لاشك أن استفهام ماذا يفعل من وقع في ذنب ؟، يعد من أهم ما ينبغي معرفته ، خاصة وأن كل بني آدم خطاء ، ولا استثناء لأحد من ارتكاب الخطايا والذنوب والوقوع في المعاصي، وهو ما يجعل العقلاء يبحثون عن إجابة ماذا يفعل من وقع في ذنب ؟، لعلها تدلهم على طريق النجاة من الهلاك في الدنيا والعذاب بالآخرة.
ماذا يفعل من وقع في ذنب
قال الدكتور علي جمعة ، مفتي الجمهورية السابق وعضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، إن ليس عيبا أن يخطئ المرء، ولكن العيب أن يستمرئ الخطأ ويستبيح المعصية، فإذا أبصر المرء عيبه وتاب إلى الله منه قبل الله توبته ومحا خطيئته.
واستشهد “ جمعة ” عبر صفحته بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، عن ماذا يفعل من وقع في ذنب؟، بما قال تعالى: (وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى) [طه:82] ولهذه الأهمية القصوى للتوبة وتأكيدا على فضل الله الواسع في قبول التائبين إليه، أوردت لنا سنة النبي -صلى الله عليه وسلم- بعضا من القصص في هذا الجانب؛ منها قصة الكفل.
قصة الكفل
وتابع: فعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: كان الكفل من بني إسرائيل لا يتورع من ذنب عمله، فأتته امرأة فأعطاها ستين دينارا على أن يطأها، فلما قعد منها مقعد الرجل من امرأته أرعدت وبكت، فقال: ما يبكيك؟ أكرهتك؟ قالت: لا، ولكنه عمل ما عملته قط وما حملني عليه إلا الحاجة، فقال: تفعلين أنت هذا وما فعلته؟ اذهبي فهي لك، وقال: والله لا أعصي الله بعدها أبدا، فمات من ليلته، فأصبح مكتوبا على بابه: إن الله قد غفر للكفل، (رواه الترمذي وحسنه ، والحاكم في المستدرك ، وصححه الذهبي).
وأوضح أن هذا رجل أسرف على نفسه في الخطايا ولم يكن يتورع عن ذنب عمله، ثم أدركته رحمة الله وهو في سبيل ارتكاب فاحشة يجل خطرها وهي الزنا، فلما تاب.. تاب الله عليه، ومن عليه بالفضل وأعطاه كرامة تشهد بصلاحه وتقواه، حيث مات من ليلته فأصبح مكتوبا على بابه: إن الله قد غفر للكفل.
من وقع في ذنب
وأشار إلى أنه تعلمنا القصة أن الواجب على المسلم إن وقع في ذنب أن يبادر إلى التوبة والندم والاشتغال بالتكفير بحسنة تضادها؛ فأما التوبة فهي عبارة عن ندم يورث عزما وقصدا ورجوعا إلى الله والطمع في رحمته، منوهًا بأنه كلما كان الندم أشد كان تكفير الذنوب به أرجى، وعلامة صحة الندم، رقة القلب والشفقة على الخلق، والتماس الأعذار للناس، خاصة الضعفاء منهم وأصحاب الحاجة.
وأضاف أن بهذا الندم يصدق العزم في التوجه إلى ترك هذا الذنب، فإن لم تساعده النفس في العزم على ترك الذنب لغلبة الشهوة فقد عجز عن أحد الواجبين المترتبين على الندم، فلا ينبغي أن يترك الواجب الثاني وهو أن يدرأ بالحسنة السيئة فيمحوها، والحسنات المكفرة للسيئات إما بالقلب وإما باللسان وإما بالجوارح، فأما بالقلب فليكفرها بالتضرع إلى الله تعالي في سؤال المغفرة والعفو.
واستطرد: وأما باللسان فبالاعتراف بظلم النفس مع الاستغفار فيقول: رب ظلمت نفسي وعملت سوءا فاغفر لي ذنوبي (سنن البيهقي) وكذلك يكثر من دروب الاستغفار المأثورة، وأما بالجوارح فبالطاعات والصدقات وأنواع العبادات.