اليسار الفرنسي يتصدر الانتخابات ويصفع اليمين المتطرف
ماكرون يحذر من تحليل نتائج الانتخابات..
ولوبان تفتح النار عليه:
لا يمكن الدفاع عنه
"الجميع يكرهون الشرطة"
هتاف لمؤيدي اليسار في شوارع باريس يثير أعمال شغب واشتباكات عنيفة
حققت الجبهة الشعبية الجديدة اليسارية في فرنسا مفاجأة مدوية بعدما فازت وجاءت في المقدمة في الجولة الثانية من الانتخابات البرلمانية، بينما تراجع اليمين المتطرف بقيادة ماريان لوبان إلى المركز الثالث.
وعقب ذلك، أعلن رئيس الوزراء الفرنسي جابريال أتال أنه سيقدم استقالته إلى الرئيس إيمانويل ماكرون الاثنين، معربًا عن استعداده للبقاء في منصبه "طالما يقتضي الواجب" لا سيما وأن فرنسا تستضيف دورة الألعاب الأولمبية قريبا.
وقال أتال في بيان له: "سأقدم صباح غد (الاثنين) استقالتي إلى رئيس الجمهورية"، مشيرًا إلى أنه بينما تستعد فرنسا "لاستضافة العالم بعد أسابيع قليلة" في مناسبة الأولمبياد "سأتولى بطبيعة الحال مهماتي طالما يقتضي الواجب ذلك".
وتتكون الجبهة الشعبية الفرنسية من حزب "فرنسا الأبية" بقيادة جاك ميلانشون والحزب الاشتراكي والحزب الشيوعي ونشطاء البيئة. وحصلت الجبهة على 215-172 مقعدا من أصل 577 مقعدا في مجلس النواب.
وفي المرتبة الثانية، جاء تحالف الرئيس إيمانويل ماكرون وبحسب استطلاعات الرأي، فقد فاز بما يتراوح بين 150 و180 مقعدا، انخفاضًا من 245 مقعدا.
وتراجع حزب التجمع الوطني اليميني المتطرف، الذي جاء في المقدمة بعد الجولة الأولى، إلى المركز الثالث، ومن المتوقع أن يحصل على 152-120 مقعدا.
ماكرون حِذر
وفي وقت سابق، دعا ماكرون إلى "توخي الحذر" في تحليل نتائج الانتخابات البرلمانية لمعرفة من يمكن أن يتولى تشكيل حكومة، معتبرًا أن كتلة الوسط لا تزال "حيّة" جدًا بعد سنواته السبع في السلطة.
وفي بيان، قال قصر الإليزيه إن ماكرون ينتظر "تشكيلة" الجمعية الوطنية الجديدة من أجل "اتخاذ القرارات اللازمة"، مشيرًا إلى أنه يعكف حاليًا على تحليل نتائج الجولة الثانية من الانتخابات البرلمانية وسينتظر وضوح الصورة كاملة قبل اتخاذ القرارات اللازمة.
وأضافت الرئاسة في البيان "سيحترم الرئيس، باعتباره الضامن لمؤسساتنا، خيار الشعب الفرنسي".
اليمين يهاجم
من جانبها قالت مارين لوبان من حزب التجمع الوطني اليميني المتطرف الفرنسي إن ماكرون في وضع "لا يمكن الدفاع عنه"، بعد أن بدا أن تحالفا يساريا سيحتل بشكل غير متوقع المركز الأول في البرلمان دون تحقيق أغلبية. ومع ذلك، قالت لوبان إن حزبها خسر فقط بسبب التصويت التكتيكي بين ائتلاف الجبهة الشعبية الجديدة ومعسكر ماكرون. وأضافت "لقد تأخر انتصارنا فقط".
