أكدت دراسة بريطانية حديثة صحة عملات معدنية تحمل رسم "إمبراطور" غامض من القرن الثالث كان يُعتقد طويلاً أنها مزوّرة، وتوصلت إلى وجود الإمبراطور المعروف باسم سبونسيانوس، والذي يرجّح أنه كان قائداً للجيش في المقاطعة الرومانية المطابقة لرومانيا حالياً.
وتولى باحثون من جامعة "يونيفيرسيتي كوليدج" في بريطانيا، نشروا دراستهم أخيراً في المجلة العلمية على الإنترنت "بلس وان"، تحليل قطعة من كنز عُثر عليه عام 1713 في ترانسيلفانيا، محفوظة في جامعة جلاسكو.
وكان الباحثون السابقون يعتقدون أن النقود لا تعدو كونها تقليداً "بربرياً" للعملات المعدنية الرومانية التي كانت تُسكّ باستمرار خارج حدود الإمبراطورية، وبالتالي كان يُعتقد أن سبونسيانوس مجرّد قائد محلي حاول اغتصاب السلطة لمرحلة قصيرة، وربما سعى إلى الوصول إلى السلطة خلال الحروب الأهلية بين عامي 248 و 249.
لكنّ خبير العملات الفرنسي هنري كوهين قلّل عام 1868 من أهمية هذه العملات المعدنية، معتبراً أنها "صُنعت بشكل سيئ جداً مثير للسخرية".
غير أن دراسة الباحثين البريطانيين الجديدة نقضت هذه النظرية، وتوصلت إلى أن القطع النقدية "ليست بربرية ولا مزيفة".
إعادة اعتبار
من خلال فحص القطعة الذهبية التي بحوزتهم ومقارنتها مع غيرها من النقود المؤكدة صحتُها، خلص الباحثون إلى أن آثار تدهور حال القطعة يبيّن أنها كانت متداولة بكثافة، أما آثار المعادن عليها فتُظهر أنها كانت ربما مدفونة في الأرض لمدة طويلة قبل أن تتعرض للهواء.
وأشار الباحثون إلى أن أهمية هذا الاكتشاف تكمن في "ضرورة إعادة الاعتبار إلى سبونسيانوس كشخصية تاريخية".
وأضافوا: "لا يمكننا معرفة أي شيء عنه على وجه اليقين، لكنّ القطع نفسها، بالإضافة إلى كونها عائدة إلى القرن الثامن عشر، توفر مؤشرات إلى موقعها المحتمل في التاريخ".
وشرح الباحثون أن سبونسيانوس "لم يسيطر يوماً على مشغل لسكّ النقود الرسمية"، و"بالتأكيد لم يحكم في روما إطلاقاً"، لكنهم يعتقدون أن عملاته المعدنية كانت تستخدم لدفع رواتب عسكريين ذوي رتب عالية ومسؤولين.
وكان كل منهم يحصل على الذهب والفضة بوزن معين، وكان تم إبدالها بسعر مرتفع بالعملات الإمبراطورية التقليدية التي كانت متداولة أصلاً في المقاطعة قبل فترة الأزمة.
أخرِج من الظلمة
وقال المعدّ الرئيسي للدراسة البروفيسور بول ن. بيرسون إن "التحليل العلمي لهذه القطع النادرة جداً يُخرج الإمبراطور سبونسيانوس من الظلمة".
وأوضح أن "الدراسة تشير إلى أنه حكم منطقة داسيا في الإمبراطورية الرومانية، وهي نقطة أمامية معزولة لمناجم الذهب، في وقت كانت الحرب الأهلية تعصف بالإمبراطورية وكانت الحدود عرضة لأعمال النهب والغزوات".
وعُزلَت داسيا المطابقة لرومانيا حالياً عن بقية أرجاء الإمبراطورية قرابة عام 260. ويُرجّح بالتالي أن سبونسيانوس الذي كان ضابطاً في الجيش اضطر إلى تولي القيادة العليا خلال مرحلة الاضطرابات هذه.
وتوجد إحدى قطع سبونسيانوس الأربع في متحف بروكينثال في سيبيو برومانيا. ورأى مديره المؤقت ألكسندرو كونستانتين شيتوتا أن من شأن اعتماد الأوساط العلمية نتائج هذه الدراسة أن يضيف "شخصية تاريخية مهمة إلى التاريخ".