EN
يصادف في مثل هذا اليوم من عام 1324، قيام الرحالة ابن بطوطة بالانطلاق في أول رحلة له حول العالم من مسقط رأسه مدينة طنجة متجهًا إلى مكة لأداء فريضة الحج.
كانت رحلته تستغرق عادة في ذلك الزمان عدة أشهر، لكنها استمرت 27 عاماً توجت صاحبها بلقب أول رحالة في التاريخ يتجول قاطعاً 75 ألف ميل، وهو رقم لم يحققه أي رحالة منفرد حتى ظهور عصر النقل البخاري بعد 450 عاماً.
خرج من طنجة في مثل هذا اليوم، قاصداً بيت الله الحرام، فطاف بلاد المغرب ومصر والشام والسودان والحجاز وتهامة ونجد والعراق وفارس واليمن وعمان وتركستان وما وراء النهر ، ووصل إلى بعض مدن الهند والصين وإندونيسيا وبلاد التتار.
غرائب الأمصار
وعند عودته إلى موطنه كانت تحفته التي عنونها «تحفة النظار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار»، التي رصد فيها أسفاره ورحلاته ومغامراته، لتصبح أولى نماذج أدب الرحلات التي لم تكتف برصد معالم المدن ومخاطر الطرق.
لكنها تجاوزتها لتصف حياة الناس وعلاقاتهم وأنظمة القضاء والسياسة والاقتصاد المختلفة التي حكمت علاقاتهم المتشابكة في مئات المدن التي حل بها أو مر عليها.
حياة ابن بطوطة
وتعرف المؤرخون إلى حياة ابن بطوطة عبر السير الذاتية المكتوبة في سياق حكايات رحلاته، ويعتقد الكثيرون أنه تسمى باسم والدته «فطومة»، وهو اللقب الذي تحول بعد ذلك إلى «بطوطة»، نشأ وسط عائلة كبرى في مدينة طنجة المغربية لعائلة عمل معظم أبنائها في القضاء، وعندما بلغ ال21 عقد العزم على السفر إلى مكة لأداء فريضة الحج، التي واصل بعدها التجول حول العالم لتمتد الرحلة من عدة أشهر إلى 27 عاماً.
زار ابن بطوطة عشرات المدن على الساحل الشمالي الإفريقي في طريق رحلته إلى الأراضي المقدسة، وصولاً إلى الإسكندرية في مصر، التي انتقل منها إلى القاهرة ومن بين الطرق الثلاث المعتادة لقوافل الحجيج، اختار «ابن بطوطة» طريقاً لا يستخدمه المسافرون كثيراً ويمر عبر رحلة إلى وادي النيل، ثم شرقاً إلى ميناء البحر الأحمر في «عيذاب»، لكنه لم يكمل الطريق الوعر؛ بسبب ثورة محلية أجبرته على الرجوع إلى القاهرة مرة ثانية، ليبدأ عندها باستخدام الطريق الأطول والصعب بالوصول إلى الأراضي المقدسة عبر الشام.
فكانت رحلته التي زار خلالها عدة مدن سورية ثم الخليل والقدس وبيت لحم، حتى وصل إلى المدينة المنورة، ومنها إلى مكة المكرمة، حيث أدى شعائر فريضة الحج التي قرر بعدها عدم العودة إلى بلاده، والاستمرار في رحلاته.
كانت العراق أولى وجهات ابن بطوطة بعدما انضم إلى قافلة كبيرة من الحجاج العائدين إلى النجف، وبدلاً من الاستمرار مع القافلة المتجهة إلى بغداد، التحق بقافلة أخرى نقلته من النجف إلى واسط ثم أبحر عبر نهر دجلة إلى البصرة جنوباً حتى وصل إلى أصفهان عبر جبال زاجروس.
ثم توجه جنوباً إلى شيراز وكانت المدينة الوحيدة التي نجت من دمار المغول. المثير أن ابن بطوطة التف عائداً بعد ذلك إلى بغداد التي كانت آثار الدمار المغولي ما زالت واضحة على معالمها ومبانيها، وأفرد لها فصلاً كاملاً في كتابه ينعى فيه حضارتها الغابرة، وتراثها المندثر.
رحلة الـ٣ سنوات
والتحق ابن بطوطة بقافلة ثانية زار خلالها الموصل وجزيرة ابن عمر وماردين وأجزاء من تركيا، ثم عاد مرة أخرى للحاق بالقافلة المتجهة إلى مكة المكرمة في رحلته الثانية للحج التي استغرقت 3 سنوات جاب خلالها شبه الجزيرة العربية منتقلاً إلى الصومال على ضفة الساحل الشرقي الإفريقي، مستقلاً من هناك السفن التي حملته إلى الشرق الأدنى وآسيا الوسطى وجنوب آسيا والصين.
