قررت رئيسة وزراء بريطانيا ليز تراس، إقالة وزير المالية كواسي كوارتنج، من منصبه، ليصبح ثالث وزير يغادر الحكومة هذا العام، وسط أزمة اقتصادية غير مسبوقة تضرب البلاد.
وقال كوارتنج في خطاب إلى تراس "لقد طلبت مني الاستقالة من منصب وزير المالية.. لقد فعلت".
وجاء قرار الإقالة تزامنا مع توقعات بإعلان الحكومة البريطانية إلغاء أجزاء من خطتهما الاقتصادية، في محاولة لتهدئة الأسواق واحتواء حالة الغضب السياسي في البلاد.
تراجع تراس
كانت خطة خفض الضرائب البريطانية وراء الإطاحة بوزير المالية، حيث تراجعت تراس عن خطتها لتجميد زيادة ضريبة الشركات المقررة العام المقبل.
واعتبرت تقارير صحفية بريطانية تراجع تراس "مهين"، بعد كشفها عن أكبر حزمة تخفيضات ضريبية في نصف قرن، سيتم تمويلها عبر الاقتراض الحكومي.
واعتبر محللون أن مستقبل تراس بات مهددا، بعد إخفاقها في تنفيذ خطة إنقاذ ضخمة، روجت لها خلال ترشحها لرئاسة حزب المحافظين الحاكم في بريطانيا.
وعينت تراس وزير الصحة والخارجية السابق جيريمي هانت وزيرا للمالية، معلنة عن تغيير محوري جديد بخطتها المتعلقة بالاستقطاعات الضريبية، وذلك في محاولة لطمأنة الأسواق المالية.
رفع الضرائب
بعد ساعات من عزلها وزير المالية، قالت تراس "نحتاج إلى التحرك الآن لطمأنة الأسواق بشأن انضباطنا المالي".
وأعلنت رفع ضريبة الشركات إلى 25%، وذلك بعد ساعات من إقالتها وزير المالية كواسي كوارتنج، وتراجعها عن برنامج التخفيضات الضريبية.
وقالت تراس إنها قررت المضي قدما في زيادة ضريبة الشركات، وهي خطوة من شأنها أن تعزز المالية العامة لبريطانيا بمقدار 18 مليار جنيه إسترليني.
وكانت "الميزانية المصغرة" التي أعلنتها الحكومة البريطانية تنص على تثبيت ضريبة الشركات عند معدل 19%، بعد إلغاء زيادة كان مخططا لها في السابق سترفعها إلى 25%، بالإضافة لحزمة من التخفيضات الضريبية الأخرى غير الممولة والتي تسببت في اضطراب الأسواق المالية منذ ذلك الحين.
وأوضحت تراس أن وزير المالية الجديد سيقدم خطة لدعم الاقتصاد نهاية الشهر، مشيرة إلى أن بريطانيا "ستجتاز العاصفة".
وكان برنامج تخفيض الضرائب في بريطانيا الذي بلغت كلفته 45 مليار جنيه إسترليني، يهدف لدعم النمو، لكنه تسبب في خسائر هائلة للجنيه الإسترليني، ما أجبر بنك إنجلترا على التدخل لإعادة الاستقرار في الأسواق؛ عبر شراء سندات حكومية؛ في محاولة للحفاظ على قيمتها مستقرة.
ورغم ذلك، دافعت تراس عن رغبتها في أن تكون هناك ضرائب منخفضة، وأجور عالية، واقتصاد ذو نمو مرتفع، لكنها أشارت إلى أن الظروف الاقتصادية العالمية آخذة في التدهور.
وفي وقت سابق، انتقد صندوق النقد الدولي، بشكل علني، خطة الحكومة البريطانية لخفض الضرائب، مطالبا بإعادة النظر فيها، محذرا من أنها ستؤدي إلى تصاعد أزمة ارتفاع تكلفة المعيشة.
وفي ذات السياق، اعتبر المفوض الأوروبي للشؤون الاقتصادية، أن الوضع الراهن في بريطانيا يظهر حاجة الدول إلى التزام الحذر في كيفية تنفيذ سياساتها المالية والنقدية.
وقال المفوض باولو جنتيلوني في مؤتمر صحفي "ليس لدينا دروس نعطيها لأي جهة ولا لبريطانيا.. ثمة عبر ينبغي أن نستخلصها ربما، لأن ما حصل يظهر مدى هشاشة الوضع، ووجوب أن نكون حذرين في ما يتعلق بسياساتنا المالية والنقدية".
وتوقع محللون أن تستجيب الأسواق بشكل إيجابي لقرارات تراس الجديدة، لكن الأمر قد ينعكس سلبا على مستقبلها السياسي وأعضاء حزب المحافظين.
وخسر الجنيه الإسترليني 1.5% من قيمته مقابل الدولار يوم الجمعة، بعد إقالة وزير مالية بريطانيا كواسي كوارتنج.
وقالت صحيفة "ديلي تليجراف" البريطانية، إن 1 جنيه إسترليني يساوي 1.12 دولار.
وتسبب قرارات تراس في غليان سياسي داخل حزب المحافظين، وسط دعوات لترشيح خليفة لها، دون الحاجة إلى إجراء سباق جديد على القيادة، في حين يطالب أنصارها بالتمسك بالمسار الذي بدأته فور تقلدها السلطة في بريطانيا.