الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

تراث لامادي.. خبير آثار يطالب بتسجيل الاحتفالات الشعبية للحجيج باليونسكو

رسوم على الجدران
رسوم على الجدران للاحتفاء بالحجيج

أكد خبير الآثار الدكتور عبد الرحيم ريحان عضو المجلس الأعلى للثقافة بلجنة التاريخ والآثار، أن الاحتفالات الشعبية المرتبطة برحلة الحجيج لها مفردات تراثية متعددة من أغانى وأمثلة شعبية ورسومات تعبر عن الحج تستحق إعداد ملف لتسجيلها تراث لامادي على القائمة التمثيلية باليونسكو طبقًا لاتفاقية حماية وصون التراث غير المادي 2003.

التراث الشعبي لأغاني الحج

 

 وعرفت أغاني الحج وسجلت في التراث الشعبي باسم "التحنين" وهو فن أشبه "بالعدّيد" الذي يعبر به المصريون عن حزنهم في حالات الوفاة والفقد، وأغاني الحج لا يعرف أصحابها، لكن توارثت الأجيال كلماتها وألحانها واشتهرت النساء بأدائها، وقسمت إلى نوعين، أغاني السفر والرحلة عند وداع الحجاج، وأغاني الاستقبال والفرحة بالقدوم لدى العودة للديار.

 


وذكر ابن إياس في كتابه "بدائع الزهور" موكب الحج الذي خرجت فيه زوجة قايتباي سنة 1475م، فيقول "وأمامها من الحداة أربعة" والحداة جمع حادي، وهو المغني، كما رصد بالكتاب رحلة خروج المحمل من الخرنفش بالقاهرة إلى مكة المكرّمة، وكان يلتف المصريون حول المحمل يغنون "بيع اللحاف والطراحة.. حتى أرى ذي الرماحة.. بيع لي لحافي ذي المخمل.. حتى أرى شكل المحمل". 


ويضيف الدكتور ريحان، أن الذاكرة الشعبية حفظت لنا مجموعة من الأغانى ما زالت تغنى حتى اليوم، ومنها: “رايحه فين يا حاجة، يا أم الشال قطيفة، رايحه أزور النبي محمد والكعبة الشريفة، رايحه فين يا حاجة، يا أم الشال سماوي، رايحه أزور النبي محمد، وارجع ع القناوي"، وسيدي عبد الرحيم القناوي مشهور بمحافظة قنا، ومنها: "يانبي يانبي ياما ليك أحبة، هملوا عيالهم يانبي وجولك محبة”. 


ومن أشهر أغاني الحج التي لا تزال تغنى حتى الآن، وتنافس في شهرتها الأغنية الشهيرة للراحلة ليلى مراد "يا رايحين للنبي الغالي" بنغمة ثابتة تكفي مع مجموعة من النسوة العجائز يجتمعن للتقرب لله على طريقتهن الخاصة: "بعيدة بعيدة ونفسي أزور وأمسح بإيدي شباكه الكريم.. وأكحل عيوني بنور البشير..بعيدة بعيدة يا أرض الحبيب.. وإن عطاني ربي لأروحلك سعيدة يا بدر ويا نور"، ويصاحب الأغانى الدف، أمّا أداء الرجال فكان اعتماده على الموال والمزمار البلدى والربابة: "ياللى على الحج ناوي، وزيارة طه نبينا، بلغه مني سلامي، وقول له مشتاق بيحبك وحبك يانبينا الغالي، حرم عليا منامي"، ومنها تلك الأغنية التى تقول فيها الحاجة محفوظة ياسين من الأقصر: “بعيدة بعيدة يا بلاد الرسول، بعيد بعيد يا طريق النبي، بعيدة بعيدة ونفسي أزور، وأمسح بايدي شباكه الكريم، وأكحل عيوني بنور البشير، بعيدة بعيده يا أرض الحبيب”.

