الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

إسرائيل أمام المحكمة الدولية| هل تنجح الضغوط في تخفيف وطأة حرب غزة؟.. وهذا السيناريو الأقرب

المحكمة الدولية
المحكمة الدولية

بعد فشِل مجلسُ الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة والمحكمة الجنائية الدولية مرارا وتكرارا في وقف الإبادة المستمرة منذ أكثر من 3 أشهر في قطاع غزة، جاءت محكمة العدل الدولية الخميس لتنظر أولى جلساتها في دعوى تقدمت بها جنوب إفريقيا تتهم فيها إسرائيل بارتكاب جرائم إبادة جماعية.

 إبادة جماعية

وهناك تساؤلات كثيرة تترافق مع بدء جلسات محكمة العدل الدولية للنظر في دعوى جنوب إفريقيا، التي تتهم فيها إسرائيل بارتكاب جريمة إبادة جماعية في غزة، حيث تشكّل هذه المحكمة ضغطًا معنويا على إسرائيل، مما دفع تل أبيب للمشاركة في المحكمة، في حين ترفض اتهامات الإبادة، وتعتبر أن جنوب إفريقيا باتت ذراعا لحماس.

أما في المضمون والواقع، فالمحكمة التي هي الهيئة القضائية الأعلى في الأمم المتحدة، ويمكن أن تصدر تدابير مؤقتة تأمر فيها إسرائيل بوقف الحرب.

وفي هذا الصدد، اتهمت جنوب أفريقيا، الخميس، إسرائيل بممارسة أعمال إبادة جماعية ضد الفلسطينيين، في مستهل جلسات الاستماع أمام محكمة العدل الدولية في قضية رفعتها بريتوريا على إسرائيل بسبب حملتها العسكرية في غزة، وتقول إسرائيل إن القضية بلا أساس.

وقال وزير العدل في جنوب أفريقيا، رئيس فريقها القانوني إلى محكمة العدل الدولية، رونالد لامولا، إن إسرائيل فشلت في دحض الاتهامات الموجهة إليها بارتكاب جرائم "إبادة جماعية" في قطاع غزة.

وقال لامولا، في مؤتمر صحفي عقب رفع الجلسة الثانية لمحكمة العدل الدولية في مدينة لاهاي الهولندية، والتي استمعت خلالها للمرافعة الإسرائيلية، إن تل أبيب "لا يمكنها التنصل من تصريحات مسؤوليها، بمن فيهم رئيس الوزراء (بنيامين نتنياهو) ووزير الجيش (يوآف جالانت)، ولا من أفعال جنودها على الأرض".

وقف الحرب

وأضاف أن "إسرائيل تبدو غير قادرة على دحض فكرة تهجير الشعب الفلسطيني من غـزة، ونحن متمسكون بالقانون والأدلة التي قدمناها، وواثقون من وجود نية (لدى إسرائيل) لتنفيذ إبادة جماعية ضد الفلسطينيين".

وتابع: "لا شيء يبرر الطريقة التي تشن بها إسرائيل الحرب على غـزة، والدفاع عن النفس لا يبرر جرائم الإبادة الجماعية، ونحن على ثقة من أننا قدمنا دعوى متكاملة، وإسرائيل حاولت شيطنتنا، والأمم المتحدة نفسها اعترفت بعرقلة عمل بعثات الإغاثة في غـزة وأن وقف الحرب هو الحل الوحيد"، وأعرب لامولا عن ثقته بأن محكمة العدل الدولية ستلزم إسرائيل باتخاذ إجراءات مؤقتة لوقف الحرب على غـزة.

وكشفت إسرائيل عن اتهامها لـ جنوب أفريقيا بتشويه الحقيقة في قضيتها أمام محكمة العدل الدولية، حيث تتهم إسرائيل بارتكاب جرائم إبادة جماعية. وقد أفاد المحامي الإسرائيلي تال بيكر في المحكمة الدولية أن جنوب أفريقيا قدمت "وصفًا متحيزًا ومشوهًا" للصراع الإسرائيلي الفلسطيني.

وترى جنوب أفريقيا أن إسرائيل ترتكب جرائم إبادة جماعية ضد الفلسطينيين في حربها في قطاع غزة، وتطالب المحكمة بإصدار قرار يأمر إسرائيل بوقف نشاطها العسكري.

