قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

صدى البلد

خاص|حسين حمودة: سيرة نجيب محفوظ تستحق التأمل والاستعادة من خلال عمل درامي

×

يوافق اليوم ذكرى رحيل أديب نوبل نجيب محفوظ، والذي رحل عن عالمنا في 30 أغسطس عام 2006 عن عمر يناهز الـ94 عامًا.

وبالرغم من الحياة الطويلة التي عاشها محفوظ إلا أنه لم ينتج عنه أي عمل درامي أو سينمائي، فقد رأى البعض أنه الأحق بأن يشاهد المصريون سيرته مقدمة في عمل درامي أو سينمائي باعتباره رمزا من رموز الأدب العربي المعاصر والذي من خلاله نستطيع أن نستدعى الروح المصرية مرة أخرى في وقت حرج .

والسؤال هو هل حياة محفوظ تصلح لكى تخرج في عمل درامي؟ كان بالطبع هذا سؤالا شائكًا خاصة وأن هناك اختلافاً كبيراً حول محفوظ، حيث يراه البعض شخصية ملتزمة ولم يعرف الانحرافات التي تخلق الدراما، في حين يرى آخرون أن حياته كانت ثرية بالفعل فقد عاش قرابة المائة عام وعاصر ملوك ورؤساء مصر، وبالتالي كان شاهدا على ما حدث للمجتمع المصرى من تغيرات فكرية واجتماعية لقراية القرن من الزمان.

الدكتور حسين حمودة أستاذ الأدب العربي بجامعة القاهرة، طرح وجهة نظره خلال حديث لـ"صدى البلد" تحدث فيه عن سيرة نجيب محفوظ وتجربته.

حسين حمودة: نجيب محفوظ سيرة تستحق التأمل

يقول حسين حمودة: سيرة حياة نجيب محفوظ، أو تجربته كلها، تستحق أن تكون مادة لعمل درامي. حيث أن هناك مجموعة غير قليلة من الأفلام التسجيلية تم إنجازها عن حياته وتجربته، وهى أفلام مهمة وبعضها كبير القيمة، ولكن ليس من بينها فيلم واحد يتناول سيرة محفوظ وتجربته. وأتصور أن الإفادة مما ورد فيها، والإفادة من النصوص الأدبية لمحفوظ التي تناولت بعض الجوانب من حياته بشكل غير مباشر، وكذلك الإفادة من الحوارات التي أجريت معه.. كل هذه يمكن أن توفّر مادة غنية لإعداد عمل درامي كبير عن تجربة كاتب مثل أديب نوبل.

وكما نعرف جميعًا، أنه لم يكتب سيرته الذاتية بشكل مباشر، أي لم يكتبها في أي عمل معنون بإشارة تصنيفية أو نوعية تومئ إلى أنه يمثل سيرة حياته.. ولكنه قد بثّ سيرة حياته بشكل غير مباشر في بعض أعماله. ويمكن أن نفكر، من هذه الناحية، في روايات مثل "الثلاثية" و"المرايا" و"قشتمر" التي عبّرت بعض شخصياتها عن جوانب عدة في تجارب محفوظ الشخصية، وأن نضيف إلى هذه الروايات عملا مثل "أصداء السيرة الذاتية" ـ ولنلاحظ العنوان ـ الذي يقدم فيه نجيب محفوظ ما يشبه "الخلاصات" المختزلة المختصرة عن سيرة حياة راويها، وهي سيرة تتصادى مع سيرة محفوظ نفسه، ولكن هذا العمل ينهض على ما يشبه الخلاصات التي لا تتناول وقائع مرجعية محددة بالتواريخ وبالأماكن وبالشخصيات المسمّاة، وإنما تصوغ نصوصه القصيرة "أصداء" فنية لكل هذه الوقائع والتواريخ والأماكن. وفي هذه الوجهة أيضا يمكن أن نفكر في "أحلام فترة النقاهة".

سيرة نجيب محفوظ

يستطرد: لكن، بجانب هذا كله، كان هناك عملان مهمان يتناولان سيرة حياة نجيب محفوظ، صدرا خلال حياته، وكان هو يشير إليهما في إجاباته عن السؤال: "لماذا لا تكتب سيرة حياتك؟".. وهذان العملان هما حواريات مطولة وتفصيلية معه، أحدهما كتاب الأستاذ جمال الغيطاني "نجيب محفوظ يتذكر"، والثاني كتاب الأستاذ رجاء النقاش "نجيب محفوظ: صفحات من مذكراته وأضواء جديدة على أدبه وحياته".. وكلاهما يعتمدان منطق "الاستعادة" في رصد وقائع وتجارب وشخصيات من حياة نجيب محفوظ، انطلاقا من نقطة زمنية متأخرة، تم فيها إجراء هذه الحوارات.. وهذا واضح في كل تفاصيل الكتابين، وماثل ابتداء من عنوانيهما؛ "يتذكر" في عنوان الغيطاني، و"مذكراته" في عنوان النقاش.

بالإضافة إلى هذين العملين، هناك بعض الحوارات الأخرى التي أجريت مع محفوظ، ثم هناك الكتابات ذات الطابع التوثيقي التي أنجزت بعد وفاة محفوظ، ومنها كتابات ارتبطت برحلته، وبتجاربه، وبعمله الوظيفي (ومن أهم هذه الكتابات ما قدمه في دراسات وكتب كل من: الدكتور مدكور ثابت، والأستاذ طارق الطاهر، والأستاذ محمد شعير).. وهذه الحوارات، وهذه الكتابات التوثيقية، مع التمثيلات الأدبية في بعض روايات محفوظ التي عبرت عن جوانب من شخصيته، يمكن لها جميعًا أن تكوّن صورة مكتملة المعالم عن حياة محفوظ وعن رحلته.. ثم يمكن أن تقدم هذه الصورة المكتملة مادة غنية جدًا لفريق من المبدعين ليصوغ عملا دراميًا عن مسيرة نجيب محفوظ.

نجيب محفوظ.. ومجاهدة النفس

ينهي حديثه ويقول: طبعًا، في هذه المسيرة، فيما أتصور، ما يستحق أن يتحول لعمل درامي.. فصاحب هذه المسيرة ارتبطت به وقائع كبرى وصغرى في تاريخ مصر الأدبي، واتصلت حياته بمحطات للمجاهدة مع النفس، ولمقاومة الأمراض، ولخلق نظام ذاتي يقاوم فوضى العالم، ولصلات وروابط بشخصيات أخرى كانت من أعلام الحياة الثقافية المصرية، وهي مسيرة تستحق التوقف عندها، وتستحق التأمل والاستعادة..