الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

فتاوى تشغل الأذهان | هل يجزئ إلقاء السلام برفع اليد أو بالإشارة عن التلفظ؟ .. كثرة الابتلاء هل دليل على غضب الله؟ .. وما المقصود بقول النبي «الإيمان بضع وسبعون شعبة»؟

فتاوى تشغل الأذهان
فتاوى تشغل الأذهان

فتاوى تشغل الأذهان

هل يجزئ إلقاء السلام برفع اليد أو بالإشارة عن التلفظ؟ 

هل كثرة الابتلاء دليل على غضب الله؟

ما المقصود بقول النبي "الإيمان بضع وسبعون شعبة"؟
 

نشر موقع صدى البلد، خلال الساعات الماضية، عددا من الفتاوى الدينية المهمة التي تشغل الاذهان وتهم كل مسلم في حياته اليومية نرصد أبرزها في التقرير التالي :

في البداية.. قالت لجنة الفتوى بمجمع البحوث الإسلامية، إن الأصل في السلام أن يكون بالتلفظ . وقد يجمع بين التلفظ والإشارة وهو الأتم . والسلام بالإشارة دون التلفظ به مكروه كراهة تنزيهية . لورود النهى عنه. وإن ترك التلفظ لحاجة أو عذر كالأخرس مثلاً فيصح دون كراهة. وقد يجب الرد بالإشارة على الأصم الذى لا يسمع الرد باللفظ.

قال فى الفواكه الدوانى: الظَّاهِرَ أَوْ الْمُتَعَيَّنَ أَنَّهُ لا يَكْفِي فِي الابْتِدَاءِ بِالسَّلامِ الإِشَارَةُ إلا إذَا كَانَ الْمُسَلَّمُ عَلَيْهِ بَعِيدًا عَنْ الْمُسَلِّمِ بِحَيْثُ لا يَسْمَعُ صَوْتَهُ , فَيَجُوزُ أَنْ يُشِيرَ إلَيْهِ بِالسَّلامِ بِيَدِهِ أَوْ رَأْسِهِ لِيُعْلِمَهُ أَنَّهُ يُسَلِّمُ عَلَيْهِ.

وقد بوب عليه النسائي، فقال: كراهية التسليم بالأكف والرؤوس والإشارة، قال النووي في الأذكار: [باب ما جاء في كراهة الإشارة بالسلام باليد ونحوها بلا لفظ] وفيه: وأما الحديث الذي رويناه في كتاب الترمذي عن أسماء بنت يزيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر في المسجد يوما، وعصبة من النساء قعود، فألوى بيده بالتسليم. قال الترمذي: حديث حسن، فهذا محمول على أنه صلى الله عليه وسلم جمع بين اللفظ والإشارة، يدل على هذا أن أبا داود روى هذا الحديث، وقال في روايته: فسلم علينا.

قال الشيخ زكريا الأنصارى فى أسنى المطالب [ 4/183]: (ويجب الجمع بين اللفظ والإشارة على من رد) السلام (على أصم) ليحصل به الإفهام ويسقط عنه فرض الجواب (ومن سلم عليه) أي الأصم (جمع بينهما) أيضا ليحصل به الإفهام ويستحق الجواب، وقضية التعليل أنه إن علم أنه فهم ذلك بقرينة الحال والنظر إلى فمه لم تجب الإشارة وهو ما بحثه الأذرعي. (وتجزئ إشارة الأخرس ابتداء وردا) ؛ لأن إشارته به قائمة مقام العبارة...(والإشارة به) بيد أو نحوها بلا لفظ (خلاف الأولى) للنهي عنه في خبر الترمذي ولا يجب لها رد. (والجمع بينها وبين اللفظ أفضل) من الاقتصار على اللفظ. 

 

وحسب الدكتور علي جمعة عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر في جواب على سؤال: هل كثرة الابتلاء دليل على غضب الله؟، هناك حكمة ربانية يغفل عنها، فهذه هي طبيعة الدنيا التي خلقها الله- سبحانه وتعالى-، الله خلق الأشياء، وقدَّر لها أقدارها، خلق النار وجعلها مُحْرِقة، وجعل الإنسان يطلب منها الدفء، جعلها عندها طاقة وحرارة، خلق الله- سبحانه وتعالى- الشمس وهي مضيئة ؛ وهذه الإضاءة تسبب النهار، خلق- سبحانه وتعالى- البحر وأوجد فيه ماءً ؛ وهذا الماء يُحْدِث البَلل، فلا يتعجب إذا ما ألقى الإنسان نفسه في البحر فابتل، ولا يقول: لماذا قدَّر الله عليَّ البلل؟ وهل هذا غضبٌ من عنده؟ وهل أنا فعلت شيئًا؟ ويبدأ أولًا: في التبرّم ، ثانيًا: في الحَيْرة والتردد ، ثالثًا: في عدم الثقة لا بالنفس ولا بالله .

وتابع: لإزالة هذا التوهّم، فإن أصل الدنيا فيها الكدَر وهذه صفتها؛ فإن الأكدار جزء لا يتجزأ من حقيقتها، ولأنها دنيئة -من الدنو، ومن الدناءة- أبرزت المصائب والشواغل والهموم والأزمات والكوارث والأمراض -ما هو مستحق وصفها-، ولأنها كذلك فلا يُسْتَغرب منها أن تُظهر الأكدار، هذه الحقيقة تجعل معك ميزان للتعامل مع الدنيا، عندما تأتي المصائب تعرف حقيقتها.