ووفقا لهيئة الإذاعة البريطانية، تعد المحكمة الدولية أعلى محكمة في الأمم المتحدة، وقراراتها ملزمة بموجب القانون نظرياً على الأطراف المعنية، بما في ذلك إسرائيل وجنوب أفريقيا، ولكنها غير قابلة للتنفيذ.

دفاع إسرائيل 

وقدمت إسرائيل دفاعها للمحكمة يومًا بعد تقديم جنوب أفريقيا قضيتها، وخارج ساحة المعركة القانونية في المحكمة الدولية، أقامت الشرطة حواجز لضمان بقاء الأطراف المتنازعة بعيدًا عن بعضها البعض. وفي جانب واحد، تم تمرير الأعلام الفلسطينية تحت شاشة كبيرة تبث بثًا مباشرًا من القاعة القضائية.

وتم حمل لافتات تحمل صور نيلسون مانديلا، مشيرة إلى التشابهات التي رسمتها فرقة المحاماة الجنوب أفريقية بين الوضع في غزة وفترة الفصل العنصري السابقة في جنوب أفريقيا.

وعلى مسافة مئات الأمتار، تم ترتيب طاولة رمزية، وتم إلصاق صور على ظهر الكراسي الفارغة لعدد من الإسرائيليين الذين لا يزالون محتجزين من قبل حماس.

وتؤكد جنوب أفريقيا أن إسرائيل تنتهك اتفاقية الإبادة الجماعية لعام 1948، التي تم توقيعها من قبل كلا الدولتين، والتيتعهد الأطراف بمنع وقوع جرائم الإبادة الجماعية.

رؤية مختلفة 

وفي هذا الإطار، قال الدكتور طارق فهمي، أستاذ العلوم السياسية، إن إسرائيل تعاملت مع مثولها أمام محكمة العدل الدولية برؤية أو مقاربة تبدو مختلفة عن محاولات سابقة حينما أحالت المحكمة الجنائية الدولية قضايا مشابهة، وكان أشهرها في نوفمبر 2021 في أحداث مشابهة لهذا، علما بأن إسرائيل من الدول الموقعة ضمنا على اتفاقية الإبادة الجماعية، وجزء منها مرتبط بطبيعة الحال بالالتزامات الإسرائيلية.

وأضاف فهمي- خلال تصريحات لـ "صدى البلد"، أن إسرائيل تريد أن تقول بإنها تتجاوب مع هذا الطرح بصرف النظر عما ستنتج من توجيه اتهامات مباشرة لها، وهناك حالة فزع وتخوف بالداخل الإسرائيلي، لأن جزءا منه مرتبط بما ستقدمه إسرائيل من أسانيد ودلائل، والمحكمة ستستمع إلى ما بعد عرض جنوب أفريقيا الأسباب والمبررات لرفع هذه الدعوى ثم سترد إسرائيل على الأسانيد المباشرة في هذا الإطار.

وأشار إلى أن هناك خطة دبلوماسية وقانونية من قبل إسرائيل بشأن هذه المحاكمة، فالخطة الدبلوماسية تحركت فيها إسرائيل خلال العشرة أيام الماضية، وجزء منها مرتبط بمحاولة تأكيد على أنها دولة ملتزمة وعضو في الأمم المتحدة، وأنها ليست دولة مارقة لقواعد القانون الدولي، وستقدم أدلة على أن ما تتعرض له، وفقا لمفهومها، بأنها مستهدفة من المنظمات الإرهابية، وبالتالي من حقها اتخاذ هذا الإجراء.

ومن جانبها، ردت مصر على اتهامات وجهتها لها إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية زعمت فيها منع السلطات المصرية نقل المساعدات إلى غزة، حيث نفت مصر تلك المزاعم ووصفتها بالكذب.
وقال ضياء رشوان، رئيس الهيئة العامة للاستعلامات، عبر تقرير عرضته فضائية “العربية”، إن تهافت وكذب الادعاءات الإسرائيلية يتضح بعدة نقاط منها، أن المسئولين الإسرائيليين وفي مقدمتهم رئيس الوزراء ووزير الدفاع ووزير الطاقة أكدوا عشرات المرات في تصريحات علنية منذ بدء العدوان على غزة أنهم لن يسمحوا بدخول المساعدات لقطاع غزة، خاصة الوقود.

