الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

اتُّهم بالترويج للإباحية وأصيب بشلل وخرس.. محطات صادمة في حياة الشاعر شارل بودلير

شارل بودلير
شارل بودلير

يصادف التاسع من أبريل ذكرى مولد الشاعر الفرنسي شارل بودلير،  الذي يعدّ من رموز أدب الحداثة، وأبرز أدباء القرن التاسع عشر في فرنسا وأوروبا، وأول من كتب قصيدة النثر في الشعر الفرنسي.


ولد بودلير في باريس يوم التاسع من أبريل عام 1821، وعاش حياة مضطربة  منذ الصغر، حيث ذاق مرارة اليتم رغم أن أمه كانت ما تزال على قيد الحياة، إذ لم يعش معها كثيرا من سنوات عمره، وذاق مرارة الفقر رغم أنه ورث ثروة طائلة مُنع من التصرف فيها.


كان أبوه جوزيف فرنسوا بودلير، والذي ينتمي إلى الطبقة البورجوازية المتوسطة من ملاك الأراضي، راهبا ورساما هاويا، ثم ترك الرهبانية وأصبح موظفا في وزارة التعليم، ثم البرلمان، وقبل أن يتعرف على أم شارل، تزوج  من الرسامة "جين جاستين" و أنجب منها "ألفونس بودلير" وبنتين، وتوفيت عام 1818.

في عام 1819، تعرف والد شارل على كارولين وتزوجها، وكانت وقتها في سن السادسة والعشرين، وكان هو في عمر الستين، وبعد نحو عام من الزواج رزقا بطفلهما شارل.

توفي أبوه في فبراير عام 1827 وعمره لم يتعد 6 سنوات، وزاد من مرارة يتمه أن والده توفي أمام ناظريه.

ترك الأب مكتبة كبيرة، التهَم شارل  كتبها وهو ما يزال صغيرا، وكان يرتاد النوادي والمجالس الثقافية التي كانت تعقد في بيوت بعض وجهاء وأغنياء ومثقفي باريس، وتنبأ له الكثيرون بالنبوغ والإبداع.

منذ طفولته، توالت عليه الصدمات، فلم يكد يتخلص قليلا من صدمة وفاة أبيه، حتى تزوجت أمه من الضابط في الجيش الفرنسي الجنرال "جاك أوبيك"، وتضاعفت آلامه بعد نحو عام من هذا الزواج، يوم رأى بعينيه أمه وهي تخضع لعملية إجهاض قسرية مؤلمة لتتخلص من جنينها في الشهر الثامن؛

الذي أرغمها زوجها الجنرال أوبيك - أحد الضباط الذين شاركوا في احتلال الجزائر عام 1830 -  على التخلص منه بدعوى أن ولادتها منه في تلك الفترة كان يمكن أن تضرّ بطموحاته العسكرية والدبلوماسية.

ولعل حرصه هذا على مسيرته المهنية هو ما أوصله إلى إسطنبول سفيرا لفرنسا لدى الدولة العثمانية، ثم بعد ذلك سفيرا في لندن ومدريد.


انعكس كل ذلك على أداء شارل  الدراسي وانتظامه في المدرسة، وانتهى به الأمر عام 1839 مطرودا من ثانوية "لويس الأكبر" في باريس قبل أن يحصل على الثانوية العامة.

 

تنقل شارل بودلير بين عدة مدن، ودرس في عدة مؤسسات تعليمية، وبدأ هذا الاضطراب وعدم الاستقرار في حياته يزيد من كرهه للجنرال أوبيك، الذي يعتبر أنه "سرق" منه أمه وحرمه من حنانها ورعايتها.

