الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

ما المقصود بقوله تعالى «وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ»؟.. علي جمعة يجيب

علي جمعة
علي جمعة

ما المقصود بقوله تعالى «وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ»؟.. سؤال أجاب عنه الدكتور علي جمعة عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف. 

ولتنظر نفس ما قدمت لغد

يقول تعالى : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ } [الحشر: 18]، حيث قال: إذا نظرت (لغدٍ) فإنك سوف تحاسب نفسك: ما الذي قدمته للّٰه؟ عن أَنَس بن مَالِكٍ أَنَّ رَجُلاً قَالَ: يَا رَسُولَ اللّٰهِ، مَتَىٰ السَّاعَةُ؟ قَالَ: «مَا قَدَّمْتَ لَهَا؟»...؛ إذن هناك محاسبة.

{اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ} النظر هو حقيقة المحاسبة {نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ} علىٰ أية حالة تعود إلىٰ ربك وتلقاه؟ يقول أهل اللّٰه من السادة الصوفية: «مِلاكُ الأمر كله أن تُجَهِّزَ حُجَّتَك للّٰه غدًا» فالناس يسألون أهل اللّٰه ويقولون: لا نريد أوامر كثيرة؛ صلِّ وصُمْ واذكر واتلُ وافعل كذا وكذا، نحن نريد مفاتيح نسير عليها.

قالوا: هذه المفاتيح تتمثل في أنك كلما تُقْدِمُ علىٰ عمل تُفَكِّرُ: ماذا ستقول للّٰه تعالىٰ غدًا؟ فإذا كنت مؤمنًا باللّٰه تعالىٰ ومؤمنًا بأن هناك يومًا آخر، ومؤمنًا أن في هذا اليوم الآخر حساب وثواب وعقاب، فإنك سوف تحاسب نفسك قبل العمل وتنظر إذا ما كان هذا يُرضي اللّٰه أو لا يرضيه.

وأكد علي جمعة: يجب على الإنسان أن يفكر ويحاسب نفسه ، وتقول: ما هي النعم التي أنعم اللّٰه عليَّ بها؟ وكم هي؟ لو كنت موفقًا لشرح اللّٰه صدرك وأظهر لك مِنَّته عليك، ولو كنت غير موفق أُغلقت عليك بصيرتك ثم لا تجد للّٰه عليك مِنّة وتشتكي في نفسك وتصبح مطموس البصيرة، لكنه لو وفقك اللّٰه لرأيت نِعَمه عليك تترىٰ، لا تعد ولا تحصىٰ في كل نفس؛ تنفسك نعمة، عقلك نعمة، أذناك نعمة، عيناك نعمة، فإن أخذها اللّٰه منك فهي نعمة ما بعدها نعمة. قال رسول اللّٰه ﷺ: «يقول اللّٰهُ عز وجل: مَنْ أَذْهَبْتُ حَبِيبَتَيْهِ فَصَبَرَ وَاحْتَسَبَ لَمْ أَرْضَ لَهُ ثَوَابًا دُونَ الجَنَّةِ»؛ مضمون له الجنة.

وتابع علي جمعة: إذن نحن في نعم مستمرة؛ فهو سبحانه وتعالى يمن عليك بالمنن والمنح والنعم، وأنت تقابله بالمعصية والفرار والطغيان والنسيان والقسوة.

يُرْوَى عَنْ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ –رضى الله عنه- قَالَ: " حَاسِبُوا أَنْفُسَكُمْ قَبْلَ أَنْ تُحَاسَبُوا، وَتَزَيَّنُوا لِلْعَرْضِ الأَكْبَرِ، وَإِنَّمَا يَخِفُّ الحِسَابُ يَوْمَ القِيَامَةِ عَلَى مَنْ حَاسَبَ نَفْسَهُ فِي الدُّنْيَا ".

وَيُرْوَى عَنْ مَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ، قَالَ: «لَا يَكُونُ العَبْدُ تَقِيًّا حَتَّى يُحَاسِبَ نَفْسَهُ كَمَا يُحَاسِبُ شَرِيكَهُ مِنْ أَيْنَ مَطْعَمُهُ وَمَلْبَسُهُ».

وشدد علي جمعة: يجب علينا أن ننتقد ذاتنا وأن نتوب إلى الله سبحانه وتعالى ؛ فإن كل ابن آدم خطاء وخير الخطاءين التوابون. والخطاء والتواب صيغ مبالغة تدل على كثرة الخطا وكثرة الرجوع إلى الله سبحانه وتعالى من غير يأس ولا قنوط.

فلابد علينا من المراجعة والمحاسبة وأن نبدأ بأنفسنا "أبدأ بنفسك ثم بمن تعول" لا نلقى مسئوليتنا على أحد ،فقد اشتكى علماء النفس من هذه الظاهرة المتفشية فينا كلما فشلنا أو قصرنا أو أخطأنا ألقينا بالمسئولية على غيرنا.

واختتم علي جمعة قائلا: يجب علينا كما علمنا رسول الله ﷺ أن نبدأ بأنفسنا من غير جلد للذات ولا إحباط ولا يأس يقول رسول الله ﷺ : " أترى القذاة فى عين أخيك وتترك جزع النخلة فى عينك ".