لعل ما يطرح السؤال عن هل قراءة كتب السحر حرام ؟، هو وقوع البعض في هذه المسألة سواء بدافع الفضول أو من باب تعلم السحر، وذلك رغم الكثير من التحذيرات النبوية الشريفة بشأن السحر وعمل الأسحار، والتي نهى فيها رسول الله -صلى الله عليه وسلم - عن السحر وما نحوه من أفعال متعلقة، إلا أن كل هذا لا يزال يطرح سؤالا: هل قراءة كتب السحر حرام ولو من باب الفضول والمعرفة ؟.
هل قراءة كتب السحر حرام؟
قال الشيخ أحمد عبد العظيم، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، إن من يتعامل بالسحر من أولياء الشيطان، منوهًا بأن تعلم السحر وقراءة كتب السحر محرم شرعًا.
وأوضح “ عبد العظيم ” في إجابته عن سؤال : هل قراءة كتب السحر حرام ؟ وما حكم تعلم السحر وقراءة كتب السحر؟، أن الله سبحانه وتعالى لما تحدث عن السحر في القرآن الكريم، تحدث عنه باعتباره ذنبًا، كما قال في كتابه: (وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَىٰ مُلْكِ سُلَيْمَانَ ۖ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَٰكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ ) الآية 102 من سورة البقرة.
وأضاف: من هنا، فإن تعلم السحر والعمل به، وقراءة كتب السحر بهدف تنفيذ ما فيها، جميعها أمور محرمة شرعًا ولا يجوز للمؤمن أن يلج هذا الباب أو يدخل فيه، حيث تعتبر من الكبائر، وبخصوص الذهاب إلى الدجالين والمشعوذين والعرافين، أكد أن ذلك أيضًا محرم شرعًا.
ونبه إلى أن النصوص الواردة تشير إلى أن صلاة من فعل ذلك لا تقبل لمدة أربعين يومًا، هذا الفعل من المحرمات الكبيرة التي وردت في كتب العلماء المتخصصين مثل كتب الذهبي وابن حجر الهيتمي، منوهًا بأنه يجب التوضيح أن من يتعامل بالسحر ليس من أولياء الله الصالحين.
وتابع: بل هو ولي من أولياء الشيطان، مؤكدًا أن أولياء الله الصالحين لا يتعاملون بالسحر ولا يتبعون هذه الطرق السيئة، بل يملكون الدعاء، وقد يستجيب الله سبحانه وتعالى دعاءهم ويحقق رجاءهم، وبهذا يستفاد منهم، أما التعامل بالأعمال السحرية، فهذا كله لا يجوز شرعًا.
حكم قراءة كتب السحر
ورد أنه من الكتب ما هو نافع يفيد الناس في دينهم ودنياهم، ومنها ما يفسد على الناس عقيدتهم ودينهم، ومنها كتب السحر والدجل والشعوذة، فهي خطر على عقيدة المسلم ودينه، فالسحر له خطر كبير، وضرر عظيم، وقد قال تعالى: ﴿وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِّنَ الْإِنسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِّنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقاً﴾، ومن ثم فإنه يحرم على المسلم قراءة كتب السحر، وتعلم السحر، وقد قال -صلى الله عليه وسلم-: (اجتنبوا السبع الموبقات.. وعد منهن: السحر)، والاجتناب يشمل كل ما يحيط بالسحر من تعلم أو ذهاب إلى السحرة، أو تصديق الكهان والسحرة وأهل الشعوذة.
حكم تعلم السحر
قال جمهور علماء أهل السنة: إن تعلم السحر وتعليمه حرام، وقال ابن قدامة: "فإن تعلم السحر وتعليمه حرام لا نعلم فيه خلافاً بين أهل العلم"، وقد أشار القرآن الكريم إلى أن السحر يوصل إلى الكفر، فلما قالت اليهود: إن سليمان كان ساحرا، رد عليهم الله -تعالى- وبرأ سليمان -عليه السلام- في القرآن الكريم فقال: (وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَـكِنَّ الشَّيْاطِينَ كَفَرُواْ يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ﴾. وأما ما يُشاع بين الناس من مقولة: (تعلموا السحر ولا تعملوا به) وربما نسبوا ذلك حديثاً نبوياً، فهو لا أصل له، ولا وجود له في كل كتب الحديث، وهو كلام مخالف للشريعة الإسلامية.
حقيقة السحر
تعدّدت آراء العلماء عن حقيقة السحر والأصح في ذلك أنّ السحر حقيقة، قال الإمام المازري: "مذهب أهل السنة وجمهور علماء الأمة على إثبات السحر، وأن له حقيقة كحقيقة غيره من الأشياء الثابتة خلافًا لمن أنكر ذلك"، والأدلة على ذلك كثيرة منها: قوله -تعالى-: ﴿فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ﴾، و قال -تعالى- عن سحرة فرعون: ﴿وَجَاءوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ﴾، وأمر الله -تعالى- بالاستعاذة من السحرة فقال: ﴿وَمِن شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ﴾.