غيّب الموت الرسّام والنحّات الكولومبي فرناندو بوتيرو، أحد أشهر الفنانين في أمريكا اللاتينية، الملقّب بـ "المايسترو"، عن عمر ناهز 91 عاما، بحسب وكالة الصحافة الفرنسية.
ونعى الرئيس الكولومبي غوستافو بيترو الراحل على موقع إكس (تويتر سابقاً) قائلاً، "مات فرناندو بوتيرو، رسّام مزايانا وعيوبنا، رسّام العنف والسلام في هذا العالم".
[[system-code:ad:autoads]]
وأضاف: "رحل الذي رسم الحمامة التي أُوقعت ألف مرّة، ووُضعت ألف مرّة على عرشها"، في إشارة إلى تمثال حمامة السلام الذي صمّمه بوتيرو في ساحة كولومبيا وتمّ تفجيره، وراح ضحية التفجير نحو ثلاثين شخصاً، وأبقي على التمثال مدمّراً بطلب من بوتيرو نفسه، الذي صمّم واحداً مماثلاً للسلام في بلاده.
واشتهر بوتيرو بأعماله الضخمة وأحجام الكائنات المبالغ فيها، أو ذات الوزن الزائد، التي تتمتّع بحسّ فكاهي، جسّدها في لوحاته أو تماثيله ومنحوتاته، المنتشرة في أبرز مدن العالم وساحاته، وفي متاحف العواصم الأوروبية والأميركية.
واستخدم بوتيرو الألوان الجريئة والمشرقة في أعماله، وكشف عن خبايا الجسد بأسلوبٍ كاريكاتيري وفظّ أحياناً، وتميّزت أعماله بالاستدارات الواسعة للجسد الأنثوي الممتلىء، سواء بالمنحوتات البرونزية أو على القماش.
سجن أبو غريب
عام 2004 شهدت مسيرة بوتيرو الفنية تحوّلاً نحو السياسة والعنف الناجم عن الحروب، وتركّزت أعماله حول المآسي في كولومبيا، التي تتسبب بها عصابات المخدرات، فضلاً عن سلسلة سجن "أبو غريب" التي حملت عنوان "لا تستح من الحقيقة".
ضمّت السلسلة التي كشف عنها بوتيرو عام 2005، خمسين عملاً مرقّماً من (1إلى 50)، جسّد فيها بشكل مؤثّر المهانة التي عاشها السجناء العراقيين في أبو غريب، نتيجة إساءة الجيش الأميركي للمعتقلين، وتطّلب إنجاز هذه الأعمال 14 شهراً، وحقّقت نجاحاً كبيراً أثناء عرضها في أوروبا.
ولمناسبة عيد ميلاده الثمانين، قال بوتيروي لوكالة الصحافة الفرنسية عام 2012 ، "أفكّر كثيراً بالموت، وتحزنني فكرة أن أترك هذا العالم وأتوقف عن العمل، لأنني أستمتع كثيراً بعملي".
مدرسة المصارعين
ولد بوتيرو في مدينة كولومبيا عام 1932، نشأ يتيم الأب وتولّت أمه تربيته مع إخوته الثلاث. التحق بمدرسة المصارعين لسنوات، ثم أدرك أن شغفه الحقيقي هو الفن. درس في "أكاديمية الفنون سان فيرناندو" في إسبانيا، قبل أن تنطلق مسيرته الفنية من صحيفة "الكولومبيانو" في الأربعينيات.
عام 1952، انتقل بوتيرو إلى أوروبا وأقام بين إسبانيا وفرنسا وإيطاليا، ثم غادر إلى المكسيك، التي كان لها تأثير حاسم في مسيرته الفنية، وخصوصاً اللوحات الجدارية.
حقّقت أعماله انتشاراً عالمياً، وعُرضت في "متحف الفن الحديث" في نيويورك، ومتحف "أرميتاج" في سانت بطرسبرغ ، و"مودينا ميوزيت" في ستوكهولم. تباع أعماله اليوم بالملايين في المزادات.
تزوّج بوتيرو ثلاث مرات، وأرملته الحالية هي الفنانة اليونانية Sophia Vari، ولديه عدد من الأولاد.