لاشك أن أهمية السؤال عن ما هي ضوابط العلاقة الزوجية في الإسلام ؟ تنبع من كون الزواج ميثاقًا غليظًا بحسب ما جاء في الكتاب العزيز، فقال تعالى: ( وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَىٰ بَعْضُكُمْ إِلَىٰ بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنكُم مِّيثَاقًا غَلِيظًا) الآية 21 من سورة النساء، ومن ثم لا ينبغي التهاون فيه ، وإنما ينبغي الحرص على معرفة ما هي ضوابط العلاقة الزوجية في الإسلام ؟ والالتزام بها لضمان استقرار الأسرة والعيش بسعادة.
ما هي ضوابط العلاقة الزوجية في الإسلام
قالت الدكتورة هبة إبراهيم، عضو مركز الأزهر العالمي للفتوى، إن الشريعة الإسلامية قد وضعت ضوابط دقيقة لضمان قوة العلاقة الزوجية واستقرار الأسرة.
وأوضحت “ إبراهيم ” في إجابتها عن سؤال : ( ما هي ضوابط العلاقة الزوجية في الإسلام
؟)، أن هذه الضوابط تهدف إلى تعزيز المودة والرحمة بين الزوجين، منوهة بأن الإسلام أولى الأسرة اهتماماً خاصاً، حيث أن الأسرة تُعتبر أساس المجتمع واستقراره.
ونبهت إلى أنه قد جاء في القرآن الكريم العديد من النصوص التي تبين أهمية العلاقة الزوجية، مثل قوله تعالى: ( هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ) الآية 187 من سورة البقرة ، وقال أيضاً: ( خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَٰجًا) الآية 21 من سورة الروم.
وأضافت أنه يوضح القرآن مفهوم السكن والمودة، حيث يقول: (لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً ) الآية 21 من سورة الروم ، مشيرًا إلى أن هذه النصوص تعكس أهمية التفاهم والتعاون بين الزوجين.
وأشارت إلى أن الشريعة الإسلامية تدعو إلى وضع أسس وقوانين لتنظيم العلاقة بينهما منذ بداية عقد الزواج، فمن الضروري أن يتفق الزوجان على كيفية التعامل في حالات الخلاف، وأيضاً على الأشخاص الذين يمكن اللجوء إليهم لحل المشكلات.
كما أوصت بضرورة الالتزام بتوجيهات النبي صلى الله عليه وسلم، التي تضمنت وصايا بالنساء والرجال، مثل قوله: (استوصوا بالنساء خيراً).
العلاقة بين الزوجين في الإسلام
جعل الله عز وجل العلاقة الزوجية قائمة على المودة والسَّكِيْنة والعطف والرحمة بين كِلا الزوجين؛ ليسكن كل منهما للآخر، ولتتوطد أواصر المحبة والرحمة والعطف بينهما، وليتعاون الزوجان في الحياة الزوجية فيما يُرضي الله تعالى ورسوله، يقول الله سبحانه وتعالى: "وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ".
وقد أمرنا الله سبحانه وتعالى في كتابه بحسن معاملة الزوج لزوجته ولزوم معاشرة الزوجات بالمعروف، وجعل ذلك حقاً واجباً، فقال تعالى: "وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا"، وجاء في معنى الآية قول الشوكاني: "قوله: وعاشروهن بالمعروف أي: بما هو معروف في هذه الشريعة وبين أهلها من حسن المعاشرة، وهو خطاب للأزواج أو لما هو أعم، وذلك يختلف باختلاف الأزواج في الغنى، والفقر، والرفاعة، والوضاعة فإن كرهتموهن لسبب من الأسباب من غير ارتكاب فاحشة ولا نشوز فعسى أن يؤول الأمر إلى ما تحبونه من ذهاب الكراهة وتبدلها بالمحبة".
وقد جاءت السنة النبوية مؤكدة لمبدأ حسن معاشرة الزوج لزوجته، فقد أوصى النبي صلى الله عليه وسلم أمته بالنساء، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ، فَإِذَا شَهِدَ أَمْرًا فَلْيَتَكَلَّمْ بِخَيْرٍ أَوْ لِيَسْكُتْ، وَاسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ، فَإِنَّ الْمَرْأَةَ خُلِقَتْ مِنْ ضِلَعٍ، وَإِنَّ أَعْوَجَ شَيْءٍ فِي الضِّلَعِ أَعْلَاهُ، إِنْ ذَهَبْتَ تُقِيمُهُ كَسَرْتَهُ، وَإِنْ تَرَكْتَهُ لَمْ يَزَلْ أَعْوَجَ، فاسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا"، كما جاء عنه صلى الله عليه وسلم في وصيته الكبرى لأمته في خطبة حجة الوداع قوله:" فَاتَّقُوا اللهَ فِي النِّسَاءِ، فَإِنَّكُمْ أَخَذْتُمُوهُنَّ بِأَمَانِ اللهِ، وَاسْتَحْلَلْتُمْ فُرُوجَهُنَّ بِكَلِمَةِ اللهِ".
وعلى الزوج أن يتجاوز عن أخطاء زوجته، ويتجاوز عن بعض هفواتها، فلا تخلو الحياة الزوجية من هفوات ومشاكل، يقول صلى الله عليه وسلم:" لَا يَفْرَكْ -أي لا يبغض- مُؤْمِنٌ مُؤْمِنَةً، إِنْ كَرِهَ مِنْهَا خُلُقًا رَضِيَ مِنْهَا آخَرَ" فأمر النبي صلى الله عليه وسلم الزوج أن يلحظ في زوجته ما فيها من الأخلاق الجميلة، والأمور التي تناسبه، وأن يجعلها في مقابلة ما كره من أخلاقها؛ فإن الزوج إذا تأمل ما في زوجته من الأخلاق الجميلة، والمحاسن التي يحبها، ونظر إلى السبب الذي دعاه إلى التضجر منها وسوء عشرتها، رآه شيئاً واحداً أو اثنين مثلاً، وما فيها مما يحب أكثر، فإذا كان منصفاً غض عن مساوئها لاضمحلالها في محاسنها.
وفي المقابل، يجب على الزوجة أن تحسن عشرة زوجها، فتطيعه في غير معصية لله، فطاعة الزوج من أسباب دخول الجنة، قال صلى الله عليه وسلم:" إِذَا صَلَّتِ الْمَرْأَةُ خَمْسَهَا، وَصَامَتْ شَهْرَهَا، وَحَفِظَتْ فَرْجَهَا، وَأَطَاعَتْ زَوْجَهَا قِيلَ لَهَا: ادْخُلِي الْجَنَّةَ مِنْ أَيِّ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ شِئْتِ"، وعليها أن لا تخرج من بيت الزوجية إلا بإذنه، سواء أكان الإذن خاصاً، أم عاماً، فإن منعها من الخروج لم يجز لها أن تخرج، فإن خرجت فهي آثمة.
ولا ينبغي للزوج أن يمنع زوجته من زيارة والديها ومحارمها ما لم يكن هناك سبب للمنع؛ كأن يكون في خروجها ضرر به أو بأولاده، أو إذا كان يخشى على زوجته أن يفسدوها أو أن يكونوا ممن يحاولون الإيقاع بينه وبين زوجته، ويحاولون إغراءها بعصيانه والتمرد على طاعته، فله حينئذ منعها.