن العمل، مما خلق بيئة مثالية لتحور الفيروس إلى متغير سريع الانتشار تم اكتشافه الآن في تسع دول على الأقل.
فيروس جدري القرود
فيروس جدري القرود، الذي يسبب مرض الجدري، يؤثر على الأطفال والشباب في أفريقيا منذ عقود من خلال الاتصال بالسناجب والقوارض والحيوانات البرية الأخرى التي تحمل هذا الفيروس، ومع ذلك، فإن وتيرة انتقاله من مضيفيه إلى البشر قد تزايدت بشكل ملحوظ دون أي تدخل فعال.
ومن جانبها، أعلنت منظمة الصحة العالمية أن جدري القرود هو عدوى فيروسية يمكن أن تنتقل من شخص لآخر. وينتشر جدري القرود من خلال:
- الاتصال الوثيق عبر ملامسة الجلد للجلد.
- التعامل مع الأشياء الملوثة بمواد ملوثة من المريض.
بينما تشمل أعراض جدري القرود:
- الحمى.
- تورم الغدد الليمفاوية.
- صداع شديد
- آلام في العضلات والظهر.
- شعور بالوهن.
- طفح جلدي أو بثور تظهر بعد 1-3 أيام من الحمى، ويمكن أن تظهر في أي مكان على الجسم.
ووفقًا للمنظمة، تعتمد الرعاية التي يحتاجها الشخص على الأعراض التي يعاني منها ومدى خطورة إصابته. يُنصح الأشخاص المصابون بجدري القرود (mpox) باتباع نصائح مقدمي الرعاية الصحية. تستمر الأعراض عادةً لمدة تتراوح بين أسبوعين إلى أربعة أسابيع، وعادةً ما تختفي من تلقاء نفسها أو مع الرعاية الداعمة مثل الأدوية المسكنة للألم أو الحمى.
ومن المهم لأي شخص مصاب بالعدوى ويعالج في المنزل أن يحافظ على ترطيبه الجيد، ويتناول طعامًا صحيًا، ويحصل على قسط كافٍ من النوم. يجب على الأشخاص الذين يعزلون أنفسهم الاهتمام بصحتهم العقلية من خلال القيام بأنشطة مريحة وممتعة، والحفاظ على الاتصال بأحبائهم عبر التكنولوجيا، وممارسة الرياضة إذا شعروا بأنهم قادرون على ذلك أثناء فترة العزل، وطلب الدعم النفسي إذا لزم الأمر.
وينبغي على المصابين بجدري القرود تجنب حك الجلد والعناية بالطفح الجلدي من خلال:
- تنظيف اليدين قبل وبعد لمس الآفات.
- الحفاظ على الجلد جافًا وغير مغطى (إلا إذا كان يجب أن يكون في غرفة مع شخص آخر، وفي هذه الحالة ينبغي تغطيته بالملابس أو الضمادة حتى العودة إلى العزل).
- الحفاظ على الطفح الجلدي نظيفًا باستخدام الماء المعقم أو المطهر.
- استخدام غسول الماء المالح للقروح في الفم.
- الاستحمام بماء دافئ مع صودا الخبز وأملاح إبسوم لتخفيف آلام القروح.
- استخدام الباراسيتامول لتخفيف الألم الناتج عن الآفات.
وإذا لزم الأمر، واحتاج الشخص إلى مسكنات أقوى للألم، يجب استشارة مقدم الرعاية الصحية للحصول على المشورة المناسبة.
ووفقًا لتقرير نشرته "بلومبيرج"، استمر الفيروس في الانتشار حتى بعد إعلان منظمة الصحة العالمية انتهاء آخر حالة طوارئ عالمية للجدري في مايو 2023. ومنذ ذلك الحين، لم يُخصص أي تمويل لاحتواء انتشار المرض، كما لم تتوفر اللقاحات في أفريقيا لجمهور السكان.
الوضع الحالي في الكونغو يكشف بوضوح نقص الموارد. فالدولة التي يبلغ عدد سكانها حوالي 100 مليون نسمة تُعد من بين أقل الدول نموًا، وهي غير مجهزة بشكل كافٍ لزيادة الوعي بالمرض أو إجراء الفحوصات أو معالجة الوصمة المرتبطة به.
هذا الأسبوع، كشفت منظمة الصحة العالمية عن خطة للتأهب والاستجابة تهدف إلى تنسيق الجهود لمعالجة تفشي مرض جدري القرود، وتسعى للحصول على 135 مليون دولار لتغطية الأشهر الستة الأولى. ستُستخدم هذه الأموال لتحسين المراقبة والتشخيص، مما سيساعد العلماء على فهم أفضل لتحورات الفيروس والأسباب التي تؤدي إلى انتشاره.
ينبغي أن يكون هذا التدخل، الذي طال انتظاره، الخطوة الأولى نحو ضمان اهتمام أكبر بالأمراض التي طال إغفالها والتي تؤثر بشكل رئيسي على أفريقيا وبقية العالم النامي.
ومن جانبها، قالت الدكتورة شيرين علي زكي، رئيسة لجنة سلامة الغذاء والمتابعة الميدانية بالنقابة العامة للأطباء البيطريين، إن الفيروس يصيب القوارض وبعض الثدييات ويمكن أن ينتقل إلى البشر، وغالباً ما ينشط في أفريقيا ولكنه ظهر في دول أخرى بسبب السفر أو استيراد حيوانات ملوثة.
وأضافت زكي في تصريحات لـ "صدى البلد"،أن أعراض جدري القرود تشمل الحمى، الطفح الجلدي، تورم الغدد اللمفاوية، والصداع، وعادة ما تظهر بعد فترة حضانة تتراوح من ثلاثة أيام إلى أسبوعين. يُنقل الفيروس عبر اللمس المباشر للطفح الجلدي أو استخدام الملابس الملوثة أو التعرض لرزاز تنفس المصاب.
ولا يوجد علاج محدد للفيروس، ولكن يتم استخدام أدوية تعزز المناعة والمضادات الحيوية للوقاية من العدوى الثانوية. بعض لقاحات الجدري التقليدية قد توفر بعض الحماية. يمكن أن يسبب جدري القرود ندوباً عميقة وفي حالات نادرة فقدان البصر أو الوفاة.