تبنت مصر خطة طموحة لزيادة التجارة وجذب المزيد من الاستثمارات إلى المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، ولجعل منطقة قناة السويس، أهم منطقة اقتصادية في أفريقيا والعالم، وعملت مصر جاهدة على تحقيق ذلك وإبرام العديد من الاتفاقيات مع الدول الصناعية الكبرى، وفي مقدمتها روسيا والصين، لإقامة مناطق اقتصادية ومشروعات صناعية عملاقة على المناطق الواقعة على جانبي القناة، والتي تعتبر أسرع ممر بحري يربط بين آسيا وأوروبا.
المنطقة الاقتصادية لقناة السويس
وفي هذا السياق، اجتمع الرئيس عبد الفتاح السيسي، اليوم مع الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، ووليد جمال الدين، رئيس الهيئة العامة للمنطقة الاقتصادية لقناة السويس، وعمرو حسني، القائم بأعمال رئيس هيئة الرقابة الإدارية.
وأوضح المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية أن رئيس مجلس الوزراء عرض جهود تفعيل عمل الحكومة الجديدة واضطلاعها بملفاتها، وتنفيذ المستهدفات المتضمَنة ببرنامج عملها، لا سيما على الجانبين الاقتصادي والاستثماري، بما يشمل تعزيز بيئة الاستثمار، وتشجيع التعاون مع القطاع الخاص، وتمكينه من الإسهام الفاعل في جهود التنمية الشاملة.
وأضاف المتحدث الرسمي أن الرئيس اطلع على جهود الهيئة العامة للمنطقة الاقتصادية لقناة السويس لجذب الاستثمارات في القطاعات الصناعية المستهدفة بالمنطقة، والتوجه نحو تنويع تلك الاستثمارات لتضم جميع المناطق التابعة للهيئة.
في هذا السياق، وجه الرئيس بتقديم التسهيلات المطلوبة لجذب الاستثمارات للمنطقة، بما يضمن استدامتها الاقتصادية، وإزالة المعوقات الإدارية أمام المستثمرين. كما شدد الرئيس على الدور المحوري لمسألة توسيع القاعدة الصناعية وتوطينها محليًا، باعتبارها هدفًا استراتيجيًا للدولة وطريقًا أساسيًا لتحقيق التنمية والتقدم.
ومن جانبه، كشف وليد جمال الدين، رئيس الهيئة العامة للمنطقة الاقتصادية لقناة السويس، عن تحقيق الهيئة أعلى إيرادات في تاريخها، بقيمة 8.25 مليار جنيه خلال العام المالي 2023/2024، بزيادة قدرها 36% عن العام المالي 2022/2023 الذي حققت خلاله الهيئة إيرادات إجمالية بقيمة 6.07 مليار جنيه.
ترأس جمال الدين اجتماع مجلس الإدارة الأول للعام المالي الجديد 2024-2025؛ حيث ناقش المجلس الموقفين المالي والترويجي للهيئة خلال العام المالي الماضي 2023-2024، بالإضافة لاعتماد المجلس لمشروعات جديدة يجري العمل على تنفيذها بالمرحلة المقبلة بالمناطق الصناعية والموانئ.
وعقد الاجتماع بحضور وزراء النقل والصناعة، والتخطيط والتعاون الدولي، والتجارة والاستثمار، والإسكان، ومحافظي بورسعيد، والسويس، والإسماعيلية، والرئيس التنفيذي لهيئة الاستثمار، وعدد من قيادات المنطقة الاقتصادية، وأعضاء مجلس الإدارة من ذوي الخبرة الفنية والقانونية.
واستعرض رئيس المنطقة الاقتصادية الموقف المالي للهيئة خلال العام المالي 2023-2024، موضحًا نجاح الهيئة في تحقيق فائضًا عامًّا بمبلغ 5.42 مليار جنيه مقارنةً بفائض العام السابق البالغ 4.08 مليار جنيه، بزيادة قدرها 33%.