ففي عمر 10 سنوات، دخل إعدادية "شارلوماني" في باريس، وبعدها انتقل إلى مدينة ليون مع أمه وزوجها ودخل الثانوية الملكية، وفي عام 1836 عاد إلى باريس ودخل ثانوية "لويس الأكبر".
وكانت العادة تفرض أن من يأتي إلى هذه الثانوية أو إحدى ثانويات باريس من المدن الأخرى، يتم تنزيل مستواه سنة أو سنتين، على اعتبار أن التعليم في العاصمة كان أكثر تقدمًا وتطور، فحزن شارل لذلك ورأى أنه ضيع عليه عام من عمره الدراسي، واعتبره قرارا غير عادل.

الطرد من ثانوية لويس

 

رد فعل الشاب شارل على كل هذه الظروف التي أحاطت به منذ صغره انقلب تمردا ورفضا للأسرة والمجتمع وما حوله، و كلّفه ذلك التمرد  الطرد من ثانوية لويس الأكبر لسبب ظل طول عمره يعتبره "تافها"، وذلك لأنه رفض التبليغ عن زميل له، و صرّح أمام الإدارة أنه مستعد لأي عقوبة، لكنه "لن يكشف سر زميله".

انتهى مشواره في ثانوية لويس الأكبر التي درس فيها 3 سنوات في شعبة الفلسفة، وتعلم فيها اليونانية واللاتينية والإنجليزية والأدب الكلاسيكي القديم لكنه لم يستسلم لهذا الطرد، وعمل بجهد حتى حصل على شهادة الثانوية العامة خارج التعليم النظامي.


في هذه الثانويات "الصارمة" بالعاصمة باريس، كانت القاعدة أن الطلاب الذين لم يكونوا ينضبطون كانوا يعاقبون بالحرمان من الأكل ومن الفسحة، ويُحبسون في قاعات وتُفرض عليهم عقوبات على شكل واجبات مدرسية زائدة، وأخرى ربما تكون من قبيل "التعذيب الجسدي".

 

الرسائل الثلاثة

وفي إحدى رسائله إلى أحد أصدقائه، كتب شارل بودلير واصفا قساوة مثل هذه الأساليب: 
"أحيانا قد تكون العقوبة أن تتجمد أمام شجرة في ساحة الثانوية في أوج فصل الشتاء لمدة يحددها مدرس دكتاتور".

 

كما كتب في رسالة إلى والدته في 1861 مستذكرا تلك الفترة: 
"تعلمين تلك التربية الوحشية التي كان يريد أن يربيني عليها زوجك، عمري الآن 40 سنة ولا أستطيع التفكير في دراستي الثانوية من دون الشعور بالألم".

 

وفي رسالة أخرى إلى صاحب دار النشر التي كان يتعامل معها، يقول بودلير واصفا ذكرياته في الثانوية:

"أكره هذا الوسط المتحذلق والمنافق الذي دفعني إلى الجوع والزنزانة المظلمة".


 أيام التسكع في باريس

بعد حصوله على الثانوية العامة بجهده الخاص، توجه إلى كلية القانون ليبدأ مشوار دراسته الجامعية، لكن تمرده المجتمعي وحقده على "كآبة باريس" غلبا رغبته في الدراسة، فترك الجامعة وبدأ حياة تسكع وتشرد ومجون واستهتار ستظل ترافقه إلى لحظة موته.


ترك شارل بودلير مقاعد الدراسة وانغمس في حياة "البوهيمية" والمجون واللامبالاة والاستهتار، ودفن نفسه بين كؤوس الخمر ولفائف الحشيش ومسحوق الأفيون وأحضان البغايا في حارات الحي اللاتيني في باريس.

 

دعوى قضائية

في أقل من عامين، أنفق شارل بودلير نصف ثروته الطائلة البالغة 75 ألف فرنك فرنسي ورثها من أبيه، وزاد تمرده بعد أن تدخلت أمه -وهو في الثالثة والعشرين- ورفعت دعوى قضائية ضده وفرضت عليه حجرا ووصاية قضائية لتمنعه من تبديد ثروة أبيه.

حجرت المحكمة على أموال بودلير، وقضت له بمصروف شهري لا يتعدى 200 فرنك فرنسي يتسلمه تحت إشراف محام، وطلبت منه أن يقدم باستمرار تقريرا عن أعماله ومصاريفه، فدفعه ذلك إلى الشعور بالإهانة والاحتقار، وزاد من كرهه لأسرته وكل محيطه.


