حقق ائتلاف الجبهة الشعبية الجديدة في فرنسا، أمس الأحد، فوزًا مدويًا وغير متوقع بأكبر عدد من المقاعد في الجولة الثانية من الانتخابات التشريعية، وهو الأمر الذي تسبب في تراجع اليمين المتطرف إلى المركز الثالث.

وقال زعيم ائتلاف اليسار الفرنسي جان لوك ميلانشون، أمس الأحد، إن على الرئيس إيمانويل ماكرون دعوة أحزاب اليسار الفرنسي لتشكيل الحكومة، فيما أعلن رئيس الوزراء جابريال أتال أنه سيقدم استقالته إلى ماكرون اليوم الاثنين، موضحًا أنه مستعد للبقاء في منصبه "طالما يقتضي الواجب".

وأضاف ميلانشون بعد إعلان النتائج الأولية التي تشير إلى تقدم ائتلاف اليسار في الانتخابات الفرنسية أن "ماكرون تعرض للهزيمة وعليه أن يعترف بذلك".

من هو جان لوك ميلانشون؟

“الخطيب الأحمر” و“شافيز فرنسا” و “الخطر الجديد الفرنسي”، بهذه النعوت، وصفت الصحف الفرنسية مثل “لي زيكو” و“لو فيجارو” و“ليبراسيون”، زعيم ائتلاف اليسار الجديد، جان لوك ميلانشون.

ولد جان لوك ميلانشون في 19 أغسطس 1951 في مدينة طنجة المغربية، لكنه غادرها عام 1962، وحصل على شهادة الليسانس في الفلسفة عام 1972، وشغل منصب وزير التربية المهنية بين عامي 2000 و2002 في حكومة ليونيل جوسبان. كما عمل في مجال التعليم والصحافة والعمل النقابي.

من هم أعضاء التحالف اليساري الفائز في انتخابات فرنسا وهل سيصمد؟

هل ستتغير سياسة فرنسا تجاه روسيا بعد الانتخابات التشريعية؟

في 1976، انضم ميلانشون إلى الحزب الاشتراكي الفرنسي، وشغل عدة مناصب على مستوى الحزب منها رئيس ومساعد المكتب الوطني بين عامي 2009 و2014. وفي 1986 دخل مجلس الشيوخ الفرنسي، وعمل نائبا في البرلمان الأوروبي منذ 14 يوليو 2009 وأعيد انتخابه يوم 25 مايو 2014.

ترك ميلانشون الحزب الاشتراكي عام 2008، بعدما خاض قبل ذلك حملة ضد معاهدة الدستور الأوروبي عام 2005، مخالفا بذلك موقف الحزب الاشتراكي.

ترشح ميلانشون للرئاسة ثلاث مرات، ففي 2012، ترشح في انتخابات الرئاسة وحل في المركز الرابع وحصل على 11% من أصوات الجولة الأولى، ويوم 5 يوليو 2015 أعلن نيته الترشح لانتخابات 2017 وحصل على حوالي 19.6% من الأصوات.
ويوم 10 فبراير 2016 أكد ترشحه الرسمي على قناة "تي أف 1" الفرنسية، وأعلن بعدها تأسيس حركة "فرنسا الأبية"، وفي انتخابات 2022 الرئاسية، جاء خلف إيمانويل ماكرون ومارين لوبان، وحصل على حوالي 21.95 في المئة من الأصوات.

ما هو برنامج ميلانشون الانتخابي؟

قالت صحيفة "لو فيجارو" الفرنسية إن برنامج ميلانشون الانتخابي يركز بشكل رئيسي على إطلاق الجمهورية السادسة وتوسيع برامج الرعاية الاجتماعية وزيادة الحد اﻷدنى للأجور بنسبة 16%، وخفض ساعات العمل الأسبوعية وسن التقاعد ووقف تسريح الموظفين ورفع سقف الضريبة على الدخول إلى 90%، ورفع سقف الإنفاق الحكومي بنحو 173 مليار يورو على مدى خمس سنوات، وأن تتكلف الحكومة بجميع التكاليف الصحية للمواطنين وتقليص السلطات الرئاسية لصالح السلطة التشريعية.

وفيما يتعلق بملف المهاجرين، يتبنى ميلانشون خطابًا داعمًا لهم، فهو يدعو إلى إدماجهم في المجتمع الفرنسي وتسوية أوضاعهم خاصة من لا يحمل منهم إقامة دائمة. وبسبب بروز ظاهرة دونالد ترامب ومارين لوبان وخيرت فيلدرز دعى ميلانشون إلى عدم اختزال ظاهرة الإرهاب في المهاجرين، ودافع عن حق المسلمين في الوجود بأوروبا بكل حرية، ما داموا غير متورطين في إيذاء أي أحد، ودعا إلى التفريق بين الإسلام والإرهاب.

من هو رئيس وزراء فرنسا القادم؟

زعيم الحزب الاشتراكي يتعهد بإنهاء سياسات ماكرون في فرنسا

ميلانشون ينتقد دائمًا الاتحاد الأوروبي ويعتبر أن سياسات النيوليبرالية قد أفسدته. خلال حملته الانتخابية عام 2012، ناهض ميلانشون بشدة النزعة نحو العولمة الاقتصادية وأدانها باعتبارها تستفيد بشكل غير متناسب من الصناعة المالية وأصحاب الدخل المرتفع على حساب الفقراء. وأصر على أن المنظمات الدولية مثل الاتحاد الأوروبي هددت "بخنق صوت الشعب".

يدعو ميلانشون كذلك الخروج من حلف الناتو وسحب فرنسا من معاهدات الاتحاد الأوروبي إذا لم تتحقق بعض الشروط، إذ يقول "أوروبا إما أن نغيرها وإما أن نغادرها" إضافة إلى مطالبته بالتخلي عن الطاقة النووية.

وبالنسبة للصراع العربي الإسرائيلي، يرى ميلانشون أن إسرائيل دولة استعمارية وأن تسوية الصراع ليست ممكنة إلا بعد عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى موطنهم. بعد خسارة جيريمي كوربين وحزب العمل الانتخابات العامة في المملكة المتحدة 2019، أكد ميلانشون أن نتائج الانتخابات تأثرت بحزب الليكود الإسرائيلي.