أظهرت الأبحاث داخل الولايات المتحدة الأمريكية، أنه على مدى عقود كان هناك تحيزًا واضحا ضد النساء الآتي يعانن من زيادة في الوزن، داخل أماكن العمل، والملفت في هذا الأمر أن هناك حالة فشل كبيرة في محاولة إزالة تلك الظاهرة.
ورغم أن جيني روميتي أصبحت أول رئيسة تنفيذية لشركةIBM، في تاريخها الممتد 100 عام، إلا أن وصولها إلى هذا المنصب لم ينسها معاناة استمر 30 عاما، وذلك بسبب وزنها الزائد، ومازالت تتذكر موقف لها ما مديرها في بداية عملها، وذلك حين سألته "بات ، هل تعتقد أنني آكل كثيرا؟ - رئيسها بات أوبراين في شركةIBM – وذلك عندما كان يتحدث إلى روميتي عن وزنها ، وحثها على الحصول على لياقة بدنية جيدة، وذلك إذا أرادت أن تصبح مسؤولة تنفيذية رفيعة المستوى.
مذكرات مديرةIBM
حرصت صحيفةNPR، الأمريكية، أن تروى ما ذكرته مديرةIBM، في مذكراتها، والتي نشرتها عبر"Good Power" التي صدرت الشهر الماضي، وجاء فيها أنها اكتسبت وزنًا بالفعل بعد تلك المحادثة، ورغم أن وزنها لم يوقف حياتها المهنية، إلا أنها تقر بأن الحكم على النساء أكثر قسوة من الرجال من حيث المظهر في مكان العمل، وهي تأسف لعدم تغير أي شيء طوال تلك السنوات.
ووفقا لما جاء بتقرير الصحيفة الأمريكية، فإنه في الواقع، أظهرت دراسة تلو الأخرى على مدى عقود أن مكان العمل يمكن أن يفرض عقوبة وزن غير عادلة على النساء اللائي يُنظر إليهن على أنهن زائدات أو بدينات، وأن تلك المعاناة لا يعان الجرل السمين مثل المرأة، حيث هناك تمييز ضد المرأة في هذا الأمر.
النساء يعاقبن والرجال ينجون
وأعادت الصحيفة الأمريكة نشر، تقرير للبنك الاحتياطي الفيدرالي في سانت لويس، والذي حلل نتائج دراسات متعددة حول هذا الموضوع، وأنتهى إلى أن النساء السمينات يحصلون على مكاسب أقل، ولم تزد هذه العقوبات خلال العقود القليلة الماضية فحسب، بل استمرت في الزيادة مع تقدم المرأة في السن، ومع ذلك، لا يبدو أن الرجال يواجهون تحيزًا مماثلًا في الوزن، فيما حصل الذكور البيض الذين يُنظر إليهم على أنهم يعانون من زيادة الوزن على مكاسب أكثر في الواقع.
ووجد الاقتصادي ديفيد ليمبرت، الذي عمل في الحكومة الأمريكية لأكثر من عقد، في تحليله أن زيادة 10٪ في كتلة جسم المرأة أدت إلى انخفاض دخلها بنسبة 6٪. يأتي هذا الخفض في الأجور بالإضافة إلى حقيقة أن النساء يكسبن بالفعل 20٪ أقل في المتوسط من الرجال في الولايات المتحدة، وهو ما يعنى أنها تخسر 26% كلما زاد وزنها 10%.
ويقول ليمبرت، إنه يمكن حتى فصل السيدات لكونهن لديهن زيادة بالوزن، وذلك لأنهن ليسن فئة محمية بموجب وكالة حماية العمال الفيدرالية وهي لجنة تكافؤ فرص العمل، فيما يحاول بعض المشرعين في جميع أنحاء البلاد تغيير ذلك حاليا، حيث هناك مشروع قانون يشق طريقه في مدينة نيويورك وأيضًا مشروع آخر في ولاية نيويورك يحظر التمييز ضد الأشخاص على أساس الوزن، وقد قدمت ماساتشوستس ونيوجيرسي أيضًا مشاريع قوانين مماثلة ستنضم إلى الحظر الموجود بالفعل في عدد قليل من الولايات مثل ميشيغان وواشنطن ومدن مثل سان فرانسيسكو.