رحلة العودة إلى باريس

في عام 1841، أرسله زوج والدته في رحلة على باخرة إلى الهند، لعله يبتعد عن  حياة الضياع، لكنه لم يصل إلى وجهته وتوقف في جزيرة موريشيوس وقضى فيها شهورا، ثم عاد إلى باريس بعد أقل من سنة وابتلعته غيابات الحي اللاتيني من جديد.

ومن أجل توفير المال لينفق على نزواته وأهوائه التي لا تنتهي، عمل صحفيا وناقدا فنيا لدى كثير من الصحف، وحاول نشر بعض الأعمال لدى دور نشر، لكن ما كان يجنيه من مال لم يصمد أمام السيل الدافق من متطلبات حياته الشهوانية التي أطلق لها العنان، فتراكمت عليه الديون.

 

رسالة انتحار بالمزاد

طاف شارل بودلير باريس كلها وغيّر سكنه مرارا هربا من دائنيه، فاستأجر أكثر من 40 منزلا وفندقا، وعرفته كل أزقتها تقريبا، وبلغ به اليأس والنفور من الحياة أن حاول الانتحار في 18 يونيو 1845، حيث طعن صدره بسكين، لكنها لم تكن طعنة قاتلة، لكنه نجا.


وقبيل محاولة انتحاره، كتب رسالة إلى إحدى خليلاته يخبرها بما سيقدم عليه، وأوصى لها بما يملك وما ورث، لكن أجله الذي لم يحن بعد حال بينها وبين ثروة أبيه. وفي نوفمبر 2018، بيع النص الأصلي لتلك الرسالة في مزاد علني بالعاصمة الفرنسية بسعر بلغ 234 ألف يورو.

 

مع الثوار

 

وفي 1848، شارك شارل بودلير في الثورة الشعبية التي اندلعت في فبراير وأدت إلى قيام ما يعرف بالجمهورية الفرنسية الثانية، وحمل السلاح مع الثوار ووقف معهم في الحواجز التي نصبوها في باريس، ووجدها فرصة سانحة ليحرضهم على قتل زوج أمه الجنرال جاك أوبيك، لكن مراده لم يتحقق.

وبعد أن "انحرفت" الثورة عن مسارها، ووقوع العديد من التطورات  تراجع بودلير وعارض الثوار والثورة، ووصفها بأنها "مذبحة الأبرياء".

 

الحياة في بلجيكا 

 

عاش شارل بودلير جزءا من حياته "البوهيمية" في العاصمة البلجيكية بروكسل ومدن بلجيكية أخرى (1864-1866)، حيث سافر إليها هربا من دائنيه في باريس، وطمعا في جني بعض المال عبر إلقاء سلسلة من المحاضرات، لكنه أصيب بخيبة أمل لا تقل عما لقيه في فرنسا، حتى إنه كتب في أواخر حياته كتابا عن بلجيكا وانتقدها وأهلها ومدنها وأسلوب العيش فيها.

تمرّد بودلير على الحياة ونهجها تجلى حتى في تسريحات شعره التي تنوعت باستمرار بين الشعر الطويل المرسل والقصات القصيرة والحلق الجذري حد الصلع، بل امتد تمرده وحنقه هذا حتى إلى القارئ، ففي أحد مؤلفاته يصفه بأنه منافق حيث يتوجه إليه قائلا "أيها القارئ المنافق، يا شبيهي، يا أخي".


ومما نقلته روايات النقاد عن بودلير، أنه قال مرة إنه "لا توجد إلا 3 كائنات محترمة: الراهب والمحارب والشاعر، فالأول ينشر العلم والثاني يقتل والثالث يبدع".

