انطلقت، اليوم الثلاثاء 20 ديسمير، النسخة الثانية من "قمة بغداد 2"، في مركز الحسين بن طلال بمنطقة البحر الميت الأردنية، بحضور زعماء الدول العربية وفي مقدمتهم مصر، وإيران وتركيا وفرنسا والاتحاد الأوروبي،بتطلعات سياسية واقتصادية جديدة تؤكد ما جاء في النسخة الأولى التي عُقدت في العراق خلال أغسطس من العام الماضي.
وتركز قمة بغداد 2 على 5 ملفات بارزة يأتي على رأسها الأوضاع في العراق ولبنان وسوريا ومكافحة الإرهاب وأمن الغذاء والطاقة والملف النووي الإيراني.
مشاركة مصر في بغداد 2
وقال رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، إن بغداد تسعى لتعزيز علاقتها مع محيطها، وترغب في إرساء وتعزيز علاقات الشراكة مع دول الجوار، وانفتاحها على بناء شراكات إقليمية وإنشاء مناطق صناعية مشتركة مع دول الجوار.
وأكد السوداني، أن العراق وضع مكافحة الفساد المالي والإداري على رأس أولوياته، ودعا الدول الشقيقة والصديقة إلى المساعدة في استعادة الأموال المنهوبة، ومواصلة العمل المشترك لمحاربة الفكر المتطرف، ومواجهة التهديد الوجودي المتمثل في شح المياه، داعيا تركيا وإيران إلى ضمان أمن العراق المائي.
من جهته وجه الرئيس عبد الفتاح السيسي، الشكر للعاهل الأردني، الملك عبد الله الثاني، على مبادرته لاستضافة مؤتمر "بغداد للتعاون والشراكة" بالبحر الميت.
وأضاف الرئيس السيسي، خلال كلمته على هامش فعاليات الدورة الثانية من مؤتمر "بغداد للتعاون والشراكة: “إيمانا من مصر بفوائد التعاون المتبادل البناء، فقد شاركنا مع العراق والأردن، في تدشين آلية التعاون الثلاثي بين الدول الثلاث، كأحد أطر العمل العربي المشترك الرامية إلى تحقيق التكامل على نحو يخدم مصالح شعوبنا الشقيقة، في ضوء ما يربطها من علاقات تاريخية وأخوية ووحدة مصير وأهداف مشتركة”.
وجدد الرئيس التأكيد على "اعتزامنا المضي قدما في تنفيذ المشروعات المشتركة الجاري دراستها حاليا في إطار الآلية، وبما يسهم في تحقيق التنمية المأمولة لشعوبنا، ويتيح المجال لهم للاستفادة المتبادلة من قدرات بعضها".
واختتم الرئيس السيسي كلمته، "قائلا: أود أن أتوجه بكلمة إلى شعب العراق الشقيق، فأقول، يا شعب بلاد الرافدين العظيم، إنني على ثقة تامة في قدرتكم على المضي قدما صوب مستقبل أكثر ازدهارا متسقا مع حضراتكم العريقة التي أسهمت في تشكيل تاريخ الإنسانية، وكلي يقين أن ما تتسمون به من تعددية وما تمتلكونه من إمكانيات سيتيح لكم تجاوز أي تحديات مهما بلغت، لقد حققتم الكثير في سبيل استعادة بلادكم وعليكم استكمال إنجازاتكم على طريق البناء والتنمية والتطوير، وستجدون في مصر دائما عونا لكم وسندا لتطلعاتكم وخياراتكم ليبقى العراق دائما إحدى قلاع العروبة ومن أهم مراكز الحضارة في العالمين العربي والإسلامي".
تحالف ثلاثي بقيادة مصر
وقال أستاذ العلاقات الدولية، الدكتور حامد فارس، إن قمة بغداد 2 تأتي استكمالاً لمؤتمر بغداد 1 للتعاون والشراكة في إطار الجهود الرامية لتحقيق الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط والعمل على نسج شراكات دافعة لتعزيز العمل العربي المشترك خاصة أن هذه القمة هي نتاج المحور المصري العراقي الأردني وذلك من خلال الآلية الثلاثية.
وأضاف فارس - خلال تصريحات لـ"صدى البلد"، أن القمة تمثل حجر الأساس في إقامة هذه الأحداث الهامة التي سيكون لها تأثير كبير على إيجاد حلول للقضايا الهامة التي تعاني منها المنطقة العربية سواء الأمن الغذائي أو نقص الطاقة أو الأمن المائي بإعتبار أيضًا أن الدول الثلاث مصر والعراق والأردن تمثل محور الاعتدال في منطقة الشرق الأوسط خاصة، مشيرا إلى أن العمل على تعزيز الأمن العربي المشترك هو الشغل الشاغل للقيادات الثلاث من خلال المشاركة في مؤتمر بغداد 2.
وتابع: فيما يخص الدور المصري، فمصر دائماً وأبداً داعمة للشقيقة العراق وليس بجديد عليها، وهناك علاقات تاريخية قوية تجمع مصر والعراق على مر العصور، ولكن منذ تولي الرئيس السيسي سدة الحكم عام 2014، ساهم بشكل كبير في استقرار الأوضاع في العراق من خلال القمة والآلية الثلاثية المصرية العراقية الأردنية، وهو ما ظهر من خلال أفعاله القوية بزيارة العراق كأول زيارة للعراق من رئيس مصري بعد أكثر من 31 عاما أثناء انعقاد القمة الثلاثية العراقية الأردنية.
وأردف: بعدها بأيام قليلة وتحديدا في أغسطس 2021 عندما شارك الرئيس السيسي في بغداد 1، والذي كان هدفه الرئيسي دعم العملية السياسية في العراق، وتم إجراء الانتخابات الرئاسية في أكتوبر 2021، وهو ما يؤكد على الدور المحوري الذي لعبته الدولة المصرية في تهدئة الأجواء في العراق من خلال حكومة جديدة الآن ممثلة في محمد شياع السوداني ووجوب رئيس جديد للدولة العراقية.
ولفت أستاذ العلاقات الدولية، إلى أن العلاقات الاقتصادية لا تقل أهمية عن الجانب السياسي في ظل مشروع شامل جديد يربط مصر والعراق والأردن من البصرة جنوب العراق وصولاً للعقبة الأردنية انتهاء بنويبع المصرية، وسيكون لمصر دورا كبيرا في إعادة إعمار العراق بعد الاتفاق بين مصر والعراق على تنفيذ مصر للكثير من المشروعات الخاصة بإعادة الإعمار مقابل حصول مصر على النفط العراقي بعد تحول مصر إلى مركز إقليمي للطاقة، وكذلك الشراكة التكاملية الصناعية المصرية الأردنية الإماراتية وانضمت لها البحرين مؤخراً، وأقامت المنطقة الصناعية في جنوب الأردن على مساحة 24 كيلو متر، والتي سيكون لمصر والعراق دورا كبيرا جداً في العمل على تعزيز العمل الاقتصادي في ظل التحديات العالمية التي لا يمكن التغلب عليها إلا من خلال تضافر وتكاتف الجهود العربية.