حدد الشرع الحنيف حقوق وواجبات كل من الزوجين ومن بينها ماذا تفعل الزوجة إذا كان زوجها بخيلا ؟ ، والتي تعد شكوى أكثر منها مسألة، خاصة وأن بخل الزوج من أشد الأحوال على الزوجة والأبناء، لما فيه من إخلال بحقوقهم ، يجعلهم يعيشون معاناة وحرمان ، ومن ثم ينبغي المساعدة بالوقوف على مسألة ماذا تفعل الزوجة إذا كان زوجها بخيلا ؟.
ماذا تفعل الزوجة إذا كان زوجها بخيلا
قال الدكتور علي فخر، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، إن لو كان الزوج فقيرًا ولا يقدر على دفع رسوم الكهرباء، ولا يملك وسائل لرفع معاناة زوجته وأولاده، لابد أن يقول لهم: اصبروا، وعليهم أن يصبروا ويحتسبوا، فيغير الله سبحانه وتعالى الحال.
وأوضح " فخر" في إجابته عن سؤال : ماذا تفعل الزوجة إذا كان زوجها بخيلا ؟ فهناك سيدة تشكو زوجي بخيل رغم أنه مقتدر ولا يريد أن ينفق على أولاده أو بيته، فماذا أفعل؟، أنه إذا كان الزوج بخيلًا، رغم قدرته المادية ، فينبغي نصحه لأن البخل سيدمر حياته.
وأكد أنه ينبغي على الزوج أن ينفق على أولاده بقدر ما وسع الله له، فقال الله تعالى في كتابه العزيز: ( لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِّن سَعَتِهِ ۖ وَمَن قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ ۚ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا ۚ سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا ) الآية 7 من سورة الطلاق.
وأضاف أنه ينبغي على الزوج النفقة على الأولاد وتوفير حياة كريمة لهم قدر استطاعته فهذا حقهم عليه، وهذه نعمة الله سبحانه وتعالى له، حتى يوسع بها على خلق الله عز وجل .
تابع: إنما لو ربنا أعطاك النعمة وأنت ضيقت على خلق الله عز وجل ، فقد ضيقت على نفسك وضيقت عليهم، واستجلبت على نفسك غضب الله سبحانه وتعالى، منوهًا بأن الزوجة في هذه الحالة واجبها أن تصبر وتحاول معه مرة واثنين، وتحاول معه كثيرًا.
وأفاد بأنه إذا باءت كل المحاولات بالفشل، ففي هذه الحالة لا مانع من اللجوء إلى أهل الحكمة والخبرة، لينصحوا، يقولوا: يا فلان، لا تبخل هكذا ، وإذا لم يستجب للنصح ولم تجدي هذه الخطوة معه ولا فائدة منه، وأصبحنا متضررين من هذا البخل، أصابنا ضرر لا نستطيع أن ننفك عنه، وإذا استحكمت الأمور في النهاية، فلها أن تلجأ إلى القضاء لطلب الطلاق.. ولا مانع من ذلك حينئذ.
حكم الزوج البخيل في الإسلام
ونبه الدكتور محمود شلبي أمين الفتوى بدار الإفتاء ، إلى أن البخل حرام والبخل هو أن الإنسان لا ينفق على المسؤولين منه من أهل بيته، كما أنه لا ينفق حتى على نفسه رغم امتلاكه الكثير من الأموال ولكنه آثر الحياة الدنيا على الآخرة وأفنى عمره كله في تجميع الأموال دون توجيهها إلى الخير من خلال إنفاقها على أهل بيته والمحتاجين.
ولفت “ شلبي ” في إجابته عن سؤال: " ما حكم الزوج البخيل على بيته الذي لديه أموال كثيرة ولا ينفق على أهل بيته ؟ " ، إلى أن البخيل الذي عاش عمره كله في جمع الأموال، سيأتي في نهاية المطاف يوم يموت ويترك كل هذه الأموال التي أضاع عمره في تجميعها واضاع رضى الله عنه في عدم إنفاقها على أهل بيته والمحتاجين.
الزواج من البخيل
وحذر الدكتور مجدي عاشور، المستشار السابق لمفتي الجمهورية، الفتيات من الموافقة على الخاطب البخيل ، فهو من أسوأ الخصال الموجودة في الإنسان هي البخل، وذلك في البث المباشر لصفحة دار الإفتاء ردا على أسئلة المتابعين.
وبين مجدي عاشور، أن البخل أول علامة لعدم حب الطرف الآخر، لأن الإنسان البخيل لا يعرف معنى العطاء والحب هو العطاء الحقيقي بين الطرفين، وهذا في معنى المشاعر، علاوة على أن هناك نفقات والتزامات بعد الزواج تتعلق بالناحية المادية وبالتالي فالرجل البخيل سيؤدي إلى أزمة حقيقة بعد الزواج وكثير من الصدامات.
حكم طلب الطلاق من الزوج البخيل
ونوهت دار الإفتاء المصرية ، عن حكم طلب الطلاق من الزوج البخيل، بأن مسألة الانفصال لا نلجأ اليها دائما؛ إلا إذا استحالت العشرة بين الطرفين، فلو كان الزوج بخيلا وبإمكان الزوجة أن تأخذ ما يكفيها، أو أن تكمل حياتها معه فلا يوجد مشكلة بالاستمرار معه.
واستند لرواية هند بنت عتبة جاءت إلى النَّبيِّ صلَّى اللَّهُ عليْهِ وسلَّم، فقالت: يا رسولَ اللَّهِ إنَّ أبا سفيانَ رجلٌ شحيحٌ، لا يعطيني ما يَكفيني وولَدي، إلَّا ما أخذتُ من مالِهِ، وَهوَ لا يعلَمُ، فقال: خُذي ما يَكفيكِ وولدَكِ بالمعروفِ" فقد أقر الرسول بقاءها معه.
