الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

ليست مجموعة عسكرية فقط.. تعرف على أسرار إمبراطورية "فاجنر" الروسية| ذراع بوتين الحربية

فاجنر
فاجنر

في تحقيق موسع تضمن وثائق ومراسلات سرية، نشر موقع موليتيكو الأمريكي، أسرار واسعة حول مجموعة فاجنر الروسية، والتي كشفت أنها ليست مجموعة من المرتزقة تقوم بأعمال مسلحة لصالح روسيا ورئيسها فلادمير بوتين فقط، ولكنها إمبراطورية شاملة متعددة الشركات، وكان مما كشفه التحقيق الموسع، امتلاك فاجنر لمؤسسات إعلامية ذات تأثير، وشركات دعاية متوغلة في العديد من دول العالم.

وكذلك كشف المستندات التي حصل عليها الموقع الأمريكي من داخل فاجنر نفسها، طرق التمويل التي توفرها فاجنر رغم العقوبات المفروضة عليها، وهو ما دفع الصحفية الأمريكية للحديث عن المستقبل السياسي لمؤسسها، في ظل إمتلاكه لمرسسات دولة، سواء من الجانب العسكري فهو يمتلك جيش بمعنى الكلمة، أو سواء من جانب المؤسسات الإعلامية والاقتصادية، هذا بجانب النفوذ القوى داخل المؤسسات السيادية بروسيا.

 

 

مؤسس فاجنر .. إمبراطورية بريجوزين الإعلامية

 

 

وكما اتفق كافة أساتذة العلوم السياسية، أن سلاح الإعلام لا يقل أهمية عن القوة العسكرية، وهنا نجد أن فاجنر ومؤسسها كانوا يدركون ذلك، وبالفعل أسسوا منصات إعلامية، ومنصات على شبكات التواصل الاجتماعي أصبحت ذات تأثير كبير على الرأي العام، وعبرها تم تعزيز ارتباط شبكة بريجوزين بالدولة الروسية من خلال العمل الذي تقوم به محليًا لدعم بوتين وغيره من كبار المسؤولين الروس، بما في ذلك من خلال حملات الإعلام والتضليل ، وفقًا للوثائق .

 

وقد اتُهم منذ سنوات بالتدخل في الانتخابات الأجنبية، بما في ذلك الانتخابات الأمريكية، وإطلاق حملات التضليل في جميع أنحاء العالم، فالوثائق كشفت أن بريجوزين جزء من ملكية مجموعة من المنافذ الإخبارية عبر الإنترنت - وهي مجموعة معروفة باسم مجموعة باتريوت ميديا - وتدفع للصحفيين لكتابة مقالات تروج للمشاعر المعادية للغرب وتدعم المرشحين المختارين ، فوفقًا للوثائق والخبراء، كان هناك سلسلة من الخطط المالية والمذكرات حول كيفية قيام عملاء مرتبطين بأنشطة المعلومات المضللة لبريجوزين بتخطيط وتمويل وتنفيذ عملية للتأثير على تغطية الانتخابات الرئاسية الروسية لعام 2018، فالوثائق تكشف تفاصيل جديدة حول الطريقة التي خططت بها لحملاتها المحلية بالضبط، ومن دفعت ومدى توجيه تغطية الصحفيين.

 

ففي الفترة بين 17 و 19 مارس 2018، استغل عملاء بريغوزين سبعة منافذ إخبارية تابعة لمجموعة باتريوت ميديا جروب لنشر قصص لتعزيز صورة بوتين والترويج للمشاعر المعادية للغرب ، كما تظهر الوثائق، وتضمنت إحدى الوثائق قائمة بالتعليمات التي دفعت المراسلين للكتابة عن شرعية انتخابات 2018 في روسيا على الرغم من المزاعم العلنية الموثوقة بتزوير الانتخابات وتعبئة الأصوات، كما طلبت من الصحفيين الامتناع عن الكتابة عن المشاكل في مراكز الاقتراع والتحدث مع المشاهير والرياضيين وغيرهم من الشخصيات العامة لدعم مزاعمهم، وتفاصيل أخرى كثيرة ودقيقة حول هذا الأمر.

 

مزرعة الترول .. إحدى شبكات الدعاية العالمية

 

وفي مبنى من أربعة طوابق يُعرف باسم مزرعة الترول في سانت بطرسبرغ ، روسيا، كان هناك مبنى وكالة أبحاث الإنترنت، المعروف باسم "مزرعة الترول"، حيث تقوم شبكة بريغوزين أيضًا بحملات تضليل في جميع أنحاء العالم في محاولة لتعزيز المصالح الجيوسياسية الروسية ونشر المشاعر المعادية للغرب، ولطالما ارتبط متعهد الطعام السابق بمزرعة ترول - وكالة أبحاث الإنترنت - المعروفة بمحاولتها المتكررة للتدخل في الانتخابات الأمريكية، وكانت الوكالة موضوع تحقيق من قبل وزارة العدل الأمريكية، ونقطة محورية في تحقيق روبرت مولر الخاص في السباق الرئاسي لعام 2016. 

 

وأعلنت الولايات المتحدة عن لائحة اتهام من ثماني تهم ضد شركة كونكورد للإدارة والاستشارات، شركة بريجوزين، للتدخل في الانتخابات، لكنها أسقطت التهم في النهاية، وعلى الرغم من الاتهامات والتحقيقات، فقد كثف بريجوزين الجهود لمحاولة التدخل في الأنظمة السياسية الغربية، بما في ذلك الانتخابات الأمريكية، وكذلك قام مؤسس فاجنر بإنشاء مزارع ترول خارج روسيا في أماكن مثل غانا ونيجيريا، وقد تفاخر بريجوزين في قناته على Telegram بتدخله في انتخابات أمريكا قائلا: "أيها السادة ، تدخلنا ، نتدخل وسنتدخل" . "بعناية ، بدقة ، جراحيا وعلى طريقتنا الخاصة."