 


ومن أشهر الرجال الذين كانوا يؤدون الأغاني التراثية للحج بمنازل الحجاج جابر الحلاوي –رحمه الله- وكان يقيم بمنطقة الحسامية بقوص، وكان من أجمل المقاطع الغنائية التى يؤديها مقطع يقدم التهنئة للحاج فيقول فيه:
"هنيالك ياحاج مكتوبالك ياحاج، مكتوبة لك حجة هنية، حجة بباخرة ومعدية، وحبايب جاتك بالميه، هنيالك ياحاج مكتوبة لك ياحاج، مكتوب لك حج الرسولِ، مكتوبة بالخيط اللولي، ياخواتي عنده ادعولي، هنيالك ياحاج مكتوبة لك ياحاج، مكتوبة حجة نبينا، مكتوبة طه دعينا، يا اخواني عقبال عندينا، هنيالك يا حاج مكتوبة لك يا حاج
يارايحين للنبى الغالى هنية لكم وعقبالي، يا راحلين إلى منى سرتم وسار دليلكم، مني السلام مع التحية، بلغوا شوقي الشديد للنبي الهادي"، ومنها أيضًا ماهو خاص للنساء: “حاجة يا حاجة ما تمدي يداك، اوعي تخافي يا حاجة دا النبي دعاك”.

 

أغاني العودة من الحج

 

 ولعودة الحاج فى الموروث الشعبي أهازيج مختلفة مثل: سالمة يا سلامة، والحاج رجع بالسلامة، وأغنية طريق النبي: “في طريق النبي جنينة رشوها، بنوها الحبايب والله لفاطمة وأبوها، و في طريق النبي جنينة ورقها، تقعد فيها الزوار وتمسح عرقها، وفي طريق النبي يمينك شمالك عند حرم النبي يا ولدي وريح جمالك، يا زايرين النبي خدوني معاكم، اركبوا البواخر وانا أمدح معاكم”.

 

بئر زمزم 


وعن بئر زمزم قالوا: “يا بير زمزم سلبك حريــري، والشربة منك دوا للعليــلي”، وأغنية عودة: “عــــدوا البحــور عــدوا  وجـــابــــو الكســــــــاوي، مــــــن بـــــــلاد جـــــــــــدة  وجــــابــــو الكســــــــاوي، حاجنا إن جاء طيب         لنفصــــــــــل قطيفــــــــة ونفرش السجاجيد لحــــــــــــــــد السقيفـــــــة”،
ومن الأغانى الشهيرة: يا فاطمة يا فاطمة يا بنت نبينا، افتحي البوابة يا فاطمة أبوكي داعينا، يا فاطمة يا فاطمة يا فاطمة يا بنت التهامي، افتحي البوابة يا فاطمة أبوكي دعاني".

 


وتابع الدكتور ريحان بأنه بعد بث الإذاعة المصرية أغنية أم كلثوم «القلب يعشق كل جميل» التى غنتها فى 3 فبراير 1971، تأليف بيرم التونسى،وألحان رياض السنباطى؛ أصبحت أيقونة الغناء فى سفر وعودة الحجيج تصف كلمات الأغنية رحلة الحج بالتفصيل ومنها: “مكة وفيها جبال النور.. طالة على البيت المعمور.. عمر قلوبنا السلام.. بعفو رب غفور.. فوقنا حمام الحمى.. عدد نجوم السما.. طاير علينا يطوف.. ألوف تتابع ألوف.. طاير يهني الضيوف.. بالعفو والمرحمة”.

 

الأمثال الشعبية

 

كما ارتبط الحج بأمثلة شعبية مثل: “حَجَ وجبرُ”، أي أن يتقبل الله حجكم، ويجبركم أي يثيبكم أو يعوضكم على ما أنصرم من ذنوب وعمل السيئات. ويقال بالعامية: “اللي ما يلحق الحج يدرمغ في ترابه”، أي يلحق به أو يصيبه الغبار الذي يتصاعد من حركة المشي في الطريق إلى المشاعر المقدسة. و “كلها یوم ولیلة ویجي الحج الرمیلة”، والرميلة هى منطقة كانت محطة لاستقبال الحجيج وتوديعهم قديمًا. و “اللي تُولد في مكة يجيب أخبارها الحجاج”، ويقال هذا لأنه لبعد المسافة عن مكة قديمًا كانت الأخبار من هناك لا تأتي إلا خلال موسم الحج عن طريق الحجاج. 

