يعد السؤال عن ما حكم من يدعي الفقر لزوجته وهو ميسور للتهرب من النفقة عليها وأولاده؟، لسان حال كثير من النساء بعدما تخلى أزواجهن عن مسئولياتهم، وهو ما رفضه الشرع الحنيف ، وقد جعل القوامة للرجال ، فيما أهدرها البعض ليطرح السؤال عن ما حكم من يدعي الفقر لزوجته وهو ميسور للتهرب من نفقاتها وأولاده؟.
ما حكم من يدعي الفقر لزوجته وهو ميسور
قالت الدكتورة هبة إبراهيم، عضو مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية، إنه إذا كان الزوج يدعي أن لديه ديونًا أو أن الظروف ضيقة، أو يقول إن المصروفات كثيرة، فهذا يعتبر خطأ إذا كان يتسبب في تقصير حقوق الزوجة والأولاد، فالله سبحانه وتعالى قال: (يَعْلَمُ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْرًا يُؤْتِكُمْ خَيْرًا).
وأوضحت " إبراهيم" في إجابتها عن سؤال : ما حكم من يدعي الفقر لزوجته وهو ميسور تهربًا من النفقة عليها وعلى أولاده؟، أنه لذا يجب أن نحرص على تلبية احتياجات الأسرة دون أن نحرمهم من حقوقهم.
وأكدت أهمية التوازن بين الحرص في إدارة النفقات وعدم الوقوع في البخل الذي يؤثر سلبًا على الأسرة، مضيفة "قد يحدث أن يعطي الله سبحانه وتعالى للزوج رزقًا وفيرًا، لكن بعض الأزواج قد يظهرون البخل بحجة الظروف المالية.
ونبهت إلى أن هذا يتعارض مع ما أمر به الشرع الشريف، حيث أن الله سبحانه وتعالى أمر الأزواج بأن ينفقوا على زوجاتهم، مشيرة إلى أن الحرص لا يعني البخل، يمكن أن يكون الزوج حريصًا على تدبير أموره المالية بذكاء، ولكن دون أن يكون بخيلًا.
وأفادت بأنه يجب أن يوازن بين نفقاته وتلبية احتياجات زوجته وأولاده بما يتناسب مع قدراته، إذا كان هناك تقصير في النفقة الأساسية مثل الطعام والشراب والعلاج، فهذا يعتبر ظلمًا.
وأشارت إلى أن المفهوم الصحيح للحرص يحتاج إلى توضيح وتفاهم بين الزوجين، يجب أن يكون هناك صراحة وثقة بينهما لضمان تلبية احتياجات الأسرة بطريقة تتناسب مع القدرة المالية دون إظهار البخل.
أحاديث فضل النفقة على الزوجة والأولاد
ورد عن سعد بن أَبي وقَّاص -رضي الله عنه- في حدِيثِهِ الطَّويلِ الذِي قَدَّمْناهُ في أَوَّل الْكِتَابِ في بَابِ النِّيَّةِ أَنَّ رسولَ اللَّه -صلى الله عليه وسلم- قَالَ لَهُ: وَإِنَّكَ لَنْ تُنْفِقَ نَفَقَةً تَبْتَغِي بِهَا وَجهَ اللَّه إلاَّ أُجِرْتَ بِهَا حَتَّى مَا تَجْعلُ في فيِّ امرأَتِكَ متفقٌ عَلَيهِ، وعن أَبي مَسْعُودٍ الْبَدرِيِّ -رضي الله عنه-، عن النَّبيّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: إِذَا أَنْفَقَ الرَّجُلُ عَلَى أَهْلِهِ نفقَةً يحتَسبُها فَهِي لَهُ صدقَةٌ متفقٌ عَلَيهِ.
