قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

صدى البلد

حكم قطع الصيام بمجرد نية الإفطار

×

أجابت دار الإفتاء المصرية، عن سؤال ورد اليها عبر موقعها الرسمي مضمونة:"ما حكم قطع الصيام بمجرد نية الإفطار؟ فقد حدثتني نفسي بالإفطار أثناء صومي أحد أيام شهر رمضان، وفكرتُ في ذلك لكني لم آتِ بفعل يقع به الإفطار؛ فهل مجرد النية بقطع الصيام يُبطله؟ وهل يلزمني قضاء هذا اليوم أو لا؟".

[[system-code:ad:autoads]]

وأجابت دار الإفتاء موضحة: أنه إذا نوى الصائم الفطر من غير أن يأت بفعل مفطر؛ فصومه صحيح، ولا يلزمه قضاء ولا كفارة؛ لأن نية الإفطار المجردة عن فعل لا تعدو أن تكون من حديث النفس المرفوع عن أمة المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم؛ فعَنْ أبي هريرة رضي اللَّه عنه قال: قال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ اللَّهَ تَجَاوَزَ لِي عَنْ أُمَّتِي مَا وَسْوَسَتْ بِهِ صُدُورُهَا، مَا لَمْ تَعْمَلْ أَوْ تَكَلَّمْ» رواه البخاري.

[[system-code:ad:autoads]]

شروط وجوب الصوم
صـوم رمضان ركنٌ مِن أركان الإسـلام، وفريضةٌ فرضها الله سبحانه وتعالى على كلِّ مسلمٍ بالغ عاقـل صحيح مقيم مستطيع خالٍ من المـوانع؛ فقال جلَّ شأنه: ﴿شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ﴾ [البقرة: 185].

آراء المذاهب الفقهية في حكم قطع الصيام بمجرد نية الإفطار
قد اختلف الفقهاء فيما إذا نوى الصائمُ أثناء صوم رمضان الفطرَ نيةً مجردة عن فعلٍ مُفطِّر متصل بهذه النية.

فذهب جمهور الفقهاء من الحنفية والمالكية والشافعية في وجهٍ وابن حامد من الحنابلة إلى أن مجرد نية الصائم الفطر مع عدم إتيانه بمفطِّر لا تُبطل الصوم، بل صومه صحيحٌ تامٌّ؛ لأن نية الإفطار لم يتصل بها فعلٌ مُفطِّر.

قال علاء الدين الكاساني الحنفي في "بدائع الصنائع" (2/ 92، ط. دار الكتب العلمية): [ولو نوى الصائم الفطر ولم يُحْدِث شيئًا آخر سوى النية: فصومه تامٌّ.. ولنا: أن مجرد النية لا عبرة به في أحكام الشرع ما لم يتصل به الفعل؛ لقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «إِنَّ اللهَ تَعَالَى عَفَا عَنْ أُمَّتِي مَا تَحَدَّثَتْ بِهِ أَنْفُسُهُمْ مَا لَمْ يَتَكَلَّمُوا، أَوْ يَفْعَلُوا»، ونية الإفطار لم يتصل بها الفعل، وبه تبين أنه ما نقض نية الصوم بنية الفطر؛ لأن نية الصوم نيةٌ اتصل بها الفعل، فلا تبطل بنية لم يتصل بها الفعل، على أن النية شرط انعقاد الصوم لا شرط بقائه منعقدًا، ألَّا ترى أنه يبقى مع النوم، والنسيان، والغفلة!] اهـ.