 

فناني موسم الحج 


ونوه الدكتور ريحان إلى أن رحلة الحجاج تحظى بتراث شعبى مميز فى قرى ونجوع الأقصر وكل بقاع مصر، ويتسابق الخطاطون والرسامون لتجميل واجهات منازل الحجاج بالرسومات والكلمات الدينية التى تعبر عن موسم الحج، لتدوين تلك الرحلة للحاج الذى يشاهدها عند عودته، وعلى رأسهم الفنان أحمد الطيب النجار فى البر الغربي، والشاذلي السنوسي فى مدينة الأقصر، وغيرهم من نجوم الرسم والنقش على المنازل للحجاج.  


ومن مشاهير الفنانيين الفنان أحمد الطيب ابن مدينة القرنة الذى يرسم رحلات الحجاج بالقرنة منذ عام 1984، ويزين منازل الحجاج بالنقوش والرسومات المعبرة عن موسم الحج وكتابة آيات من القرآن الكريم الخاصة بالحج وبعض الأحاديث النبوية مثل:{مابين قبري ومنبري روضة من رياض الجنة}، {من زار قبري وجبت له شفاعتي}.

 مع رسومات الكعبة الشريفة وجبل عرفات، وربما تفاصيل الرحلة بحسب طلب أسرة الحاج من الخروج من المنزل وحتى الوصول إلى الأراضي المقدسة والطواف والوقوف بجبل عرفات ورمي الجمرات والعودة بالبواخر أوالطائرات.
وتختلف الاحتفالات باختلاف المستويات الاجتماعية والثقافية والإمكانيات المادية، والبعض يصطحب فرقة موسيقية لتزف الحاج بالطبل والمزامير والزغاريد، وآخرون يحملون لافتات كبيرة ويكتبون عليها عبارات دينية أو "حمد الله على السلامة".. وعقب انتهاء مظاهر الاحتفال بالوصول تبدأ مراسم استقبال الضيوف والمهنئين بالمنزل وتقام الولائم والاحتفالات التي تستمر نحو أسبوع، ويحرص البعض على تزبين المنازل وكتابة بعض الآيات القرآنية عن الحج، واسم الحاج والحاجة، والسنة التي حج فيها، مع بعض الرسومات كالكعبة.

ومن العادات الاجتماعية الواجبة هي جلب الهدايا للأهل والأقارب والمعارف،
وفى بعض القرى عندما ينوي أحد الأفراد الخروج للحج فإنه يمر على بيوت القرية ويطلب منهم السماح إذا كان قد سبق وأخطأ في حق أحدهم  ويعني هذا خروجه وهو نظيف تمامًا فلا يوجد من يحمل له ضغينة، وتوديع (تعزيم) الحجاج في الوادى الجديد ينتهي خارج القرية بمسافة قصيرة مصحوبًا بالأغاني والطبل والزغاريد.
 وفي بعض المجتمعات مثل الوادي الجديد وبعض قرى محافظة سوهاج مثل:  دار السلام، الخلافية وبعض قرى مركز جرجا .. يقومون بإعطاء الحاج نقودًا (نقوط)  وهى بمثابة مشاركة ومساعدة على نفقات الحج ويقوم الحاج بإحضار هدية معه عند عودته.

IMG-20230623-WA0100
IMG-20230623-WA0100
IMG-20230623-WA0102
IMG-20230623-WA0102
IMG-20230623-WA0101
IMG-20230623-WA0101
IMG-20230623-WA0103
IMG-20230623-WA0103