الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

خطوة تهدد بانهيار الأمن النووي.. ماذا يعني تعليق روسيا معاهدة نيو ستارت؟

الأسلحة النووية
الأسلحة النووية

بينما يبحث العالم بعد عام من الحرب في أوكرانيا عن فرصة لوقف آلة القتال بين موسكو وكييف والتي فشلت معها كافة جهود الوساطة فاجأ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين العالم بتعليق بلاده العمل بمعاهدة "نيو ستارت".

الرئيس الروسي 

روسيا تعلق معاهدة "نيو ستارت"

قرار الرئيس الروسي الذي نزل كالصاعقة على المجتمع الدولي وصفه الكثيرون من المحللين السياسيين بأنه خطوة استباقية لحماية بلاده خاصة وأن الدول الغربية بدأت في اتخاذ خطوات أكثر تشددا حيال موسكو وقررت رفع حزمة المساعدات إلى أوكرانيا.

وأعلن الرئيس فلاديمير بوتين تعليق روسيا مشاركتها في معاهدة ستارت الجديدة، وجاء هذا الإعلان كجزء من خطاب حالة الاتحاد أمام البرلمان الروسي.

وألقى بوتين باللوم على الغرب في الحرب المستمرة منذ عام، متهما إياه بمحاولة تحويل أوكرانيا إلى دولة "معادية لروسيا"، مشيرا إلى أن وجود دولته كان معرضا للخطر.

وقال: "أجد نفسي مضطرا للإعلان اليوم أن روسيا ستعلق مشاركتها في معاهدة الأسلحة الهجومية الاستراتيجية".

وشدد على أنه لم ينسحب من المعاهدة، التي تحد من عدد الأسلحة النووية بعيدة المدى التي يمكن أن تمتلكها كل دولة، والتي من المقرر أن تنقضي في عام 2026.

وقال بوتين إن روسيا بحاجة إلى أن تكون مستعدة لاختبار أسلحة نووية إذا فعلت الولايات المتحدة ذلك أولا.

وتعد معاهدة "ستارت الجديدة" آخر صفقة أسلحة نووية قائمة بين روسيا والولايات المتحدة، وقد اتفق الطرفان في عام 2021 على تمديد العمل بها لمدة خمس سنوات.

وُقعت المعاهدة في عام 2010، وتنص على تقليل عدد الرؤوس النووية بعيدة المدى لكل جانب إلى 1,550 رأسا نوويا، وهو عدد أقل مما كان ينص عليه اتفاق ستارت السابق.

الرئيس الروسي والأمريكي 

بوتين يواصل التصعيد مع الغرب

وعلق الأمين العام لحلف شمال الأطلسي، ينس ستولتنبرج، على خطاب حالة الأمة، الذي ألقاه بوتين، مطالبا روسيا بإعادة النظر في قرار تعليق عضويتها في معاهدة ستارت الجديدة.

وقال إن بوتين يواصل تصعيد الحرب، مشيرا إلى أن الناتو يخطط لعقد اجتماع مع خبراء مشتريات الأسلحة لضمان حصول أوكرانيا على الأسلحة التي تحتاجها.

في غضون هذا، قالت روسيا إنها استدعت السفيرة الأمريكية في روسيا، لين تريسي. وأصدرت وزارة الخارجية الروسية بيانا قالت فيه إن استدعاء تريسي كان مدفوعا بـ "توسع انخراط الولايات المتحدة في الأعمال العدائية" في أوكرانيا.

وتتهم الوزارة الولايات المتحدة بـ"ضخ" الأسلحة إلى كييف واتباع "مسار عدواني"، ودعت مذكرة الاحتجاج التي سُلمت إلى تريسي الولايات المتحدة إلى وقف تصعيد الحرب من خلال سحب معدات الناتو.

وذكر الكرملين، في وقت سابق اليوم، أن تعليق معاهدة ستارت من جانب روسيا هدفه التأكد من احترام التكافؤ النووي.

