تعتبر الحضارة المصرية القديمة واحدة من أعظم الحضارات في تاريخ البشرية. استمرت لأكثر من 3000 سنة، امتدت من حوالي 3100 قبل الميلاد حتى 30 قبل الميلاد وتركت بصماتها البارزة في العديد من المجالات وأثّرت في الحضارات التي تلتها.
تمتاز الحضارة المصرية القديمة بتطورها العمراني والهندسي المذهل، حيث بنوا هرمًا ضخمًا كهرم خوفو في الجيزة، الذي يُعتبر من عجائب الدنيا السبع. كما ابتكروا نظامًا معماريًا رائعًا للمعابد والقصور والمقابر، مثل معبد الكرنك ومقابر الأقصر، التي تعكس روعة فنون البناء والزخرفة التي تميزت بها الحضارة.
وعرفت الحضارة المصرية القديمة بتقدمها في مجال العلوم والتكنولوجيا. قدم المصريون القدماء إسهامات هامة في الرياضيات والهندسة والطب. كما تطورت لديهم أنظمة كتابية متقدمة، مثل الكتابة الهيروغليفية، التي كانت تستخدم للتوثيق والتواصل.
وتمتاز الحضارة المصرية القديمة أيضًا بديانتها المتعددة والمعقدة، حيث كان للآلهة دور كبير في حياة المصريين القدماء. وتنتشر الأساطير والقصص الخرافية التي تحكي عن الآلهة والأبطال الأسطوريين في الثقافة المصرية.
بالإضافة إلى ذلك، كانت الحضارة المصرية القديمة تتمتع بنظام اجتماعي وسياسي متقدم، حيث كانت مصر مملكة مركزية تحكمها الفراعنة. وقد شهدت فترات من الاستقرار السياسي والازدهار الاقتصادي، مما ساهم في ازدهار الحضارة وتطورها.
لماذا ظهر المصريون القدماء بلون أسود؟
عالم الآثار الدكتور حسين عبد البصير قال: كانت الحضارة المصرية القديم أكثر الحضارات تقدمًا في عصرهم. وكانوا قادرين على تنفيذ أعمال فنية جميلة، بما في ذلك التماثيل والمناظر سواء في النقوش البارزة أو الغائرة أو التصوير. وهناك البعض من تماثيلهم أو مناظرهم يظهروهم في بعض من آثارهم بلون أسود. فهل كان المصريون القدماء من ذوي البشرة السوداء؟
ويضيف: كانت التماثيل المصرية القديمة تُصنع من الأحجار الفاتحة مثل الجرانيت الوردي الأحمر، أو الحجر الجيري. وكان يتم صنع العديد من التماثيل القديمة أيضًا من الخشب أو مواد أخرى يمكن طلاؤها أو تزيينها بالألوان. وكان بعض التماثيل المصرية القديمة يُصنع من الجرانيت الأسود والبازلت، وهما من الأحجار ذات اللون الداكن. بالإضافة إلى ذلك، كان يتم طلاء أحيانًا البعض من تلك التماثيل أو الأعمال الفنية بنوع من الصبغة يسمى "الأزرق المصري"، والذي كان يعطيها مظهرًا يميل اللون الأسود مع مرور الوقت بعد تلاشي تلك الصبغة.
رمز للخصوبة
كان اللون الأسود ذا رمزية كبيرة في الديانة المصرية القديمة في مصر القديمة. لقد اعتقدوا المصريون القدماء اعتقادًا راسخًا أن اللون الأسود كان يرمز إلى التربة السوداء الخصبة لبلدهم. وكانوا يطلقون على بلدهم، أي مصر، اسم "كيمت"، السوداء أو السمراء؛ بسبب خصوبة أرض مصر التي كان يخصبها نهر النيل الخالد بغرينه الفائق الخصوبة. أي أن كيمت تعني الأرض السوداء الخصبة. واعتقدوا أيضًا أن اللون الأسود يمثل نهر النيل نفسه. وكان النيل ضروريًا للحياة المصرية القديمة؛ إذ كان هو شريان الحياة، وكان يوفر لهم المياه للري والنقل. ولقد كان سيد الآلهة، الإله الأشهر، الرب أوزيريس أيضًا هو رب الاخضرار والنماء والزارعة والبعث والقادر على تخصيب وإنبات الأرض المصري؛ لذا صُور باللون الأسود الذي يلد على ذلك. وكان اللون الأسود يرمز إلى الظلام البدائي الذي كان موجودًا قبل خلق العالم، أو في العالم الآخر، عالم الظلام، أو العالم السفلي أو العالم الآخر الخاص برب الظلام والعالم الآخر، أوزيريس، أو كيمي"، أي الأسود، الذي كان سيد عالم الظلام وعالم الآخر، ورب الموتى، وسيد محاكمة الموتى في العالم الآخر؛ لذا فقد اعتقد المصريون القدماء أن اللون الأسود هو لون الموت والآخرة، لون ربهم أوزيريس، سيد عالم الموتى، والذي عاد من عالم الظلام؛ كي ينجب ابنه وخليفته وولي عهده على عرش مصر، الإله حورس، ابن الربة إيزيس، ثم عاد أوزيريس سيدًا على العالم الآخر مرة أخرى. وصُور بعض المصريين القدماء في تماثيلهم وآثارهم باللون الأسود تشبهًا بربهم الأكبر الإله أوزيريس. واعتقد المصريون القدماء أنه من خلال صنع تماثيلهم بلون أسود أنهم سوف يكونون قادرين على حماية المتوفى من الأرواح الشريرة في العالم الآخر. ومهما كان السبب من وراء ذلك التصوير الفني الديني باللون الأسود، فقد أبدع المصريون القدماء بعضًا من أجمل التماثيل وأكثرها إثارة للاهتمام في العالم كله منذ وقت العثور عليها إلى الآن.