 

ويبدو أن بعض عمليات نفوذ بريجوزين تندرج في إطار مشروع يُدعى "ماجادان"، وذلك وفقًا للوثائق التي تتضمن العديد من المعلومات عن الرواتب لموظفي بريجوزين لتنفيذ عمليات تأثير واسعة النطاق لمشروع ماجادان، وأكد الخبراء الذين راجعوا الوثائق هويات العديد من الأفراد المدرجين في كشوف المرتبات، بما في ذلك ميرا تيرادا، رئيسة مجموعة تعرف باسم مؤسسة مكافحة القمع، وهي المنظمة المرتبطة ببريجوزين، ومعروفة بنشر الدعاية الروسية، وقد فرضت كندا مؤخرًا عقوبات عليها ، وقد اعترفت المؤسسة في بيان لـ POLITICO بأن تيرادا تعمل كرئيسة للمنظمة لكنها لا تعرف أي شيء عن مشروع ماجادان، وقال البيان أيضا إن مهمة المؤسسة هي التأثير على الرأي العام في الغرب وروسيا.

 

 

أسرار تمويل فاجنر منذ تأسيسها في 2014

 

 

وربما السؤال الذي يطرح نفسه، وهو كيف استطاع هذا الشخص توفير التمويل اللازم لتلك الأعمال العسكرية والإعلامية الواسعة، وهنا يقول الخبراء إن فاجنر التي تأسست في عام 2014، لا تزال التفاصيل حول كيفية تمويل المجموعة شحيحة، ويرجع ذلك جزئيًا إلى أن المجموعة معروفة باستخدامها الشركات الوهمية والقواطع للقيام بأعمال تجارية في تحد للعقوبات الغربية.

ولكن على سبيل المثال ، تعتمد على شركة مسجلة في مدغشقر تُعرف باسم Midas Resources للقيام بأعمال التعدين في جمهورية إفريقيا الوسطى ، وفقًا لأحد المستندات الأمريكية التي حصلت عليها بوليتيكو، وافترض الخبراء لسنوات أن المجموعة تتلقى تمويلًا كبيرًا من الدولة الروسية، مكملة لتلك الأموال بأرباح من عقود الأمن والتعدين من الحكومات التي لا تلتزم بالعقوبات.

 

وعلى الرغم من هذه الروابط الواضحة بين فاجنر وروسيا، إلا أنه لأول مرة تكشف إحدى الوثائق التي استعرضتها بوليتيكو، والتي درسها الخبراء أيضًا، ارتباطًا ماليًا بينهما، وذلك عبر تمويل شركات تعود لوزير الدفاع الروسي، وذكرت الوثائق أن الشركة المذكورة في الرسالة كانت أيضًا متلقي طائرة خاصة تم شحنها من شركة مقرها في سيشل، والجدير بالذكر أن معلومات التعريف المدرجة لتلك الطائرة الخاصة هي مطابقة لتلك التي تعتقد السلطات الأمريكية أنها تخص وزارة الدفاع الروسية.

 

 

بعد كل ذلك .. هل يسعى مؤسس فاجنر لمنصب سياسي؟

 

 

وعلى الرغم من الصلة بين فاجنر وشبكة بريجوزين والوحدات داخل الحكومة الروسية، فإن بريجوزين لديه أيضًا تاريخ من المعارك العامة مع الكرملين، لا سيما مع وزارة الدفاع، فقد قال مسؤولون وخبراء، إنه يبدو أن التوترات قد ازدادت حدة في الأشهر الأخيرة مع ظهور بريجوجين الإعلامي المتكرر من الخطوط الأمامية في أوكرانيا وتولي قواته عمليات ميدانية رئيسية في باخموت، من بين مدن أخرى.

 

وبعد استيلاء روسيا على بلدة سوليدار الاستراتيجية، تفاخر بريجوزين بنجاح فاجنر بينما قلل من دور وزارة الدفاع في الفوز، وقال في بيان عبر خدمته الصحفية: "أريد أن أؤكد أنه لم تشارك أي وحدات أخرى غير مقاتلي فاجنر في الهجوم على سوليدار"، وفي دليل إضافي على الخلاف المستمر بين فاجنر ووزارة الدفاع، يظهر مقطع فيديو مسرب نُشر على وسائل التواصل الاجتماعي في ديسمبر مقاتلين فاجنر ينتقدون مكتب الدفاع الروسي، ويصفون رئيس الأركان بأنه "قطعة قذرة" ويطالبون بمزيد من شحنات الذخيرة .

 

ويقول الخبراء إن اهتمام وسائل الإعلام بفاغنر أدى إلى زيادة التكهنات بأن بريجوزين يسعى للحصول على منصب سياسي داخل الحكومة الروسية - وهو من شأنه أن يمنحه وصولاً مباشراً إلى الأموال العامة ويعزز دور مجموعته.

 

"بريجوزين لديه طموحات سياسية، إنه لا يريد فقط البقاء كرجل حكم أو ثري" .. هكذا قال سيرجي سوخانكين، الزميل البارز في مؤسسة جيمس تاون، وهي مؤسسة فكرية محافظة مقرها واشنطن وأضاف: "طموحاته السياسية آخذة في النمو، والسلطات الروسية والنخبة السياسية تدرك أن فاجنر موجود هنا وأن بريجوزين لديه طموحات سياسية يتعين عليهم التعامل معها".