بأنامل ذهبية وأفكار غير تقليدية، تتحول معهن القوالب الخشبية وفروع أشجار السرسوع إلى تحف فنية، بعضها يصلح كأدوات للزينة يجمل الحوائط، وبعضها الآخر يستخدم كالأنتيكات العريقة التى تضفى على أرجاء المنازل تميزاً وعراقة، فيما يستخدم الكثير منها كأدوات صحية فى المطبخ ما بين أطباق أو صوانى من خامات طبيعية فريدة، تعطى مذاقا مختلفا للأطعمة التى توضع فيها.

كل هذه الإبداعات نتاج مجموعة فتيات تمكنّ من اجتياز تدريب متقدم تحت إشراف جمعية “ريدك” للتنمية المستدامة بـ قنا، التى حملت على عاتقها مهمة التمكين الاقتصادى للفتيات، وإكسابهن مهارات تعلم حرفة نادرة، يتحول من يجيدها إلى حرفى بدرجة فنان، حيث تتحدث المنتجات بألوانها وتقطيعاتها المميزة، عن مهارة صانعها، وأن فتيات مصر قادرات على أن يجعلن شعار "صنع فى مصر" يفرض نفسه على جميع المنتجات المنزلية والصناعات البسيطة التى تستنزف ملايين الدولارات من الخزينة المصرية.

بدأنا بتصنيع ملعقة وشوكة

قالت هبة محمد محمود: “بدأت العمل فى ورشة النجارة بجمعية ريدك، منذ عام وشهرين، وكانت البداية بعمل ملعقة وشوكة بعد تقطيعها على المنشار، وبعدها أطباق وصوانى، وكل فترة ننتقل من مرحلة لأخرى، إضافة للقيام بأعمال الصنفرة اليدوية للمنتجات، حتى تصل إلى النعومة المطلوبة”.

شجرة عمران.. تحولت لمقهى اجتماعى لأهالى"المنشية" والغرباء يقصدونها لعلاج الأمراض الجلدية بقنا|شاهد

يعتبروننا موضة قديمة.. حلاق سبعينى: الشباب يخشون تسليم رؤوسهم لمقصاتنا| شاهد

وأضافت: “كنت أخاف فى البداية وأرتعش أثناء العمل على المنشار، لكن مع الوقت تعودت على العمل مع معظم الآلات والأدوات فى الورشة، تعلمت التركيز أثناء العمل على المنشار وعدم الانشغال بأى شىء آخر، حتى لا أعرض حياتى والآخرين للخطر، وتعرفت أكثر على خشب السرسوع، بعدما كنت أتعامل مع الخشب المصرى فقط الذى يتميز بسهولة التعامل، لكن السرسوع رغم صعوبة التعامل معه إلا أن له طابعا مميزا ومختلفا عن أى خشب آخر”.

تعلمت تصنيع الأنتيكات من السرسوع

من جانبها، أوضحت هند طه على أنها بدأت العمل فى ورشة النجارة منذ عام، تعلمت خلاله عمل البلانشات والصنفرة، والعمل على المخرطة والمنشار، وشاركت فى عمل أنتيكات وترابيزات وتحف متنوعة، لافتة إلى أنها تحب أن تعمل بمفردها حتى تنتهى من عمل القطعة المطلوبة، خاصة الأطباق والمعالق التى تجيد صناعتها.

وقالت هبة محمد عبد السميع: “أقيم فى قرية دندرة، وسمعت عن تدريب على خشب السرسوع من خلال صفحة جمعية ريدك على مواقع التواصل الاجتماعي، فبادرت بالتقديم، وحصلت على تدريب لمدة 15 يوما، وبعدها حصلت على تدريب متقدم لمدة 15 يوما أخرى، وبعدها 12 يوما أخرى، تعلمت خلالها مهارات التعامل والعمل على خشب السرسوع، وتمكنت من عمل أدوات مطبخ كامل، ملاعق العسل وأطباق وشوك، إضافة إلى كيفية تقطيع الخشب وعلاج السوس الموجود بالخشب”.

وأضافت: “هناك الكثير من المراحل التى نعمل عليها حتى يصل المنتج للمرحلة النهائية المميزة، والتى تنتهى بالصنفرة، بعد مرورها على 3 درجات حتى نصل لدرجة جيدة من النعومة، وخلال هذه المراحل نعمل على الكثير من المعدات والأدوات، منها منشار كبير وصغير، مخرطة، الصاروخ، الدبابة وغيرها من الأدوات التى تختلف باختلاف المنتج المراد تصنيعه”.

هدفنا تمكين الفتيات اقتصادياً

وقال أحمد عبد الله، مدير مركز التدريب والإنتاج بجمعية جمعية “ريدك” للتنمية المستدامة، إن “مشروع “شباب صناع” أحد المشروعات التى تنفذها الجمعية بتمويل من هيئة “دروسوس”، بهدف التمكين الاقتصادى للشباب والفتيات، حيث يتم من خلال ورشة النجارة تدريب الفتيات تدريبات أولية وتدريبات متقدمة، مثل النحت على خشب السرسوع، بعدها نقوم بعمل عقود تشغيل لهن للعمل بالورشة، كحرفيين، وأصبح لدينا حالياً 10 فتيات سواء داخل الورشة أو خارجها، وهن عنصر مهم للغاية، مهمتهن تشطيب المنتج والصنفرة ودهان المنتج بزيت الزيتون حتى يخرج بالشكل النهائى واللمعة المعروفة”.

وأشار عبد الله، إلى أن منتجات خشب السرسوع منتجات صحية لا تستخدم فيها أى مواد صناعية، وتتنوع منتجات السرسوع ما بين أدوات وأشكال للزينة، والأكثر منها كأدوات للمطبخ مثل الشوك والسكاكين والأطباق، وتعطى أمانا كبيرا للأطعمة، كون الخشب طبيعيا بنسبة 100%، ولا يستخدم معه إلا زيت الزيتون للتلميع وإغلاق المسام، فضلاً عن لون طبيعى صحى يعطى مزيدا من الجمال لها أثناء تقديم المأكولات بها، لافتاً إلى أن الفتيات العاملات بالورشة تحولن إلى حرفيات ماهرات، يصنعن منتجات بجودة عالية يتم عرضها فى الكثير من المعارض.

وأوضح أن شجر السرسوع من الأشجار التى تنمو فى مناطق كثيرة بمصر، وهو نوع من أشجار الزينة والظل، وأفضل الأماكن التى يتواجد فيها هذا النوع بجودة ومتانة عالية فى الصعيد، لطبيعة الجو الحار، ولا يتم التعامل مع الخشب إلا بعد 6 أشهر من القطع حتى يجف بشكل جيد، وبعدها يتم التعامل معه بالتقطيع من خلال المنشار.

خشب السرسوع