وأكمل: فما الذي يُفيده هذا الشعور؟ المساعدة على الصبر؛ لأن الصبر مُرْ، والصبر صعب، والصبر فيه معالجة للنفس وكَبْح هذه النفس. فكيف تستعين على الصبر؟ تستعين على الصبر بأنك مهيأ، وفاهم أن هذا أمر عادي، ولذلك لما رأى النبي ﷺ المرأة التي مات لها ابنها، وهي تبكي، وتَلْطِم، وكذا؛ فقال لها: «اتَّقِي اللهَ وَاصْبِري»، قالت: «إِلَيْكَ عَنِّي؛ فإِنَّكَ لَمْ تُصَبْ بِمُصِيبَتِي» -ولم تكن تعرف أن الذي يُكلمها هو رسول الله ﷺ من شدة حزنها، واستغراقها في الحزن، وانشغالها في هذا الجزع-، وأخبروها هذا رسول الله فقامت تجري وراءه، وقالت: «لَمْ أَعْرِفكَ» ، فقال لها: «إنما الصبر عند الصدمة الأولى».

وبين: كيف يأتي الصبر عند الصدمة الأولى؟ بالمعرفة المُسَبَّقة وبالتربية والفَهْم، وبالتحقق بهذه الحكمة «لاَ تَسْتَغْرِبْ وُقُوعَ الأَكْدَارِ مَا دُمْتَ في هَذِهِ الدَّار» فعندما تأتيني الواقعة والحادثة والنازلة، تجدني وأنا مستحضر هذه الحقيقة فتساعدني على الصبر وعدم الجزع، فما نتيجة الصبر؟ التسليم والرضا بقضاء الله، يقول سيدنا النبي ﷺ: «إِنَّ الْعَيْنَ لتَدْمَعُ، وَ إِنَّ الْقَلْبَ ليَحْزَنُ، وَإِنَّا على ِفِرَاقِكَ يَا إِبْرَاهِيمُ لَمَحْزُونُونَ، ولا نقول ما يُغْضِبُ الله» لأن هناك تربية سابقة، ومفاهيم سابقة مستقرة في النفس البشرية.

 

وحول حديث “الإيمان بضع وسبعون شعبة”، سلط الدكتور علي جمعة عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر، الضوء على معناه، مشيراً إلى أن النبي صلى الله عليه وسلم جعل الإيمان شُعَبا يجعل لها أعلى ويجعل لها أدنى.

وتابع علي جمعة من خلال صفحته بموقع التواصل الاجتماعي “فيس بوك”: يقول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم - وهو يعلمنا؛ يعلمنا عبادة الله .. يعلمنا عمارة الكون .. يعلمنا تزكية النفس وهو ينشئ منا أمةً تبني حضارة وتبلّغ الدين لمن بعدها ومن حولها .. ينشئ أمة تخرج الناس من الظلمات إلى النور بإذن ربها .. ينشئ أمةً تجاهد في سبيل الله، في قوة لا طغيان فيها، وفي رحمةٍ لا خذلان فيها - يقول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (الإيمان بضع وسبعون شعبة؛ أعلاها لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن طريق الناس، والحياء شعبة من شعب الإيمان) حديث في كلمات لكنه بنى أمة، ونرجو من الله سبحانه وتعالى وندعوه أن يبني نفوسنا كما بنى السلف الصالح، وأن يجعلنا خير أمة أخرجت للناس نأمر بالمعروف وننهى عن المنكر ونؤمن الله ونتوكل عليه.

ولفت إلى أن (الإيمان بضع وسبعون شعبة) والنبي ﷺ وهو يُشبّه الإيمان بشئٍ ذي شُعَب فإن ذلك يتناسب مع النفس البشرية التي تتشعّب صفاتها وتتشعّب سُبلها وتتراكب في تعقيدٍ وتركيبٍ عجيبٍ غريب يحتاج لذلك الإيمان ذي الشُعَب.

والنبي ﷺ وهو يجعل الإيمان شُعَبا يجعل لها أعلى ويجعل لها أدنى وينبّه على بعضها بما يحقق عبادة الله وعمارة الكون وتزكية النفس، والنبي صلى الله عليه وآله وسلم وهو يجعل الإيمان شُعَبا فإنه يشير إلى أن الكفر أيضًا له شُعَب، وأن الكفر أيضًا له أعلى وهو ما يناقض لا إله إلا الله، وله أدنى وهو ما يناقض إماطة الأذى عن طريق الناس بأن يضع أحدُهم الأذى في طريق الناس، والطاعات كلها من شُعَب الإيمان والمعاصي كلها من شُعَب الكفر.

والنبي صلى الله عليه وآله وسلم وهو ينبّه إلى ذلك الخلق الكريم: الحياء فإنه يحذر من قلة الحياء وهو الذي يقول: (مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى: إذا لم تستح فاصنع ما شئت) فالنبي ﷺ وكأنه يرسم لنا دائرة أعلاها وبدايتها والمدخل الصحيح هو لا إله إلا الله .. هو الإيمان بالغيب، ثم نسير في هذا الإيمان بشُعَبه المختلفة فإذ بنا نصل العقيدة بالعمل