 

الشهرة والغرامة.. أزهار الشر

 

صدرت النسخة الأولى لديوان أزهار الشر عام 1857، وفتحت لبودلير أبواب الشهرة،

ديوان واحد من أعماله الشعرية والأدبية حقق شهرة غير مسبوقة، وبوأ شارل بودلير عرش الشعر الفرنسي في القرن التاسع عشر، وأصبح كل منهما دليلا على الآخر، فإذا ذكر بودلير سبقه إلى الذهن ديوان "أزهار الشر"، الذي لخّص فيه عصارة "النكد والضياع" الذي عاشه في باريس.

وحتى هذه الصنعة الشعرية ساقته إليها الأقدار على غير هدى منه ولا تخطيط، فقد كان مناه أن يكون ناقدا فنيا، وبذلك بدأ حياته مؤلفا، حيث كتب كثيرا من المحاولات النقدية لعدد من الأعمال الفنية لرسامين عاصرهم.

 

وبقدر ما حقق له ديوانه هذا شهرة واسعة، جرّ عليه متاعب كثيرة وأوصله إلى ردهات المحاكم، فقد "تجرأ" فيه على ما لم يقربه سابقوه، وثار فيه على التقاليد المجتمعية والتقاليد الأدبية والثقافية والدينية لعصره، وفاحت من قصائده "نتانة" ما عاشه في الحي اللاتيني بباريس.

اتُّهم  بالترويج للإباحية  في ديوان "أزهار الشر ، وشنت عليه جريدة "لوفيجارو"  هجوما لاذعا في سلسلة مقالات، ووصفته بأنه "كومة من الجثث المعروضة ببرودة أعصاب"، واعتبرته "تحريضا صريحا على الفساد والانحلال الخلقي والرذيلة".

وحكمت عليه المحكمة بدفع غرامة 300 فرنك فرنسي، وأمرت بحذف 6 قصائد من الديوان اعتبرتها مخلة بالآداب وخادشة للحياء والأخلاق، وانتقد كثيرون الديوان ورأوا أنه يقطر ميوعة وخلاعة وبؤسا ونكدا ومجونا.

لكنّ شعراء وكتابا من جيله أو ممن سبقوه إلى الأدب بقليل ناصروه ضد هذه المحاكمة، ومدحوا ديوانه، ومنهم الروائي الكبير فيكتور هوغو، الذي قال عن الديوان إنه "خلق رعشة جديدة في الشعر الفرنسي".

وإن كانت المحاكمة أضرت ببودلير من بعض الجوانب، فإنها بالمقابل عبّدت طريق الشهرة أمامه وأمام ديوانه، فبعد سنوات قليلة صدرت منه طبعات منقحة (1861، 1866، 1868) لا تتضمن القصائد المدانة، وبيعت منه آلاف النسخ ونفد في كثير من الأسواق.

كما نشرت بعض الدور خارج فرنسا، خاصة بلجيكا النسخة الأصلية للديوان متضمنة القصائد الست، وانتهى مسار بودلير وديوانه إلى تبرئتهما بعد 4 عقود في محاكمة جديدة انعقدت في باريس عام 1945.
وأتت بودلير فرحة أخرى تزامنت مع شهرة ديوانه. ففي نفس العام الذي نشره فيه، جاءته البشرة بموت زوج أمه الذي كان يكرهه ويعتبره أحد أسباب "ضياعه"، فبدأت علاقته مع والدته تعود شيئا فشيئا إلى سابق عهدها.

 

ديوان قصائد نثرية  

رأى  كثيرون في ديوان قصائد نثرية نوع جديد من الكتابة الشعرية كان ما يزال آنذاك محتشما.  وثار فيه بودلير على قوالب الشعر كما ثار على قوانين الحياة.

 

تأثره بالشاعر إدغار آلان 

 

أحد المظاهر الأخرى التي تميزت بها تجربة بودلير الأدبية هي تأثره بالكاتب والشاعر الأميركي إدغار آلان بو، الذي عاش هو الآخر مثل بودلير "على رصيف الحياة" وكان حظه عاثرا، فحياة الكاتب الأميركي حفلت بالشقاء والحرمان، وقال عنه بودلير إن "أميركا فقدت روائيا وناقدا وشاعرا وفيلسوفا لم تكن جديرة به".

