شهدت الفترة الأخيرة إنفراجة في العلاقات بين سوريا ومحطيها العربي، ما يعطي مؤشرات باحتمال عودة دمشق بشكل رسمي لشغل مقعدها الشاغر بالجامعة العربية منذ أكثر من 10 سنوات، وذلك خلال القمة العربية بالرياض مايو المقبل.
عودة سوريا أصبحت قريبة
كان أولى الخطوات في عودة سوريا للحاضنة العربية، عندما استقبل الرئيس السوري بشار الأسد، الثلاثاء 9 سبتمبر 2021، وزير الخارجية والتعاون الدولي الإماراتي، عبد الله بن زايد آل نهيان، في زيارة هي الأولى لمسؤول إماراتي رفيع المستوى منذ بدء الأزمة السورية عام 2012.
وذكرت دمشق وقتها، أن الجانب السوري والوفد الإماراتي بحثا العلاقات الثنائية بين البلدين الشقيقين، وتطوير التعاون في مختلف المجالات ذات الاهتمام المشترك، وتكثيف الجهود لاستكشاف آفاق جديدة لهذا التعاون، مؤكدة على قوة العلاقات بين البلدين والمواقف الموضوعية للإمارات، مشددا على أن أبو ظبي وقفت دائما إلى جانب الشعب السوري.
كما شهدنا منذ وقوع زلزال 6 فبراير الماضي، زيارات هي الأولى من نوعها منذ أكثر من 10 سنوات للرئيس الأسد إلى عمان، والإمارات، وزيارات أخرى من وزراء الخارجية العرب إلى سوريا على رأسهم وزير الخارجية المصري سامح شكري، ووزير الخارجية الأردني، إلى جانب تصريحات المملكة العربية السعودية بشأن إمكانية عودة سوريا إلى حاضنتها العربية مرة أخرى، بعد الأزمات الأخيرة التي عصفت بها، بالتزامن مع تحولات كبيرة في المشهد السياسي في الخليج العربي بعد بوادر اتفاق بين إيران والسعودية برعاية صينية، ما يبشر بهدوء قريب في الشرق الأوسط مبني على التعاون.
وكان الفضل لدبلوماسية الزلازل، في اتخاذ الرئيس السوري، أولى خطواته الخارجية باتجاه الدول العربية، حيث تحرك في 20 فبراير الماضي، إلى سلطنة عمان، والتقى السلطان هيثم بن طارق، والذي أكد خلال جلسة مباحثات مع الأسد، استمرار بلاده في دعم سوريا لتجاوز آثار الزلزال وتداعيات الحرب والحصار المفروض على الشعب السوري، مؤكدا أن سوريا دولة عربية شقيقة وتطلع عمان، لأن تعود علاقاتها مع كلّ الدول العربية إلى سياقها الطبيعي.
وللمزيد حول هذا الامر نظم موقع "صدى البلد" جلسة حوارية تحت عنوان: "مقعد سوريا في قمة الرياض .. هل تستعيد دمشق مكانتها؟".
تغير كبير في المشهد العربي
وقال أستاذ العلوم السياسية والدولية، الدكتور حامد فارس، إننا نشهد مؤخراً تغيرات جيوسياسية على مستوى العالم في ظل وجود وظهور أقطاب جديدة في العالم، بسبب الحرب الروسية الاوكرانية وهو ما أظهر وجود هشاشة كبيرة في الاقتصاد الاوروبي ، وايضا على المستوى الاقتصادي في الولايات المتحدة اظهر ان هناك شكوكا وفجوات في العلاقات الامريكية بشكل خاص، وأغلب الازمة الروسية الاوكرانية انعكست على المواطن الأوروبي.
وأضاف: أننا على صعيد المنطقة العربية وجدنا هناك انفراجة حقيقية في المشهد العربي حيث ظهرت العلاقات العربية السورية التي كانت تحت الرماد إلى النور، وأصبح هناك ضرورة لعودة سوريا ولكن ليس فقط للجامعة العربية بل للحضن العربي، مشيراً إلى أنها تركت فريسة سهلة للقوى الغربية التي تدخلت بها.
وتابع: من أهم النقاط التي أحدثت تغيير في المشهد العربي، الاتفاق السعودي الإيراني والذي سيكون له انعاكسات كبيرة على مستوى الشرق الأوسط مثل الملف السوري واللبناني واليمني والعراقي، لافتاً إلى أن هذا التقارب سينعكس بشكل كبير على العلاقات العربية الامريكية وإحداث شرق أوسط جديد دون صراعات، وبالتالي هذا سينقل الشرق الأوسط لمكان وواقع جديد.
وأشار فارس إلى التقارب المصري التركي والذي سيكون له انعاكسات قوية وكبيرة على الملف السوري والليبي، وبالتالي العمل على ايجاد صيغة مشتركة توافقية على العمل العربي المشترك وضرورة أن يكون هناك تحرك مشترك بين الدول العربية لالغاء الواقع الذي يهدد المنطقة العربية.
وذكر أنه كان هناك اتصال بين وزير الخارجية المصري والمبعوث الخاص للأمم المتحدة والذي أشار إلى أن هناك اتفاقا جوهريا بين مصر والأمم المتحدة على وجود تنسيق في قرارات مجلس الأمن وقرارات الشرعية، فضلاً عن أن المبعوث الخاص للأمم المتحدة بعدها بيوم اتصل بوزير الخارجية السعودي، ثم بعدها زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي للسعودية، وبعدها زيارة رئيس دولة الامارات إلى القاهرة وبالتالي هناك حراكا عربيا كبيرا لعودة سوريا.