وأشار إلى أن بقاء الزوجة مع زوجها البخيل يجوز وحلال، ولكن الشرع لا يرفض أن تنفصل الزوجة من زوجها الذى تتضرر معه، لقول الله- عز وجل-: “وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا”، وقوله تعالى “وَإِن يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلًّا مِّن سَعَتِهِ ۚ وَكَانَ اللَّهُ وَاسِعًا حَكِيمًا”، فإذا كانت الزوجة متضررة ولا تستطيع أن تكمل وتريد الانفصال، ففي هذه الحالة الشرع لا يرفض هذا.
كيفية التعامل مع الزوج البخيل
وأوصى للدكتور عمرو الورداني أمين الفتوى بدار الإفتاء، بالتعامل مع الزوج البخيل في حياته يكون بتوجيه النصيحة، وإن لم يقتنع بالنصيحة تأخذ ما يكفيها وولدها بالمعروف لكن لا تفعل ذلك إلا لو هناك احتياج شديد، مشيرا إلى أن البخل يمحق البركة.
واستطرد :لا تشعريه بأنك تعلمي أنه بخيل، أو تكرري كلمة "أنت بخيل"، بل أشعريه بأنه رجل طبيعي، اصطحبيه فى كل جولات شرائك أنتِ والأطفال حتى لا ينفصل عن الواقع".
حكم نفقة الزوج على أهله
قالت لجنة الفتوى التابعة لمجمع البحوث الإسلامية، إن نفقة الزوج على أهله واجبة إذا كانوا بحاجة لها، ومن سُبل الانفاق التي يحبها الله إن كانوا أغنياءً، ما لم يُقصر في الإنفاق على أبنائه.
وأوضحت أن إنفاق الرجل على أهله - إذا كانت تلزمهم نفقته - واجبة، وإن لم تلزمهم نفقته لاستغنائهم بما يملكون فهي من صلة الرحم، ومن سبل الإنفاق التي يحبها الله، ومن الهدية المندوبة، ما لم يُقصر في الإنفاق على زوجته وأولاده.
وأضافت أنه إذا قصر بسبب ذلك في نفقة زوجته وأولاده، الذين تلزمهم نفقته، فعليه تقديم الواجب على المندوب، والاقتصاد في النفقة المندوبة، إذا كان في ذلك مصلحة أولاده، فأجر النفقة على الزوجة والأولاد أعظم من كل الصدقات والنفقات.
واستشهدت بما ورد عن أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم- قَالَ: « دينار أنفقته في سبيل الله، ودينار أنفقته في رقبة، ودينار تصدقت به على مسكين، ودينار أنفقته على أهلك، أعظمها أجرًا الذي أنفقته على أهلك» رواه مسلم.
عقوبة عدم الإنفاق على الزوجة
قال الشيخ عويضة عثمان، مدير إدارة الفتوى الشفوية، وأمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، إنه لا يجوز للزوج الامتناع من الإنفاق على زوجته في أي حال من الأحوال.
ونوه « عثمان» في إجابته عن سؤال: «ما حكم امتناع الزوج من الإنفاق على زوجته بمجرد حصولها على ميراثها من أبيها؟»، أنه لا علاقة للزوج بمال زوجته سواء حصلت عليه عن طريق الميراث أو عن طريق وظيفتها.
وشدد على أن الزوج مطالب بالإنفاق على زوجته من أكل وشرب وتوفير السكن اللائق لها وتطيبها إن مرضت، مبينًا أن هذا هو الأصل؛ فلا يجوز له أن ينظر إلى راتبها أو ميراثها.
ونبه إلى أن نفقة الزوج على زوجته وابنه واجبة، ويأثم شرعًا إن كان مستطيعًا ولا ينفق، مستشهداً بحديث عبد الله بن عمرو بن العاص-رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم: «كفى بالمرء إثماً أن يضيّع من يَقُوت».
ودلل بحديث صحيح رواه أبو داود وغيره، ورواه مسلم في صحيحه بمعناه، قال: «كفى بالمرء إثمًا أن يَحبس عمن يملك قوته»، يعني: أن يحبس القوت عمن استرعاه الله تعالى إياهم، كالولد والزوجة والخادم، وما إلى ذلك.
شروط وجوب النفقة
يُشترَط لوجوب نفقة الزوجة على زوجها عدة شروط هي:
- أن يكون عقد الزواج صحيحًا: فلو كان العقد باطلًا أو فاسدًا فلا تجب النفقة؛ لأنه من الواجب في هذه الحالة هو التفريق بين الزوجين؛ فلا تُعتَبر الزوجة محبوسة لحق الزوج.
- أن تكون الزوجة صالحة لتحقيق مقصود الزواج منها: أي أن تكون صالحة للقيام بواجبات الزوجية. أما لو كانت الزوجة لا تشتهي زوجها لكنها بقيت في بيت زوجها لكي ينتفع بها في الخدمة والاستئناس، فإن القانون المصري يأخذ برأي بعض الأحناف من أنه يكون لها نفقة في تلك الحالة؛ لأنه حصل منها نوع من المنفعة، أما لو كانت الزوجة مريضة مرضًا يجعلها غير صالحة لتحقيق مقصود الزواج منها، فإن القانون المصري ينص على أنها تستحق النفقة؛ حيث ينص القانون رقم 100 لسنة 1985 على أنه: «ولا يمنع مرض الزوجة من استحقاقها للنفقة».
- دخول الزوجة في منزل الزوجية: فلو لم يحدث احتباس أو بقاء الزوجة في منزل الزوجية دون مبرر شرعي، فإنه تسقط نفقة الزوجة عن زوجها