لعل ما يطرح السؤال عن هل صوت المرأة عورة ؟، هو تلك الدعاوى المنتشرة والتي تنظر للمرأة باعتبارها منبع الفتن والمعاصي ، رغم أن الشريعة الإسلامية اهتمت بالمرأة وحددت كل ما يهمها ويخصها من أحكام ، ومن بينها هل صوت المرأة عورة ؟ .
هل صوت المرأة عورة
قال الدكتور حسن القصبي، أستاذ الحديث بجامعة الأزهر، إنه من الضروري أن تفهم المرأة أن صوتها ليس عورة بذاته، منوهًا بأن الشريعة أعطت المرأة الحق في التعلم والعمل والتحدث في حدود الشرع.
وأوضح " القصبي " في إجابته عن سؤال: هل صوت المرأة عورة ؟، أن المشكلة ليست في صوت المرأة، بل في كيفية تعامل الرجل معها، مشيرًا إلى أنه يجب على المرأة أن تتحلى بالحكمة في اختيار الأسلوب المناسب للتحدث مع الرجل.
ودلل بما قال الله تعالى في القرآن الكريم: (فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَّعْرُوفًا ) الآية 32 من سورة الأحزاب، وهذا يعني أن أي نوع من الحديث الذي يثير الشكوك أو يمهد للأغراض غير المشروعة يجب تجنبه.
ونبه إلى أنه لا يجوز للرجل أن يتحدث مع امرأة في غير ما هو ضروري أو واجب، منوهًا بأن التعامل مع العلاقات غير المشروعة التي قد يقيمها بعض الأزواج يتطلب حذرًا شديدًا وفهمًا صحيحًا للأحكام الشرعية، فالحديث في الحب والغرام مع امرأة لا تربطه بها علاقة شرعية هو أمر غير جائز شرعًا.
وأضاف أنه ينبغي على الزوجة أن تتحلى بالصبر والرفق عند نصح زوجها، فبعض الأزواج قد لا يستقبلون النصيحة بسهولة، لذلك يجب أن تكون النصيحة بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، مع تجنب الصراع قدر الإمكان.
وأشار إلى أنه من الأفضل للزوجة أن تحاول ستر زوجها قدر المستطاع، وأن تدعو له بالهداية، يجب أن تكون النصيحة موجهة بطريقة لا تؤدي إلى تفاقم المشكلة، وتكون نابعة من الحرص على صلاح الزوج.
وكان الدكتور فتحي عثمان الفقي، عضو هيئة كبار العلماء، قد أفاد بأن صوت المرأة ليس عورة، منوها أن علو صوت المرأة وارتفاع صوتها هو المنهي عنه ولذلك لا ترفع الأذان للصلاة ولا تؤم النساء في الصلاة ولا تقيمها، و هذا ليس تقليلا من شأن المرأة، منوها أنه يجوز للمرأة قراءة القرآن بصوت حسن.
هل صوت المرأة عورة في قراءة القرآن
وأكدت دار الإفتاء المصرية، أن صوت المرأة بمجرده ليس بعورة، ومجرد قراءتها القرآن بصوت مسموع أمام الرجال الأجانب جائزة؛ لأنها من جنس الكلام، وقد دلَّ على هذا عدد من النصوص الشرعية.
واستدلت بما ورد عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أنه قال: "قالت النساء للنبي صلى الله عليه وآله وسلم: غَلَبَنا عليك الرجال، فاجعل لنا يومًا من نفسك، فوعدهن يومًا، لقيهن فيه، فوعظهن وأمرهن..." الحديث رواه البخاري. ووجه الدلالة: أن صوت المرأة لو كان عورة ما سمعه النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وما أقر أصحابَه على سماعه.
حكم سماع الرجل صوت المرأة
وتابعت: أما الممنوع أداءً واستماعًا هو القراءة المصحوبة بما لا يراعى فيه حق القرآن من التلاوة المستوفية لحق المعنى بلا ابتذال؛ لأنه قد يكون حينئذٍ من باب الخضوع بالقول، المنهي عنه في قوله تعالى: ﴿فلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا﴾ الآية 32 من سورة الأحزاب.
تلاوة المرأة القرآنَ الكريم
جعل الله -عزّ وجل- قراءة القرآن الكريم من أفضل الأعمال؛ حيث إنّ قراءة القرآن فيها خير عظيم وفائدة كبيرة؛ ومما يدل على ذلك قوله – تعالى-:«إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ»، ( سورة الإسراء: الآية 9)، وأما الدليل على فضل قراءة القرآن الكريم من السنة النبوية، قوله - صلى الله عليه وسلم-:«اقرؤوا هذا القرآن فإنه يأتي شفيعًا لأصحابه يوم القيامة»، صحيح مسلم.
وللمسلم عهد مع القرآن الكريم ينبغي أن يكون؛ فيغترف من فيض هداه يوميًَّا، فهو الطاقة المتجددة، والعطاء والخير الذي لا ينضب، وقراءة القرآن الكريم من حسن برُّ المسلم بكتاب ربه، وتجديد عهده معه بشكل يومي، فلا يكون له هاجرًا ولا لأحكامه معطلًا، كما أن انتظام المسلم بتلاوة القرآن الكريم بشكل يومي، يترتب عليه آثار عظيمة النفع على المسلم.
صوت المرأة عورة حديث
وبين الشيخ محمد وسام، مدير إدارة الفتوى المكتوبة وأمين لجنة بدار الإفتاء، أن صوت المرأة ليس بعورة في ذاته، مؤكدًا أنه لا يوجد آية قرآنية أو حديث صحيح ثابت عن الرسول -صلى الله عليه وسلم- يؤكد أن صوت المرأة عورة.
ونوه «وسام» ، بأن خضوع المرأة بالقول الذي يُطمِع فيها الرجال الأجانب هو الممنوع؛ قال تعالى: «فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَّعْرُوفًا» (الأحزاب:32).
يشار إلى أن الإمام البيجوري، قال في حاشيته الفقهية على شرح ابن قاسم لمتن أبي شجاع في فقه السـادة الشافعية: "الأصح أن صوتها – أي المرأة – ليس بعورة؛ فلا يحـرم سماع صوت المرأة إلا عند خوف الفتنة؛ بأن كان لو اختلى الرجل بها لوقع بينهما محرم".