وروي عن عبداللَّهِ بنِ عمرو بنِ العاصِ رَضي اللَّه عنهما قَالَ: قَالَ رسولُ اللَّه -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: كَفي بِالمرْءِ إِثْمًا أَنْ يُضَيِّعَ مَنْ يقُوتُ حديثٌ صحيحٌ رواه أَبو داود وغيره، ورواه مسلم في صحيحه بمعنَاهُ قَالَ: كَفي بِالمرْءِ إِثْمًا أَنْ يَحْبِسَ عَمَّنْ يملِكُ قُوتَهُ، وعن أبي هريرةَ -رضي الله عنه- أَن النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: مَا مِنْ يوْمٍ يُصْبِحُ الْعِبَادُ فِيهِ إِلاَّ ملَكَانِ يَنْزلانِ، فَيقولُ أَحدُهُما: اللَّهُمَّ أَعْطِ مُنْفِقًا خَلفًا، ويَقولُ الآخَرُ: اللَّهُمَّ أَعْطِ مُمْسِكًا تَلَفًا متفقٌ عَلَيهِ.
وجاء في هذه الأحاديث الحث على الإحسان إلى المرأة، فالمرأة من العائلة، فالمؤمن يحسن إلى زوجته وإلى والديه إذا كانا في عياله، وإلى أيتامه، وإلى خدمه، وإلى أرقائه، وإلى بهائمه، كل هذا أمر مطلوب ومشروع، وفي حديث سعد بن أبي وقاص رضي الله تعالى عنه يقول -صلى الله عليه وسلم-: إنك لن تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله إلا أجرت بها حتى ما تجعل في في امرأتك يعني حتى إنفاقه على زوجته ومن تحت يده كله له فيها أجر عظيم.
وورد هكذا في حديث ابن مسعود البدري يقول -صلى الله عليه وسلم-: إن العبد إذا أنفق على أهله يحتسبها فهي له صدقة وإن كانت واجبة عليه الإنسان إذا تحرى الخير وأدى الواجب كتب الله له أجر ذلك، وإن كان واجبا فإنفاقه على أهل بيته وعلى أيتامه وعلى أولاده وعلى بهائمه يحتسب ذلك كله فيه أجر وصدقة، فعلى المؤمن أن يحتسب وأن يعتني وأن يحذر التساهل في هذا الأمر.
وورد هكذا قوله -صلى الله عليه وسلم-: كفى بالمرء إثما أن يضيع من يقوت، وفي اللفظ الآخر: كفى بالمرء إثما أن يحبس عمن يملك قوته يشمل البهائم وغير البهائم، يعني أنه إثم كبير أن يعطلهم ويحبس عنهم حقهم سواء كان خدما أو بهائم أو زوجة أو غير ذلك، يجب عليه أني يعتني بهذا الأمر.
كما جاء في حديثه -صلى الله عليه وسلم- في حجة الوداع في حق المرأة قال: ولهن -يعني النساء- رزقهن وكسوتهن بالمعروف، وفي الحديث الصحيح يقول -صلى الله عليه وسلم-: ما من يوم يصبح فيه الناس إلا وينزل فيه ملكان، أحدهما يقول: اللهم أعط منفقا خلفا: والآخر يقول: اللهم أعط ممسكا تلفًا فالمنفق في وجوه الخير وعده بالخلف.
و قال تعالى: وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ [سبأ:39]، وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا [المزمل:20]، أما البخيل الممسك عما أوجب الله فهو موعود بالتلف والعقوبة إذا أمسك وَمَنْ يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ [محمد:38].
وورد أن الواجب الحذر من البخل بالواجب، والواجب الحرص على أداء الواجب والزيادة في ذلك، التوسع في الخير والنفقة والإحسان والجود والكرم في وجوهه التي شرعها الله في الفقير والمسكين واليتيم وأبناء السبيل، وفي سبيل الله، وفي تعمير المساجد، وفي الربط وفي غير هذا مما ينفع المسلمين؛ الله -جل وعلا- أطلق النفقة وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ يعني فيما يرضي الله فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ [سبأ:39]، وقال جل وعلا: (آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ فَالَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَأَنْفَقُوا لَهُمْ أَجْرٌ كَبِيرٌ ) الآية 7 من سورة الحديد.