تعول الحكومة المصرية على مؤتمر الاستثمار المصري الأووربي الذي انطلقت فعالياته أمس، السبت وتختتم اليوم، الأحد، في تجاوز الوضع الاقتصادي الراهن عبر جذب "حفنة" من الاستثمارات المباشرة، مستغلة في ذلك ما تمتلكه الدولة من مقومات وفرص استثمارية واعدة في مختلف المجالات.
ويحظى مؤتمر الاستثمار المصري الأووربي برعاية خاصة من الرئيس عبد الفتاح السيسي، الذي شارك بقوة في جلسات اليوم الأول منه رفقة رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، حيث أشار إلى أنه خلال العشر سنوات الماضية منذ 2014 وحتى اليوم تم الحرص على تأهيل الدولة المصرية ببنية أساسية متطورة بشكل يتيح انطلاق استثمار حقيقي وصناعة حقيقية في المجالات المختلفة سواء كان اقتصاد قديم أو جديد.
مؤتمر الاستثمار المصري الأوروبي
وشدد الرئيس - خلال الجلسة النقاشية "أجندة الإصلاح الاقتصادي ومناخ الاستثمار" ضمن فعاليات اليوم الأول من مؤتمر الاستثمار - على أن مصر لديها فرص كبيرة جدا في الاستثمار، لافتا إلى أنه سيتم بذل كل الجهود لإنجاح هذه الاستثمارات وتوفير البيئة الجاذبة لها.
وواجه الاقتصاد الوطني صعوبات كبيرة خلال العامين الماضيين عقب انطلاقة قوية في العام 2018 - 2019 كادت تضعه في مصاف الاقتصاديات الكبرى "بلغت معدلات النمو 5.3 حينها" جراء خطوات الإصلاح التي اتخذتها الحكومة في العام 2016، وهو ما أكدته العديد من تقارير المؤسسات الدولية الصادرة وقتها.
وساهمت الأزمات والتوترات الدولية والإقليمية من تفشي وباء كورونا "ديسمبر 2019"، ثم الحرب الروسية الأوكرانية "فبراير 2022"، والحرب في السودان "أبريل 2023"، وداخل قطاع غزة "أكتوبر 2023"، في إرهاق الاقتصاد الوطني وزادت من الأعباء المفروضة عليه، خاصة مع خروج الأموال الساخنة من السوق المحلية والنقص الشديد في العملة الصعبة "الدولار" وما تلاها من تبعات ومنغصات.
هذه التحديات الضخمة، كما وصفها الرئيس السيسي، كانت بمثابة اختبار نجح فيه المصريون، فالشعب المصري قوي وصامد تحمل تبعات وتحديات ضخمة جدا لم يكن مسئولا عن بعضها على الإطلاق، مثل أزمة "كوفيد 19" والحرب الروسية - الأوكرانية وحرب غزة التي كانت لها تداعيات اقتصادية على كل الاقتصاديات الناشئة ومنها الاقتصاد المصري.
وقال رئيس هيئة الاستثمار والمناطق الحرة، الدكتور حسام هيبة، إن المؤتمر يأتي كخطوة أولى لتفعيل اتفاق الشراكة الاستراتيجة بين الاتحاد الأوروبي ومصر الذي تم توقيعه في مارس الماضي.
وأضاف "هيبة" - في تصريحات لـ "العربية": "نؤكد على هذه الشراكة ونؤكد اهتمام الاتحاد الأوروبي للتعامل مع مصر في مجال الاستثمار، ليس مجرد تمويل مشروعات وإنما استثمارات مشتركة ونقل خبرات وتوطين صناعات بعينها، وتم تحديد القطاعات مثل الطاقة المتجددة والهيدروجين الأخضر والقطاع الصناعي وقطاع تكنولوجيا المعلومات".
وتابع رئيس هيئة الاستثمار: "خلال المؤتمر يتم توقيع اتفاقيات للتنفيذ أو مذكرات تفاهم للدراسات بإجمالي 40 مليار يورو، ليس معناه أن المبالغ ستدخل فوريا في خزانة الدولة، وإنما هناك مشروعات سيتم تنفيذها ويتم الانتقال لاتفاقيات التنفيذ وهناك مشروعات أخرى تم التفاوض عليها لها مذكرات تفاهم لعمل الدراسات الفنية للتنفيذ، وتم الانتهاء من مراحل دراسات الجدوي، الأموال تدخل على مدار تنفيذ تلك المشروعات وليس بشكل فوري بمعنى أنها تدخل خلال فترة 3 إلى 5 سنوات تنفيذ وتشغيل".