ودعت منظمة الأمم المتحدة، روسيا والولايات المتحدة لمواصلة التعاون على مستوى عالٍ بشأن معاهدات التسلح النووي، مطالبة جميع الأطراف باستئناف التنفيذ الكامل لمعاهدة ستارت بشأن الأسلحة الاستراتيجية.

يذكر أن معاهدة نيو استارت بدأت فعليا في ثمانينيات القرن الماضي في عهد الرئيس الراحل رونالد ريجان عقب محادثات الحد من الأسلحة الاستراتيجية في السبعينيات حيث تم الاتفاق على خفض الأسلحة الهجومية الاستراتيجية وتم الاتفاق على عمليات التفتيش والتحقق بموجب "ستارت 1".

الأمين العام لحلف شمال الأطلسي

معلومات عن معاهدة "نيو ستارت" 

ومنعت المعاهدة حينها، الموقعين عليها من نشر أكثر من 6000 رأس نووية فوق 1600 صواريخ بالستية عابرة للقارات والقاذفات.

ووقع البلدان عام 1991، معاهدة الحد من الأسلحة الهجومية الإستراتيجية "ستارت 2" لخفض الأسلحة النووية، حيث اتفقا على خفض عدد الرؤوس الحربية الاستراتيجية إلى 3500 بحلول العام 2003.

وجرى توقيع معاهدة "ستارت 3"، في 8 إبريل 2010، بالعاصمة التشيكية براغ من قبل كل من الرئيسين الروسي السابق، دميتري ميدفيديف، والأميركي الأسبق باراك أوباما، ودخلت حيز التنفيذ في 5 فبراير 2011.

ووفق الاتفاقية تلتزم موسكو وواشنطن بنشر ما لا يزيد عن 1550 رأسا نوويا استراتيجيا و700 صاروخ طويل المدى وقاذفات قنابل وتخفيض عدد منصات الإطلاق والقاذفات الثقيلة إلى 800 قطعة.

ونصت على السماح لكل طرف بإجراء ما يصل إلى 18 عملية تفتيش للتحقق من التزامه ببنود المعاهدة.

وكانت آخر اتفاقية عسكرية متبقية بين البلدين وكانت آخر معاهدة مكنت الجانبان من الاتفاق على تمديدها بعد انسحابهما في العام 2019 من معاهدة الصواريخ متوسطة وقصيرة المدى، وانسحاب واشنطن من اتفاقية "الأجواء المفتوحة" للمراقبة، واجهت مصيرا مجهولا في عهد الرئيس السابق دونالد ترامب جراء إصرار إدارته على إشراك الصين في المفاوضات وانضمامها إلى المعاهدة.

وكان مقررا أن تنتهي الاتفاقية في فبراير 2021، إلا أن واشنطن اقترحت تمديدها 5 سنوات، وقد وافقت موسكو على ذلك، وفي 21 فبراير 2023، قرر الرئيس الروسي تعليق العمل بالاتفاقية.

الأسلحة النووية 

زيادة الانتشار النووي في العالم

وحول تداعيات هذا القرار، قال الدكتور أحمد سيد أحمد، خبير الشؤون الأمريكية والعلاقات الدولية، أن إعلان الرئيس فلاديمير بوتين تعليق المشاركة الروسية في معاهدة نيو ستارت يمثل تطورا مهما وخطيرا لانه سينعكس عليها تداعيات سلبية كبيرة فيما يتعلق بالانتشار النووي في العالم.

وأوضح سيد أحمد ـ لـ "صدى البلد"، أن هذا التعليق يعني توقف حملات عمل اللجنة المشتركة الروسية الأمريكية المتعلقة بمراقبة الأنشطة النووية في كلا البلدين، وهذه اللجنة متوقف عملها منذ أغسطس الماضي بسبب الحرب في أوكرانيا، واتهام روسيا أمريكا بأنها تعرقل دخول المفتشين الروس إلى المواقع النووية الأمريكية.

