لاشك أن ما يطرحه السؤال عن هل يجب علي الأرملة لبس الأسود طول فترة العدة والحداد على زوجها المتوفي ؟ هو اعتقاد شائع بين الكثير من النساء، اللاتي يرتبط لديهن الحداد باللون الأسود ، ويحافظن على ارتداء الملابس السوداء طوال فترة الحداد ، وهو ما ينبغي الوقوف عليه ومعرفة هل يجب على الأرملة لبس الأسود طول فترة العدة والحداد على زوجها المتوفي؟.
هل يجب علي الأرملة لبس الأسود
قالت الدكتورة إيمان محمد، عضو مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية، إن مسألة الزي خلال فترة الحداد على الزوج المتوفى، هي من الأمور التي تشدد الشريعة الإسلامية على ضرورة الالتزام بها بشكل عام دون تحديد لون معين.
وأوضحت “ محمد ” في إجابتها عن سؤال : هل يجب علي الأرملة لبس الأسود طول فترة العدة والحداد على زوجها المتوفي ؟، أن الأصل في الحداد هو أن تلتزم المرأة بلبس الثياب التي لا تُظهر زينتها، ولكن ليس هناك لون معين يجب الالتزام به، كلبس الأسود، حيث لا يعتبر إلزاميًا.
وأضافت أن الثوب الأسود ليس شرطًا في الحداد، بل المطلوب هو تجنب الألوان التي تعكس الزينة مثل الثياب الملونة ذات الألوان الزاهية، فالشريعة الإسلامية حددت بعض الآداب الخاصة بالحداد، ومنها أن المرأة لا تلبس الثياب المعصفر (التي تميل إلى الأصفر).
وتابعت: أو الممشى (التي تميل إلى الأحمر) أو أي ملابس تحمل ألوانًا زاهية تعكس الزينة.، كما أن المرأة في فترة الحداد يجب أن تمتنع عن استخدام الكحل، والطيب، والحناء، لأن هذه الأمور تعتبر من مظاهر الزينة التي يجب تجنبها خلال هذه الفترة.
ونبهت إلى أن هذه التوجيهات من الشريعة الإسلامية تهدف إلى احترام فترة الحداد والتعبير عن الحزن بشكل مناسب، مع الحفاظ على مراعاة العادات والتقاليد المتبعة دون إلزام بلون معين.
هل يشترط على الأرملة ارتداء الثياب السوداء
وكان الدكتور علي عثمان، أستاذ الفقه بجامعة الأزهر، قد بين أن المرأة إذا توفي زوجها يجب عليها شرعا أن تحتد عليه وترتدي ملابس الحداد وتترك الزينة حزنا عليه والأصل أن تعتد في البيت الذي توفي فيه زوجها
وأشار إلى أنه إذا خافت المرأة على نفسها في المبيت بالمنزل الذي توفي فيه زوجها وتعسر على الأولاد السكن معها وكانت في حاجة للرعاية، فهذه ضرورة تبيح لها أن تنتقل لمن يرعاها، منوهًا بأن الأصل في الألوان أنه لا حرج فيها طالما كانت تحافظ على الذوق العام ولا تلتفت او تفتن الرجال، ولا يشترط أن ترتدي اللباس الأسود كما تزعم الكثير من النساء.
مدى اعتبار حصر ثياب الإحداد في اللون الأسود للمرأة
وأفادت دار الإفتاء المصرية بأن الحِداد الشرعي للمرأة عند وفاة زوجها يكون بترك الزينة في الثياب، والطيب، والحلي، وما في معناها، وقد قرَّر الفقهاء أنَّه ليس هناك لونٌ مخصوص للثياب التي تلبسها المرأة المُحِدَّة، وإنما المعتبر في ذلك هو كونه زينة من عدمه؛ فما كان بقصد الزينة مُنِع، وما كان بخلافه فلا يُمنع، والضابط في هذا هو العُرف.
وأكدت أنه ليس هناك لون مخصوص للثياب التي تلبسها المرأة المُحِدَّة، وإنما المعتبر في ذلك هو كونه زينة من عدمه؛ فما كان بقصد الزينة مُنِع، وما كان بخلافه فلا يُمنع، والضابط في هذا هو العرف.
حصر ثياب الإحداد في اللون الأسود للمرأة
وأشارت إلى أن ما جرت به عوائد الناس في كثير من البلاد من جعل الأسود هو اللون المعتبر للحداد وإظهار الأحزان، فهو حسن، واللون الأسود كان هو اللون الذي يعبر به المرء عن الحزن منذ القدم.
ونوهت بأن والعرب تسمي ثياب الحِداد: السِّلاب؛ يقال: تسلبت المرأة: إذا لبست السِّلاب. قال الإمام الزمخشري في "الفائق" (2/ 192، ط. دار المعرفة): [وَهُوَ سَواد المحدّ. وقيل: خرقَة سوداء كانت تغطي رأسها] اهـ.
واستندت لما روى أحمد في "مسنده" عن أسماء بنت عميس رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال لها لما مات جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه: «تَسَلَّبِي»؛ قال العلامة ابن الأثير في "النهاية" (2/ 387، ط. المكتبة العلمية): [أي: البسي ثوب الحداد، وهو السِّلَابُ، والجمع سُلُبٌ. وتسلبت المرأة إذا لبسته. وقيل: هو ثوب أسود تغطى به المُحِدُّ رأسها] اهـ.
وتابعت: لكن مع ذلك فإنَّه لا يحصر الحداد في الأسود كما تقدم، بل أحيانًا ما يكون اللون الأسود زينة، كما هو الشأن فيما يسمى بثياب السهرة النسائية مثلًا على ما جرت عليه أعراف الناس الآن، فلا يجوز لبسها حينئذ لمُحِدَّة، وقد نص الفقهاء على المنع من الأسود للمُحِدّة لو كان على وجه الزينة.
واستطردت : من ذلك: ما جاء في "أقرب المسالك" لسيدي أحمد الدردير (2/ 685-686، ط. دار المعارف) مع "حاشية الصاوي" في كلامه عما يجب على المُحِدّة؛ حيث قال: [(ووجبت على) المرأة (المُتوفّى عنها الإحداد في) مدة (عدتها؛ وهو)؛ أي: الإحداد: (ترك ما يتزين به من الحلي والطيب، وعمله والتجر فيه، و)ترك (الثوب المصبوغ) مطلقًا؛ لما فيه من التزين، (إلا الأسود) ما لم يكن زينة قوم؛ كأهل مصر القاهرة وبولاق؛ فإنهن يتزين في خروجهن بالحرير الأسود] اهـ بتصرف.
ودللت بما قال الشيخ الصاوي في حاشيته عليه: [قوله: (فإنهن يتزين في خروجهن بالحرير الأسود): وفي الحقيقة لا مفهوم للحرير، والمدار على كون الأسود زينة على حسب العادة] اهـ. وقال الشيخ القليوبي في "حاشيته على شرح المحلي للمنهاج" [4/ 53، ط. دار الفكر] -معلقًا على قول الشارح [(كالأسود)-: إذا لم تكن عادتهم التزين به، وإلا كالأعراب فيحرم] اهـ.