وقال: "نحن مستمرون في تسهيل الإجراءات بالتعاون مع القطاع الخاص لإعطاء حوافز للمستثمرين.. الحوافز ليست ضرائب وإنما تسهيل الإجراءات والمعوقات وتسهيل إجراءات الدفع وتسهيل إقامة المشروعات والتقليل من أي معوقات.. الحوافز متواجدة في القانون من عام 2017 ولكن نحن نقوم بتفعيل هذه الحوافز لمن يستطيع إيجاد قيمة مضافة لمشروعاته".
حزمة اتفاقيات مصرية - أوروبية
وقعت مصر والاتحاد الأوروبي، السبت على اتفاق، يستثمر بموجبه الاتحاد الأوروبي ما يصل إلى مليار يورو "1ر1مليار دولار" في مصر، كجزء من شراكة استراتيجية. وهذا التمويل هو الدفعة الأولى من حزمة أكبر بقيمة 7,4 مليار يورو، أعلنت عنها رئيسة المفوضية الأوروبية، في مارس الماضي بحسب "دويتشه فيله".
وقالت "فون دير لاين": "نوقع أول حزمة مليار يورو من المساعدات المالية الكلّية" في إطار هذا الاتفاق، فيما أشارت المفوضية الأوروبية إلى أن هذه الحزمة "تشكّل أكبر جزء من الدعم المالي الأوروبي المخصص لمصر ضمن قروض تبلغ قيمتها خمسة مليارات يورو"، وذلك في إطار الدعم البالغ 7,4 مليارات الذي أُعلن عنه في مارس.
وأعلنت المسئولة الأوروبية كذلك العمل على "زيادة الاستثمارات الأوروبية في مصر بقيمة 1,8 مليار يورو"، بالإضافة إلى "توقيع أكثر من 20 صفقة ومذكرة تفاهم جديدة بقيمة تزيد على 40 مليار يورو".
ويتم استثمار هذه الأموال في قطاعات، مثل الطاقة النظيفة والتصنيع والأمن الغذائي، حسب المفوضية، فيما يعد مؤتمر الاستثمار إحدى النتائج الرئيسية الأولى للشراكة الاستراتيجية والشاملة بين مصر والاتحاد الأوروبي
ويهدف المؤتمر إلى تعزيز فرص الاستثمار في القطاعات الرئيسية مثل الطاقة المتجددة، بما في ذلك الهيدروجين المتجدد، والاقتصاد الدائري، والتصنيع "قطاعات الأدوية الطبية والسيارات"، والزراعة والأمن الغذائي والمائي، والابتكار والرقمنة.
وقد تم تحديد هذه القطاعات من قبل الجانبين لقدرتها على المساهمة في التنمية المستدامة والتنوع الاقتصادي في مصر.
وقال مقررلجنة الاستثمارالمحلي والخاص والأجنبي بالحوار الوطني، الدكتور سمير صبري، إن انعقاد مؤتمر الاستثمار المصري الأوروبي له دلالات كثيرة، وهو استكمالا لترفيع العلاقات مع الاتحاد الأوروبي.
وأضاف "صبري"، في تصريحات له، أن كلمة الرئيس السيسي في افتتاح المؤتمر تضمنت عددا من الرسائل التي تؤكد أن مصر حكومة وشعب أثبتت للعالم قدرتنا على مواجهة التحديات، وأننا دولة رائدة.
وأوضح مقررلجنة الاستثمارالمحلي والخاص والأجنبي بالحوار الوطني، أن ما بذلته مصر على مدار الـ 10 سنوات الماضية وتحقيقها للأمن والاستقرار السياسي، فضلا عن تأسيس بنية تحتية كان جاذبا للاستثمار بشكل كبير.
فيما قال أستاذ الإدارة بالجامعة الأمريكية، أيمن غنيم، إن "مؤتمر الاستثمار المصري الأوروبي ينعقد في توقيت مهم، فمصر تسعى للاستفادة من التدفقات الاستثمارية الأخيرة في مصر ".
وأضاف "غنيم"، في تصريحات تليفزيونة، أن مصر تتجه نحو الاقتصاد الإنتاجي، وتسعى الدولة لمعالجة مشاكل متراكمة منذ عقود، ونقتحم المجالات الإنتاجية وأهمها مجال الطاقة النظيفة، وتابع: “هناك برنامج طموح للمشروعات القومية المصرية وهناك إصلاح مالي وهيكلي سوف يسهم في جذب المزيد من الاستثمارات”.