 جرائم الحصار

وأضاف ضياء رشوان أن إسرائيل حينما وجدت نفسها أمام محكمة العدل الدولية متهمة بأدلة موثقة بارتكاب جرائم الحصار والإبادة الجماعية، لجأت إلى إلقاء الاتهامات على مصر للهروب من إدانتها المرجحة من جانب المحكمة .

وأوضح أن سيادة مصر تمتد فقط على الجانب المصري من معبر رفح، بينما يخضع الجانب الآخر في غزة لسلطة إسرائيل، وتجلى ذلك في آلية دخول المساعدات من مصر إلى معبر كرم أبو سالم وتفتيش الشاحنات من جانب الجيش الإسرائيلي قبل دخولها أراضي القطاع، مشيرًا إلى أن مصر أعلنت عشرات المرات أن معبر رفح من الجانب المصري مفتوح بلا انقطاع.

حماس: 

وفي السياق نفسه، قال باسم نعيم عضو المكتب السياسي لحركة حماس: "نرحب بانعقاد الجلسة (من القضية)... بتهمة التطهير العرقي والإبادة الجماعية، ونتطلع لأن تصدر المحكمة قرارا ينصف الضحايا، بوقف العدوان فوراعلى غزة ومحاسبة مجرمي الحرب".

من جانبه، قال سامي أبو زهري القيادي في حماس "الشعب الفلسطيني يتابع باهتمام كبير نتائج جلسة محكمة العدل الدولية اليوم (...) ندعو المحكمة إلى تجاوز كل الضغوط واتخاذ قرار بتجريم الاحتلال الإسرائيلي ووقف العدوان".

الولايات المتحدة:

وقال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن "تعتقد الولايات المتحدة أن قضية جنوب أفريقيا المرفوعة على إسرائيل تشتت العالم عن الجهود المهمة من أجل السلام والأمن".

بدوره، قال المتحدث باسم الأمن القومي بالبيت الأبيض جون كيربي إن الولايات المتحدة لا ترى أي أساس لمزاعم جنوب أفريقيا ارتكاب إسرائيل إبادة جماعية في حق المدنيين في قطاع غزة.

وقال كيربي للصحفيين إن هذه المزاعم لا أساس لها من الصحة

الخارجية الإسرائيلية:

وسبق، وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإسرائيلية ليور هايات، شهدنا أحد أضخم عروض النفاق في التاريخ وسلسلة ادعاءاتزائفة ولا أساس لها. تتجاهل جنوب أفريقيا حقيقة أن إرهابيي حماس اخترقوا إسرائيل وقتلوا مواطنين إسرائيليين وأعدموهم وذبحوهم واغتصبوهم واختطفوهم لمجرد أنهم إسرائيليون، في محاولة لارتكاب إبادة جماعية".

وأضاف: "يتجاهل أيضا محامو جنوب أفريقيا حقيقة أن حماس تستخدم السكان المدنيين في غزة دروعا بشرية وتنفذ عمليات من المستشفيات والمدارس وأماكن الإيواء التابعة للأمم المتحدة والمساجد والكنائس بنية تعريض أرواح سكان قطاع غزة للخطر".

وتابع "ستواصل دولة إسرائيل العمل على الإفراج عن جميع المختطفين والقضاء على... حماس، المنظمة الإرهابية العنصرية المعادية للسامية التي تسخر كل ما لديها للقضاء على دولة إسرائيل وقتل اليهود".

والجدير بالذكر، أن محكمة العدل الدولية، والتي يطلق عليها أيضا اسم المحكمة العالمية، هي أعلى هيئة قانونية تابعة للأمم المتحدة، تأسست عام 1945 للتعامل مع النزاعات بين الدول.

ولا ينبغي الخلط بينها وبين المحكمة الجنائية الدولية والتي تتخذ أيضا من لاهاي مقرا لها وتتعامل مع تهم جرائم الحرب الموجهة ضد الأفراد.

وتتعامل هيئة محكمة العدل الدولية المؤلفة من 15 قاضيا مع النزاعات الحدودية والقضايا المتزايدة التي ترفعها الدول لاتهام أخرى بانتهاك التزامات معاهدة الأمم المتحدة.