وأضاف أن قرار الرئيس الروسي مؤخرا يعني إمكانية استئناف روسيا مرة أخرى أنشطة التجارب النووية وهذا يمثل تحولا خطيرا ونوعيا لأن المعاهدة كان من شروطها وقف ومنع إجراء تجارب نووية جديدة.

ولفت: المعاهدة التي تم توقيعها في عام 2010 بين الرئيس الأمريكي السابق أوباما والرئيس الروسي السابق ديميتري ميدفيديف كانت تنص على إعادة توزيع الرؤوس النووية بنسبة 30% ليكون الحد الأقصى لامتلاك كل طرف لأسلحة نووية 1550 رأس نووي، وأيضا إعادة توزيع عدد القذفات النووية والصواريخ البلاستية التي تحمل الرؤوس النووية بنسبة 40%، أي حد أقصى 700 قاذف استراتيجي لكلا البلدين، بجانب أنشطة المراقبة ومفتشين لكلا البلدين لمراقبة الأنشطة النووية.

وتابع: بالتالي بعد تعليق اللجنة المشتركة وتعليق أنشطة الرقابة نتيجة حرب أوكرانيا العام الماضي، ثم الآن تعليق العمل بالاتفاقية نفسها يمثل تطورا خطيرا لأنه يعني استئناف الأنشطة والتجارب النووية مرة أخرى.

وأشار سيد أحمد: رغم أن الرئيس بوتين قال إن هذا التعليق لا يعني الانسحاب والمعاهدة تم تجديدها في يناير من العام الماضي، بعد صعوبة بالغة بين بايدن وبوتين لمدة 5 سنوات، وسيتم العمل بها حتى عام 2026، وبالتالي كانت روسيا وأمريكا في محاولة للبحث عن صيغة جديدة لهذه المعاهدة نتيجة الاختلافات خاصة في ظل اتهام أمريكا لروسيا بأنها تقوم بتطوير أسلحة ذكية بما يمثل خارقا للمعاهدة واتهام روسيا أيضا لأمريكا بأنها تقوم بتطوير أسلحة ذكية متطورة.

دكتور أحمد سيد أحمد 

مؤتمر ميونخ للأمن ودعم كييف

واختتم: انهيار المعاهدة وعدم تجديدها سيكون له تداعيات خطيرة للأمن والاستقرار العالمي من ناحية زيادة الانتشار النووي في العالم وبالتالي يشجع الدول الأخرى على إجراء تجارب نووية وامتلاك السلاح النووي، كما أنه يعد تهديدا للسلم والأمن الأوروبيين.

وقام الرئيس الأمريكي جو بايدن، بزيارة إلى أوكرانيا اعتبرها البعض استعراضا لقوة الإدارة الأمريكية في الوصول إلى مناطق الحرب، ولإرسال رسالة مفاداها أن الولايات المتحدة تدعم أوكرانيا في ظل الحرب ضد روسيا، والتي اندلعت في 24 فبراير 2022.

يشار إلى أن ألمانيا استضافت قبل أيام فعاليات مؤتمر ميونخ للأمن ، الذي ناقش أبرز الأوضاع في القارة الأوروبية، وجمع الحدث السنوي نحو 40 رئيس دولة وحكومة، وما يقرب من 100 وزير خارجية وزعماء منظمات دولية مثل الناتو.

وكان لغياب ممثلين عن روسيا، بسبب الحرب التي تخوضها موسكو ضد كييف من أبرز مشاهد مؤتمر ميونخ للأمن، الذي تصدرت الأزمة الأوكرانية جدول أعماله، إضافة إلى ملف جهود منع زيادة حدة الانقسام بين الأنظمة العالمية المتنافسة فضلاً عن تأثيرات التغيّر المناخي على الصراعات.

مؤتمر ميونخ للأمن