أثيرت مؤخرًا حالة من الجدل على مواقع التواصل الاجتماعي بعدما تم الكشف عن أغلفة بعض من روايات نجيب محفوظ الأخيرة، إذ حصلت دار نشر ديوان على حقوق طباعة أعماله الورقية بشكل حصري، خلفًا لدار الشروق ووصفت الأغلفة الجديدة من جانب الكثيرين بأنها “سيئة”، فقد طرحت روايات "اللص والكلاب، ثرثرة فوق النيل وأفراح القبة" خلال يوم الجمعة الماضية بالمكتبات؛ لذلك نتحدث مع الكاتب والروائي أحمد القرملاوي مدير النشر بدار ديوان والذي يطرح من جانبه وجهة نظره حول ما وصف من جانب البعض مؤخرًا بـ“أزمة” أغلفة نجيب محفوظ.
هل تتفق مع الرأي القائل بأن هناك أزمة حقيقية ورفضًا لهذه الأغلفة التي طرحت مؤخرًا من جانب ديوان للنشر؟
لا أتفق.. فما حدث لا يمكن وصفه بكلمة “أزمة” على الإطلاق، فقد أعلن مؤخرًا عن ثلاثة أغلفة لروايات هامة بالفعل، وتحدث البعض عن عدم رضاهم عن هذه الأغلفة، فيما أعجب الكثيرون بنفس الأغلفة، وهذا أمر مفهوم تمامًا في إطار اختلاف الرؤى والمفاهيم.
ما هي المعايير والفلسفة الخاصة التي تم اتباعها، وإلى أي فئة تتوجهون بهذه الأعمال؟
في البداية أقول إننا لو قدمنا "العادي"، وتحركنا في المساحة الآمنة والمتوقعة لدى عموم الناس، لكنا تلقينا استحسانًا ورضاءً من جانب الكثيرين، ولمر الموضوع بسلام، ولن نكون في هذه الحالة قد تجاوزنا “العادي”، وقد عزمنا من البداية على تقديم شيء مختلف ومميز، وأن نقدم نجيب محفوظ من وجهة نظر جيل جديد وموهوب ينطلق من أصالته ولغته الخاصة، فهذا الجيل هو القادر على إيصال نجيب محفوظ لأقرانه ومن سيلحقون به؛ سبق وأن قُدم محفوظ من وجهة نظر العظيم جمال قطب والعظيم حلمي التوني، لكن ثمة ذائقة جديدة وطرق تعبير أكثر مناسبة للوعي الجمعي الأحدث عهدًا، حاولنا أن نشملها حتى نصل بمحفوظ لأجيال الأصغر.
لذلك اخترنا مجموعة من الفنانين المصريين الشباب عوضًا عن اختيار فنان وحيد، حتى لا ترتبط أعمال محفوظ بهوية بصرية واحدة، تترسخ في عقول القراء ويتم التعامل معها بعد عشر سنوات من الآن بوصفها "روح محفوظ" وبالتالي يتم رفض ما سواها باعتباره لا يعبر عن عالم محفوظ، فالغلاف لا يعبر إلا عن روح الفنان الذي ابتكره ورؤيته الذاتية لهذا العالم.
إذًا تعتقد أنها أزمة نخبة؟
لا، هذا الوصف لا يمثلنا ولا يعبر عن رؤيتنا، لكننا ندرك كيف كان نجيب محفوظ ملتحمًا بالناس لا ينظر إليهم بتعالٍ ولا يصادر على تأويلاتهم لإبداعاته؛ لم يكن نخبويًا بالمعنى المفهوم، بل يخاطب الناس بلغتهم ولا يتعالى عن إفهامهم مقاصده؛ وانطلاقًا من هذا الوعي بطبيعة محفوظ ورحلته الإنسانية استلهمنا فكرة المشروع، وقد وضعنا اسمه كبيرًا في أعلى الغلاف واللوحات الفنية من إبداع الفنانين الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 25 و35 عامًا، والذين نال العديد منهم جوائز عالمية في مجالاتهم، وأنا هنا لا أقيس مواهبهم بالجوائز التي حصلوا عليها، لكني أقول إن هذه المواهب تستحق أن ترتبط باسم محفوظ ، وأن يتم تقديمها من خلال مشروعه؛ لذا قدمنا الكتاب كـ"براند" لهُ نظام خاص به وشكل شبه ثابت، وجعلنا المتغير الوحيد هو هذا “المربع” أسفل الغلاف حيث يتناوب الفنانون التعبير عن أعمال محفوظ بأساليبهم المختلفة عبر هذه “النافذة” المتاحة لهم للتفاعل الحر.
وما الخطة الموضوعة حاليًا لنشر أعمال محفوظ؟
سيتم الكشف عن 12 عملًا لنجيب محفوظ خلال صيف 2022، ومن خلال هذه الأعمال سيتم تقديم 4 فنانين مصريين شباب، أعلنا قبل أيام عن ثلاثة أغلفة للفنان المصري محمد مصطفى، وسيتم طرح أغلفة فنانة مصرية أخرى سيفصح عن اسمها خلال أيام، ومن بعدها مجموعة أخرى لفنان آخر شاب، ثم فنانة مصرية مميزة أخرى؛ ولن تكتمل الرؤية التي وضعناها للمشروع إلا باكتمال هذه المرحلة التي تعبر عن أهدافه واستراتيجيته، ونحن بدورنا لسنا متعجلين في طرح هذه الرؤية، وواثقون أن جمهور محفوظ العريض سيستوعب فكرة التنوع في الأساليب والانحياز للمواهب الشابة، فهذا هو الهدف الأساسي لمشروع نجيب محفوظ الذي أسسناه.
وماذا عن نشر الأعمال كاملةً.. ماهي المدة المتوقعة؟
لدينا خطة لنشر جميع أعمال محفوظ خلال مدة معقولة، لكن من غير المتاح لي الآن الحديث عنها باستفاضة، فالخطة مرتطبة بمراجعة الأعمال وتدقيقها للوصول لأكمل صورة كتبها نجيب محفوظ بخط يده، ونقوم بهذا الجهد تحت إشراف لجنة من كبار الباحثين والأساتذة، هي من بيدها اعتماد النصوص للنشر.