التمييز ضد العرق ينقص ويزيد التمييز ضد السمنة
ووفقا لتحليل دراسة أجرتها جامعة هارفارد لبيانات أكثر من 4 ملايين باختبار للمواقف بين عامي لفترة 10 سنوات، فإنه في حين انخفاض التحيز تجاه التوجه الجنسي والعرق ولون البشرة في تلك الفترة، كان هناك زياد بالتحيز في الوزن (المؤيد للنحافة / مضاد للدهون) بمقدار 40٪، خاصة في السنوات الأولى من الدراسة.
وتقول تيسا تشارلزوورث، الزميلة البحثية في علم النفس بجامعة هارفارد ، والتي عملت على تحليل البيانات: "إنه أمر مزعج للغاية أن يزداد تحيز الوزن مع تزايد عدد الأشخاص الذين يعانون منه أيضًا.
لسن قليلين .. 42% من السكان سمينون
وتأتي المواقف المتدهورة تجاه الوزن مع ارتفاع عدد البالغين الذين يعانون من السمنة المفرطة في الولايات المتحدة إلى 42٪ من السكان، من 34٪ في عام 2008 و 23٪ في عام 1994، وفقًا لبيانات حكومية.
في حين أنه من غير الواضح ما الذي أدى إلى هذا التحيز المتزايد في الوزن ، ويشير تشارلزوورث إلى أن هناك تصورًا بأن وزن الجسم يخضع لسيطرة الفرد ، مقارنةً بالعرق أو لون البشرة.
وهناكسبب آخر مقلق، لزيادة تدهور أحوال أصحاب السمنة، وذلك مع ضغوط وسائل التواصل الاجتماعي، وتُظهر البيانات أن المستخدمين يقضون ساعات في البحث عن الأجسام المثالية على خلاصاتInstagram أوTikTok ، الأمر الذي له تأثير كبير على نفسيتهم، وكشف تحقيق أجرته صحيفة وول ستريت جورنال أن الباحثين الداخليين في إنستجرام وجدوا أن موقعها قد جعل مشاكل صورة الجسد أسوأ بالنسبة للفتيات المراهقات من كل ثلاث.
على المديرات دفع غرامة أكبر مقابل السمنة
وذكر التقرير، أنه مع تقدم المرأة في العمر، يزداد تأثير الوزن على دخلها سوءًا، فقد نشرت المعاهد الوطنية للصحة تقريرًا، وجد أن القيمة المالية الصافية للنساء اللواتي يعانين من السمنة المعتدلة إلى الشديدة اللواتي تتراوح أعمارهن بين 51 و 61 عامًا كان أقل بنسبة 40٪ من نظرائهن ذوات الوزن الطبيعي.
وانخفضت نفس المجموعة من صافي دخل النساء إلى أكثر من 60٪ من نظيراتها عندما كانت أعمارهن بين 57 و 67 عامًا، ووجد التقرير أنه لا يمكن العثور على مثل هذا النمط بالنسبة للرجال.
وقال الاقتصادي ليمبيرت في بحثه، إن النساء البدينات بدأن العمل بأجور أقل وطوال حياتهن المهنية يتلقين زيادات وترقيات أقل تواترا مما يؤدي إلى تأثير كبير في أجورهن المتراكمة مع تقدمهن في العمر، وعندما واصل ليمبرت مزيدًا من التعمق، وجد بحثه أيضًا أنه مع صعود النساء إلى أعلى المراتب، يمكن أن يزداد الأمر سوءًا، حيث يمكن للمديرات التنفيذيات ذوات الوزن الزائد في المراتب العليا أن يواجهن ما يصل إلى 16٪ من عقوبة الأجور.