وأشار إلى تحقيق مواني الهيئة خلال العام المالي 2023-2024 أحجام تداول إجمالية بلغت 36.5 مليون طن طاقة محققة من البضائع العامة غير المحواة، بزيادة 43.14% عن عام 2022-2023 الذي حققت خلاله 25.5 مليون طن طاقة محققة، فضلًا عن تداول 5 مليون و131 ألف حاوية مكافئة بمواني الهيئة خلال العام المالي 2023-2024.
كما عرض جمال الدين الموقف الترويجي للهيئة خلال العام المالي 2023-2024، حيث أسفرت الجهود الترويجية عن حصول 218 مشروع على موافقاتٍ ما بين نهائية ومبدئية في المناطق الصناعية والمواني، بإجمالي استثمارات 5.12 مليار دولار؛ حيث حصل 98 مشروعًا على موافقات نهائية، بإجمالي استثمارات تصل إلى 2.23 مليار دولار، فيما حصل 120 مشروعًا على موافقات مبدئية، باستثمارات تصل إلى 2.89 مليار دولار.
وشهدت منطقة القنطرة غرب الصناعية جهوداً ترويجية حثيثة خلال العام المالي 2023-2024 من خلال العمل على تحسين خواص التربة والمرافق بها، مما أدى إلى التعاقد بشكل فعلي على 6 مشروعات، وحصول مشروعين على موافقات نهائية، بالإضافة لـ 7 مشروعات أخرى تجري دراستها؛ ليصل إجمالي المشروعات المزمع إنشائها بالقنطرة غرب حتى الآن إلى 15 مشروعًا، باستثمارات إجمالية متوقعة بلغت 1.33 مليار دولار، على مساحة إجمالية قدرها 1.57 مليون متر مربع.
وتطرق رئيس اقتصادية قناة السويس كذلك لاستعراض موقف مشروعات الهيدروجين الأخضر؛ حيث وقعت الهيئة حتى الآن 15 اتفاقية إطارية، مع كبرى الشركات والتحالفات العالمية. أما فيما يتعلق بمشروع "مصر للهيدروجين الأخضر"، فقد قامت الهيئة بتوقيع اتفاقية ملزمة لتوريد كامل إنتاج المشروع في يونيو 2024، مما أدى إلى حسم المشروع لمزاد مؤسسة H2Global لدعم توريد 397 طن من الأمونيا المتجددة إلى أوروبا بسعر ألف يورو للطن.
من جانبه، قال الخبير الاقتصادي الدكتور رشاد عبده إن قناة السويس تمثل أهمية كبيرة لمصر والعالم أجمع، موضحًا أنها مجرى ملاحي هام يسهم في تسهيل حركة مرور السفن وتقصير زمن العبور. وأضاف عبده أن قناة السويس الجديدة تعد إنجازًا تاريخيًا، حيث خفضت زمن العبور من 11 ساعة للقافلة إلى ساعتين فقط، وألغت الحاجة لانتظار السفن المتجهة من الشمال لمرور سفن الجنوب، مما يسهم في ضخ العملة الصعبة إلى مصر.
وأضاف عبده، خلال تصريحات لـ "صدى البلد"، أن قناة السويس القديمة والجديدة ممران هامان جدًا لدول العالم بالكامل، إذ يملكان نصيبًا كبيرًا من حجم التجارة العالمية التي تعبر من خلالهما. وأكد أن الرئيس السيسي يوجه باستمرار بمواصلة العمل المكثف لتنفيذ وتطوير مشروعات المجرى الملاحي لقناة السويس ومرافقها، وذلك لما تمثله من أهمية في توفير العملة الصعبة لمصر.
وأشار عبده إلى أن تأخير مرور السفن بقناة السويس قبل حفر القناة الجديدة كان يسبب أزمة كبيرة للدول التي تحتاج إلى النفط من دول الخليج، حيث كانت السفن المتجهة من الشمال تنتظر مرور سفن الجنوب. وأضاف أنه بعد إنشاء قناة السويس الجديدة، لم يعد هناك حاجة للانتظار، مما وفر الكثير من الوقت وأدى إلى تحسين كفاءة القناة بشكل كبير.