وقال العلَّامة الصاوي المالكي في "حاشيته على الشرح الصغير" (1/ 708، ط. دار المعارف): [قوله: "رفع نية لصومه نهارًا" بأن قال في النهار وهو صائم: رفعتُ نيةَ صومي أو رفعتُ نيتي عليه، أما مَن عزم على الأكل أو الشرب ثم ترك ما عزم عليه: فلا شيء عليه؛ لأن هذا ليس رفعًا للنية، وقد سئل ابن عبدوس عن مسافر صام في رمضان فعطش فَقُرِّبَتْ له سفرتُه ليُفطر وأهوى بيده ليشرب، فقيل له: لا ماء معك، فكف، فقال: أُحِبُّ له القضاء، وصوب اللخمي سقوطَه، وقال: إنه غالب الرواية عن مالك، وكذلك في "المجموع"، ومعنى رفع النية: الفطر بالنية لا نية الفطر، فلا يضر إذا لم يُفطر بالفعل؛ كما في (ر)، وهو معنى ما في غيره: إنما يضر الرفضُ المطلقُ، أما المقيدُ بأكلِ شيء فلم يوجد؛ فلا. ومنه: مَن نوى الحدث في أثناء الوضوء فلم يُحْدِث؛ ليس رافضًا] اهـ.

وقال الإمام العمراني الشافعي في "البيان" (3/ 494، ط. دار المنهاج): [وإن نوى الصائمُ الخروجَ من الصوم .. ففيه وجهان: أحدهما: لا يبطل؛ لأنها عبادة تجب الكفارة بجنسها، فلا تبطل بنية الخروج منها؛ كالحج] اهـ.

وقال شمس الدين الزركشي الحنبلي في "شرحه على مختصر الخرقي" (1/ 424، ط. دار الكتب العلمية): [قال: "ومَن نوى الإِفطار فقد أفطر". ش: هذا هو المذهب المعروف المشهور.. وعن ابن حامد: لا يفطر؛ لأنها عبادة يلزم المضيُّ في فاسدِها، فلم تفسد بنية الخروج منها؛ كالحج] اهـ.

وقال برهان الدين ابن مفلح الحنبلي في "المبدع" (3/ 19-20، ط. دار الكتب العلمية): [(ومَن نوى الإفطار: أفطر) نصَّ عليه، وفي "الشرح" هو ظاهر المذهب.. وقال ابن حامد: لا تبطل؛ كالحج] اهـ.

وذهب الشافعية في الأظهر والحنابلة إلى أن مجرد نية الصائم الفطر تبطل صومه، حتى وإن لم يأت بفعل مفطر؛ لقطعه نية صومه بنية الإفطار، ولأن الأصل في الصوم اعتبار النية في جميعه، لكن لما تعسَّر اعتبار حقيقتها اعتُبِر حكمها، بأن لا ينوي قطعها، فإذا نواه زالت حقيقة وحكمًا، واشترط الشافعية في ذلك أن تكون نية الخروج من الصوم مجزومًا بها في الحال دون تردد أو تعليق.

قال الإمام الشيرازي الشافعي في "المهذب" (1/ 333، ط. دار الكتب العلمية): [ومَن دخل في الصوم ونوى الخروج منه: بطل الصوم؛ لأن النية شرط في جميعه، فإذا قطعها في أثنائه بقي الباقي بغير نية، فبطل، وإذا بطل البعض بطل الجميع؛ لأنه لا ينفرد بعضه عن بعض.. والأول أظهر؛ لأن الحج لا يخرج منه بما يفسده، والصوم يخرج منه بما يفسده، فكان كالصلاة] اهـ.

وقال الإمام العمراني في "البيان" (3/ 494): [وإن نوى الصائم الخروج من الصوم.. ففيه وجهان:.. والثاني: يبطل، وهو الأظهر؛ لأنها عبادة تفتقر إلى تعيين النية، فتبطل منه بنية الخروج منها؛ كالصلاة.. والصوم يخرج منه بما يفسده] اهـ.

وقال الإمام النووي في "المجموع" (6/ 297، ط. دار الفكر): [هذا إذا جزم بنية الخروج في الحال فلو تردد في الخروج منه أو علَّق الخروج على دخول زيد مثلًا؛ فالمذهب، وبه قطع الأكثرون: لا يبطل وجهًا واحدًا] اهـ.