كما انتقد رئيس حزب التجمع الوطني اليميني المتطرف جوردان بارديلا الأحد "تحالف العار" الذي حرم الفرنسيين من "سياسة إنعاش" في وقت حلّ حزبه في المرتبة الثالثة في تقديرات نتائج التصويت في الجولة الثانية من الانتخابات التشريعية. وقال بارديلا "يُجسّد حزب التجمع الوطني أكثر من أي وقت مضى البديل الوحيد"، متعهدًا أن حزبه لن ينزلق نحو "أي تسوية سياسية ضيقة" ومؤكدًا أن "لا شيء يمكن أن يوقف شعبًا عاد له الأمل".
أما زعيم اليسار الراديكالي الفرنسي جان لوك ميلانشون فقد طالب رئيس الوزراء بـ"المغادرة" وأنه ينبغي على الجبهة الشعبية الجديدة متصدرة الانتخابات التشريعية في فرنسا والتي ينتمي إليها حزبه، أن "تحكم". وقال ميلانشون زعيم حزب فرنسا الأبية، فيما حل اليمين المتطرف ثالثا بعدما كان فوزه مرجحا "شعبنا أطاح بوضوح أسوأ الحلول".
ومن جانبها، قالت الأمينة العامة لحزب الخضر مارين تونديلييه في باريس: "لقد فزنا والآن سنحكم". وقالت تونديلييه: "الليلة هناك احتمال كبير أن تكون الجبهة الشعبية (الجديدة) في المقدمة". وأضافت "الليلة انتصرت العدالة الاجتماعية، والليلة انتصرت العدالة البيئية، والليلة انتصر الشعب، والآن بدأ الأمر للتو".
وقالت زعيمة حزب الخضر "كنا في قمة مستوانا بفضل الجبهة الشعبية الجديدة، وهذا أمل هائل أبدعه هذا الائتلاف اليساري وحزب الخضر، وهو يشكل الحدث في هذه الانتخابات." وأكدت زعيمة حزب الأخضر أن التحالف اليساري الجديد المكون من الخضر والاشتراكيين والشيوعيين واليساريين تم تشكيله منذ أربعة أسابيع فقط.
شغب واشتباكات
وفي أعقاب الجولة الثانية من الانتخابات اندلعت أعمال شغب واشتباكات خطيرة خلال مسيرات في باريس ومدن فرنسية أخرى يوم الأحد.
ففي باريس، تجمع آلاف الأشخاص في ساحة الجمهورية في وسط العاصمة للاحتفال بفوز التحالف اليساري في الانتخابات المبكرة. وأفادت تقارير إعلامية بأن بعض المتظاهرين اشتبكوا مع الشرطة، التي استخدمت الغاز المسيل للدموع. وتم إضرام النيران في حواجز خشبية. وقامت العديد من المتاجر والبنوك في وسط باريس بتأمين نوافذها باستخدام ألواح خشبية يوم الانتخابات تحسبا لأعمال شغب محتملة. ونشر وزير الداخلية جيرالد دارمانين 30 ألفا من أفراد الشرطة يوم الأحد لمنع الاشتباكات، ونشر 5 آلاف فرد في باريس وضواحيها وحدها.
كما وردت أنباء عن حدوث اشتباكات في مدينة "ليل" شمالي البلاد بين نشطاء من أقصى اليسار والشرطة. واستخدمت الشرطة الغاز المسيل للدموع. وأفادت تقارير إعلامية بأن الشرطة اعتقلت 25 شخصا في رين غربي فرنسا، بعد أن أطلقت شرطة مكافحة الشغب الغاز المسيل للدموع ضد مجموعة من المتظاهرين اليساريين الذين كانوا يهتفون "الجميع يكرهون الشرطة".
وذكرت وسائل إعلام محلية أن شرطيا أصيب في نانت غربي فرنسا بعد أن ألقيت عليه قنبلة مولوتوف. وأطلق المتظاهرون ألعابا نارية على قوات الأمن، التي ردت بإطلاق الغاز المسيل للدموع.