تحل اليوم ذكرى ميلاد الشاعر والسياسي الفرنسي إيمي سيزير، أحد أبرز وجوه تيار «الزنجية» في الشعر الفرانكفوني ورمز الحركة المناهضة للاستعمار، حيث وُلد في 26 يونيو عام 1913، في المارتينيك، وهى جزيرة تقع شرق البحر الكاريبي إلى الشمال من ترينيداد وتوباجو، وتعتبر أحد الأقاليم المكونة للأراضي الفرنسية
[[system-code:ad:autoads]]
وُلد إيمي سيزير في عائلة كبيرة وفقيرة شمال جزيرة المارتينيك، وتلقى تعليمه الثانوي في إحدى أرقى مدارس باريس الثانوية، التقى هناك بالشاعر والسياسي السنغالي "ليوبولد سيدار سينغور" الذي سيصبح فيما بعد رئيساً للسنغال.
وفي عام 1934، أنشأ إيمي سيزير مع سينغور وعدد من الأصدقاء الأفارقة صحيفة «الطالب الأسود» فظهر للمرة الأولى مصطلح «الزنجية» وكانت حركة الزنجية تهدف إلى تغيير من صورة الرجل الأسود المتواني غير القادر على الأخذ بزمام أموره بنفسه وبناء مستقبله.
نقاط لقاء
وكتب إيمي سيزير يقول: “كان من الطبيعي أن يصبح سينغور صديقاً حميماً لي في وقت وجيز للغاية. فقد كان زنجياً مثلي، وكان حديثنا يدور حول التجارب التي قام بها كل واحد منا، وكان هو إفريقي، وكنت أنا مارتينيكي، مع ذلك كانت لنا نقاط لقاء، وكانت لنا تساؤلات وشكوك حول العديد من القضايا الأدبية وغير الأدبية، كل واحد منا كان يتعلم من الآخر، والجواب كان دائما إفريقيا".
ضد الاستعمار
أدرك إيمي سيزير تهميش سكان الجزر الفرنسية والأفارقة؛ فاستعمل قلمه للدفاع عن المضطهدين، وبالرغم من تأكيده الدائم أن الشعر هو الأساسي عنده؛ إلا أنه اختار منذ سنوات شبابه أن يخوض معارك سياسية متواصلة ضد الهيمنة الاستعمارية في البداية، ثم ضد الظلم والتخلف والاستبداد في القارة الإفريقية، وأيضا ضد المطامع الإمبريالية.
دوره السياسي ومساندة الحركات الاستقلالية للشعوب
ويُعّد إيمي سيزير واحداً من أهم الأصوات الشعرية التي كرست كامل تجربتها لنصرة قضايا الشعوب الأفريقية، التي عانت ويلات الاستعباد والاستعمار، ولم يتوقف صوت الشاعر المناصر للقضايا العادلة عند حدود نصوصه الشعرية أو المسرحية، بل تجاوزها للفعل السياسي والكتابات السياسية.
انضم إيمي سيزير للحزب الشيوعي وأصبح نائباً برلمانياً وعمدة لمدينة "فور دو فرانس" عام 1945، وبعد 12 عاماً من الخدمة، ترك الحزب الشيوعي لينشئ حزبه الخاص باسم حزب التقدم المارتينيكي، وكان من أهم مشاريعه محاربة الاستعمار والعنصرية، وكان من أبرز المطالبين بالحكم الذاتي للمارتينيك وليس باستقلالها كما ساند الحركات الاستقلالية في دول المغرب العربي والهند والهند الصينية.
كما أنه قبل أن يلعب أدوارا سياسية مهمة، انتخب شيخا لمدينة "فور-دو-فرانس"، عاصمة جزر المارتينيك ليظل في هذا المنصب 56 عاماً، كما شغل منصب عضو للحزب الشيوعي في البرلمان الفرنسي، ومنصب عضو في المجلس الاستشاري لحزب الشعب في بلاده.
غادر الساحة السياسية في عام 2005 بسبب مشاكل صحية بعد أن شغل منصب عمدة مدينة فور دو فرانس طوال 56 عاماً منذ 1945 إلى 2001 الحزب التقدمي المارتينيكي.
مقابلة مرفوضة
يذكر أنه في 2005 رفض إيمي سيزير استقبال نيكولا ساركوزي عندما كان وزيراً للداخلية، بسبب مشروع قراره الذي يمدح الجانب الإيجابي للاستعمار الفرنسي، ثم قابله عام 2006 عندما سحب مشروع القرار.
وفاته
رحل إيمي سيزير في 17 أبريل عام 2008، عن عمرٍ ناهز الخامسة والتسعين، وأُعلنت فرنسا عن تنظيم جنازة وطنية بمشاركة رئيسها في ذلك الوقت، نيكولا ساركوزي الذي اعتبر إيمي «رمز الأمل لكافة الشعوب المضطهدة»، عبر نضاله «من أجل الاعتراف بهويته وغنى جذوره الأفريقية». وحسب طلب إيمي تم نثر رماده في حديقة "ماجوريل" بمدينة مراكش المغربية.