وقال شمس الدين الزركشي الحنبلي في "شرحه على مختصر الخرقي" (1/ 424): [قال: "ومن نوى الإِفطار فقد أفطر". ش: هذا هو المذهب المعروف المشهور؛ لأنها عبادة من شرطها النية، فبطلت بنية الخروج منها كالصلاة، ولأنه قد خُلِّيَ جزء من العبادة عن النية المشترطة لجميع العبادة، والمركب يفوت بفوات جزئه؛ فيبطل] اهـ.

وقال الشيخ البهوتي الحنبلي في "كشاف القناع" (2/ 316، ط. دار الكتب العلمية): [(ومن نوى الإفطار: أفطر)؛ لأنه قد قطع نية الصوم بنية الإفطار، فكأنه لم يأت بها ابتداء (فصار كمن لم ينو) الصوم (لا كمن أكل) ونحوه، (فلو كان) نوى الإفطار (في نفل ثم عاد: نواه) نفلًا (صحَّ) نصَّ عليه، (وكذا لو كان مِن نذر أو كفارة، فقطع نيته ثم نوى نفلًا)، بخلاف ما إذا كان من قضاء رمضان على طريقته] اهـ.

المختار للفتوى في هذه المسألة والأدلة على ذلك
المختار للفتوى: ما ذهب إليه جمهور الفقهاء من الحنفية والمالكية والشافعية في وجه وابن حامد من الحنابلة أن الصائم لو نوى الفطر من غير أن يأت بفعل مفطر؛ فصومه صحيح، وعليه: فلا يلزمه قضاء ولا كفارة؛ لأن نية الإفطار المجردة عن فعل لا تعدو أن تكون من حديث النفس المرفوع عن أمة المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم.

فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ اللَّهَ تَجَاوَزَ لِي عَنْ أُمَّتِي مَا وَسْوَسَتْ بِهِ صُدُورُهَا، مَا لَمْ تَعْمَلْ أَوْ تَكَلَّمْ» أخرجه البخاري في "الصحيح".

وعَنْه أيضًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ اللهَ تَجَاوَزَ لِأُمَّتِي مَا حَدَّثَتْ بِهِ أَنْفُسَهَا، مَا لَمْ يَتَكَلَّمُوا، أَوْ يَعْمَلُوا بِهِ» أخرجه مسلم في "الصحيح".

وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ، فِيمَا يَرْوِي عَنْ رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ: قَالَ: «إِنَّ اللَّهَ كَتَبَ الحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ ثُمَّ بَيَّنَ ذَلِكَ، فَمَنْ هَمَّ بِحَسَنَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْهَا كَتَبَهَا اللَّهُ لَهُ عِنْدَهُ حَسَنَةً كَامِلَةً، فَإِنْ هُوَ هَمَّ بِهَا فَعَمِلَهَا كَتَبَهَا اللَّهُ لَهُ عِنْدَهُ عَشْرَ حَسَنَاتٍ إِلَى سَبْعِ مِائَةِ ضِعْفٍ إِلَى أَضْعَافٍ كَثِيرَةٍ، وَمَنْ هَمَّ بِسَيِّئَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْهَا كَتَبَهَا اللَّهُ لَهُ عِنْدَهُ حَسَنَةً كَامِلَةً، فَإِنْ هُوَ هَمَّ بِهَا فَعَمِلَهَا كَتَبَهَا اللَّهُ لَهُ سَيِّئَةً وَاحِدَةً» أخرجه الشيخان في "الصحيح".

ومما يؤكد صحة الصوم وعدم الاعتداد بنية الإفطار قاعدة الاستصحاب وما يندرج تحتها مِن قواعد؛ كقاعدة: "الْأَصْلُ بَقَاءُ مَا كَانَ عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ"؛ كما في "الأشباه والنظائر" للإمام السيوطي (ص: 51، ط. دار الكتب العلمية).