وسط منطقة القيسارية بمدينة نقادة جنوب قنا، استقل العم ناجى راشد بمحل خاص للحلاقة قبل أكثر من نصف قرن، بعدما تعلم مهنة الحلاقة على يد والده و أبناء عمومته، وقرر أن يسير فى نفس الطريق ويرتدى نفس الجلباب، ليكمل مسيرة عائلته فى الحرفة التى يجيدها، لكونها ضمن الحرف التى لا يمكن الاستغناء عنها.
[[system-code:ad:autoads]]عشت فى جلباب أبى واحترفت الحلاقة
بعدما تمكن من الحصول على قدر بسيط من التعليم، قرر أن يعيش فى جلباب والده ويمتهن نفس الحرفة التى وجد والده وأجداده يعملون بها، فافتتح محلا خاصا به عام 1967، ليمارس الحرفة التى يجيدها، بآلات ومقصات بدائية مقارنة بالأجهزة الحديثة التى يعتمد عليها الحلاقون فى الوقت الحالى، ودون ارتباط بالتيار الكهربائى الذى لم متاحاً خلال هذه الفترة.
[[system-code:ad:autoads]]مرور أكثر من 50 عاماً فى الحلاقة، لم يقنع الشباب بتسليم رؤوسهم للعم ناجى، رغم مهاراته وخبراته التى تجاوزت نصف قرن من الزمان، لاقتناعهم بأنه من بقايا الزمن الماضى، وأن رؤوسهم تحتاج إلى حلاق عصرى، يعرف متطلباتهم ويجيد ابتكار قصات جديدة، ما جعل محله العتيق بمدينة نقادة القديمة، يتحول إلى مقصد لكبار السن فقط، وأدى بطبيعة الحال إلى تقلص ساعات العمل.
متحف مصغر للأدوات القديمة
احتفاظه بالكثير من الأدوات القديمة التى كان يستخدمها منذ فتح المحل فى النصف الثانى من القرن الماضى، جعل من محله الصغير بمثابة متحف مصغر للكثير من أدوات الحلاقة القديمة، وأشهرها الموس العادى"بدون شفرة" والماكينات اليدوية التى كانت تستخدم درجة واحدة فى حلاقة الرأس.
قال ناجى راشد: “أعمل فى مهنة الحلاقة منذ الصغر، فقد تعلمتها على يد والدى و أبناء عمومتى، وبعد فترة من العمل من أبناء عمى فى محلاتهم، قررت فى عام 1967 فتح محل خاص بى فى منطقة القيسارية بمدينة نقادة، وكان عددنا وقتها لا يتجاوز 10 أشخاص، ما جعل المهنة مميزة ولها زبائنها، وكنت استمر لساعات طويلة فى المحل حتى انتهى من حلاقة رؤوس الزبائن”.
وأضاف: “وكنت حتى تسعينيات القرن الماضى أعتمد على المقصات والأدوات القديمة، بما فيها الموس العادى بدون شفرة، وكنت أستخدم معه أنواعا كثيرة من الكحول لعدم نقل أى عدوى للزبائن، ومع بدء دخول الكهرباء إلى مدينة نقادة، بدأت أطور الأدوات التى أستخدمها فى الحلاقة، إلى أن ظهرت الماكينات اليدوية، ومن بعدها الماكينات الكهربائية الصغيرة التى كانت بمثابة طفرة حقيقية فى عالم الحلاقة، ووفرت الكثير من الجهد على الحلاقين”.
الشباب يخشون تسليم رؤوسهم لمقصاتنا
واستطرد حلاق نقادة: “ومع مرور الزمن ودخول الألفية الجديدة، بدأ الإقبال علي وأنا وأبناء جيلى يتراجع لصالح الشباب والكوافيرات الحديثة التى تعتمد على الأدوات الحديثة، أكثر من الاعتماد على مهاراتهم وأيديهم فى الحلاقة، وتحولت محلاتنا إلى مقصد لكبار السن فقط و تراجعت ساعات العمل إلى أدنى مستوياتها، لدرجة أننا يمكن أن نغلق بالأيام لعدم وجود زبائن كما كان فى نهاية القرن الماضى”.
وتابع راشد: “الشباب الحالى وصغار السن لا يقصدون محلاتنا، ولا يأمنون على رؤوسهم تحت أيدينا أو مقصاتنا، رغم قدرتنا على عمل أى قصات جديدة، كوننا بدأنا من الصفر، وقبل أن تظهر الماكينات الحديثة، لكننا لم نعد مرغوبين ويعتبروننا حلاقين للعواجيز فقط أو موضة قديمة، ما جعل عملنا يقتصر على من يماثلوننا فى العمر أو أقل بفترة بسيطة”.
كنت أحلق على ضوء" الكلوب"
وأوضح: "أيام زمان كانت جميلة وكنا نعيش فى خير ومحبة، وكنت أعمل خلالها على ضوء" الكلوب" قبل دخول الكهرباء، ورغم الوقوف لساعات كثيرة والاعتماد على اليد فى العمل، إلا أنها كانت أيام رخاء، لذلك ما زلت محتفظا بالمحل كما هو دون تغيير فى معالمه، فضلاً عن الاحتفاظ بأدوات الحلاقة القديمة التى كنت أستخدمها منذ فتح المحل".
وأشار راشد إلى أن فترة كورونا كان لها خصوصية عن بقية الفترات الزمنية، فقد فرضت الظروف الصعبة التى تسبب فيها ظهور الفيروس، الاعتماد على كمية كبيرة من المنظفات والمواد الطبية والكحول، خوفاً من انتقال العدوى من شخص لآخر، فضلاً عن تسببها فى تعطل العمل فى المحل لفترة كبيرة.