كرّس بودلير جزءا من حياته وجهده لخدمة "رسالة" إدغار آلان بو، فترجم العديد من أشعاره وكتبه إلى اللغة الفرنسية، لأنه وجد فيها تقاطعات كبيرة مع منهجه في الحياة و"مبادئه" التي يؤمن بها.


نادي الحشاشين

في تلك السنوات من القرن التاسع عشر، بدأ الأفيون والحشيش يغزوان فرنسا وأوروبا، وكانا من ضمن ما تعرّف عليه الفرنسيون في بعض مستعمراتهم في أفريقيا وآسيا، وأثار الموضوع اهتمام طبيب الأمراض العقلية والنفسية الفرنسي جاك جوزيف مورو، فقرر تأسيس ناد يطعم فيه رواده قطعا من الحشيش ويراقبهم ويدرس تأثيره على وعيهم وعقولهم.

ولم يجد لتطبيق فكرته أفضل من أمثال شارل بودلير ليخضعهم لتجاربه، خاصة أنه كان يسود اعتقاد في تلك الفترة أنه ربما كان لهذه المخدرات "تأثير إيجابي" في الفكر والإبداع.

وبالإضافة إلى بودلير، انضم إلى هذا النادي  مشاهير من أدباء فرنسا.

تأسس النادي بين 1844 و1849 في شقة كان يقطنها صديق بودلير الرسام فرناند بواسارد في فندق لوزان.


لكنه بعد مدة كتب عن هذه التجربة، قائلا "بعد عشرات التجارب تخلينا إلى الأبد عن هذا المخدر المسكر، ليس فقط لأنه أضرَّ بأجسادنا، ولكن لأن الأديب الحقيقي يحتاج فقط إلى أحلامه الطبيعية، ولا يجوز له أن يتأثر تفكيره بأي عامل آخر".

 

المؤلفات والإنجازات

وعلى الرغم من أنه عاش 46 سنة فقط، فإن مسيرة شارل بودلير الإبداعية كانت حافلة بكثير من المؤلفات في الشعر والأدب والنقد والترجمة، أبرزها:

سلسلة كتب في النقد الفني عنونها "الصالونات"  في أعوام (1845، 1846، 1859)، كتاب "خمر وحشيش" عام 1851، ترجمة أعمال الكاتب الأميركي «إدغار آلان بو» عام 1854،
ديوان "إلى عابرة" عام 1855،
ديوان "أزهار الشر" عام 1857، ونشر نسخا منقحة منه في أعوام (1861، 1866، 1868)،
ديوان "فراديس مصطنعة" عام 1860،
"حياة وأعمال أوجيني دو لاكروا"، وهو كتاب نقدي عن أعمال الرسام الفرنسي «أوجين دو لاكروا» عام 1863، كتاب "الفن الرومانسي" عام 1868،
ديوان "كآبة باريس" عام 1869،
"قلبي العاري" وهو ديوان من قصائد نثرية عام 1887.


وفاة بودلير

أصيب بودلير بشلل نصفي بعد سقوطه في كنيسة "سان لو" في مدينة نامور ببلجيكا سنة 1866، وبعدها أصيب بالخرس فسافرت أمه إلى بلجيكا وأعادته إلى باريس، وأمضى في إحدى مصحاتها سنة كاملة لا يقوى لا على حراك ولا نطق، وحتى بعض المعاملات القانونية التي أنجزها في أواخر حياته كانت عبر إيماءات وإشارات.

توفي يوم 31 أغسطس 1867، وهو لم يتجاوز بعد سنَّ السادسة والأربعين، ودفن في مقبرة العائلة بمنطقة مونبارناس في باريس.

توفيت أمه بعده بأربع سنوات، كما أن أخاه كلود ألفونس بودلير -الذي كان قاضيا- مات هو الآخر مشلولا قبله بسنوات، وعمره 46 عامًا.