القضايا الخلافية

في القضايا الخلافية، تُصدر محكمة العدل الدولية حكمًا مُلزمًا بين الدول التي توافق على الخضوع لحكم المحكمة.. والدول فقط هي التي يجوز أن تكون أطرافا في القضايا الخلافية ويُستبعد الأفراد والشركات والأجزاء المكونة للدولة الفيدرالية والمنظمات غير الحكومية وأجهزة الأمم المتحدة وجماعات حق تقرير المصير من المشاركة المباشرة في القضايا على الرغم من أن المحكمة قد تتلقى معلومات من المنظمات الدولية العامة.

وشن إسرائيل حربًا ضد حماس، الجماعة الحاكمة في قطاع غزة، منذ 7 أكتوبر، عندما اقتحم مئات من مقاتلي حماس إسرائيل، مما أسفر عن مقتل حوالي 1300 شخص واحتجاز حوالي 240 آخرين في غزة كرهائن. وكان أفراد عائلات الرهائن في قاعة المحكمة الدولية للاستماع إلى دفاع إسرائيل عن قضيتها.

وفي اليوم السابق، استمع القضاة الـ17 في المحكمة إلى المحامي تمبيكا نجكوكايتوبي من المحكمة العليا في جنوب أفريقيا وصف كيفية تواجد "نية إبادة" لدى إسرائيل "من خلال طريقة تنفيذ هجماتها العسكرية".

وقال إن إسرائيل لديها خطة لـ"تدمير" غزة، وهذه الخطة "تمت رعايتها على أعلى مستوى من الدولة".

وكشف وزير العدل الفلسطيني محمد الشلالدة، اليوم الجمعة عن السبب الذي منع السلطة الوطنية الفلسطينية من رفع دعوى قضائية ضد إسرائيل في محكمة العدل الدولية بدلا من جنوب أفريقيا.

وأوضح وزير العدل الفلسطيني أن السبب الأساسي الذي لم يدفع السلطة الوطنية لرفع دعوى جرائم الإبادة الجماعية ضد إسرائيل في محكمة العدل الدولية بدلا من جنوب أفريقيا، يرجع إلى أن جنوب أفريقيا وإسرائيل دول أطراف في النظام الأساسي لمحكمة العدل الدولية، باعتبارهما دول كاملة العضوية في الأمم المتحدة، على عكس فلسطين باعتبارها دولة مراقبة فقط".

وأشار الشلالدة في تصريحات لوكالة سبوتنيك الروسية إلى أن فلسطين يمكنها تقديم هذه الدعوى لكنها قد تخضع للقبول أو الرفض من قبل قضاة المحكمة بسبب عضوية فلسطين في الأمم المتحدة، وهو ما يمكن أن يأخذ فترة زمنية طويلة، وقد تنتهي بإجراءات شكلية.

وتابع: "لذلك كان التنسيق مع دولة كاملة العضوية لتذهب لرفع القضية من أجل اختصار الوقت بدلا من ذهاب قضاة المحكمة لقضايا شكلية يمكن قبولها أو رفضها".

وسوف نرصد لكم بيان لوزارة الخارجية والمغتربين الفلسطينية، والذي جاء كالتالي:

  • أن "مرافعة جنوب أفريقيا أمام محكمة العدل الدولية (...) حدث تاريخي لسيرورة النضال الفلسطيني، والجنوب الأفريقي المشترك، في وجه الظلم والإبادة الجماعية".
  • أن "المساءلة والمحاسبة لإسرائيل، سلطة الاحتلال غيرالشرعي، باستخدام كل الأدوات القانونية، ومن خلال مؤسسات العدالة الدولية، وإنفاذ القانون الدولي، هي المحور الرئيس للاستراتيجية القانونية لدولة فلسطين، وصلب الحراك الدبلوماسي والدولي".
  • أن "ما شجع ويشجع إسرائيل وأدواتها المختلفة منمسؤولين حكوميين وعسكرين ومستعمرين على ارتكاب الجرائم وصولا إلىارتكاب، والتحريض على ارتكاب جريمة الإبادة الجماعية، سببه التخاذل الدولي، وعدم اتخاذ خطوات عملية لمحاسبتها،... وإمداد إسرائيل بشتى أنواع السلاح والدعم السياسي الفتاك".