داريا دوجينا.. صحفية روسية بارزة، وابنة البروفيسور الشهير ومنظّر تعاليم "الحركة الأوراسية الجديدة" أليكسندر دوجين، تميزت بمواقفها الجريئة المناصرة لمواقف والدها في شتى المجالات السياسية والاقتصادية والعسكرية والفلسفية، وهو ما كان سببا في أن تدفع حياتها ثمنًا لجرأتها، حيث تم اغتيالها، نهاية الأسبوع الماضي، بتفجير سيارتها فور استقلالها أمام منزلها بالقرب من العاصمة موسكو.
مقتل ابنة العقل المفكر للرئيس الروسي
تسبب مقتل داريا في هزة عنيفة للمجتمع الروسيبأكمله، وسادت حالة من القلق بين أفراد الشعب الروسي، في ظل ورود معلومات بأن المقصود كان الأب اليكسندر، المعروف بأنه العقل المفكر للرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
واكتنف الغموض مقتل الصحفية الشابة "30 عام"، بعبوة ناسفة تقدر بنحو 400 جرام من مادة "تي إن تي" شديدة الانفجار، وطرحت التساؤلات نفسها حول رد فعل الرئيس الروسي، في ظل توافر معلومة تؤكد ضلوع منظمة أوكرانية في تنفيذ الاغتيال.
نبوءة الأب بمقتل ابنته
في إحدى المقابلات الصحفية التي أُجريت مع ألكسندر دوجين، في العام الماضي قال: "ما لا يقتلني سيقتل شخصًا آخر"، في إشارة إلى ابنته.
ويبدو أن الأب كان يتنبأ بمحاولة اغتيال ابنته، في ظل صعوبة الوصول اليه نتيجة الحراسة المشددة التي يفرضها الرئيس الروسي عليه، لا سيما أن الدلائل المتوفرة حتى الآن تشير إلى أن المستهدف في عملية تفجير السيارة كان دوغين الأب وليست ابنته.
دفعت ثمن مواقفها
المعروف أن داريا دوجينا، كانت من المؤيدين للعملية العسكرية التي تقوم بها بلادها في أوكرانيا، وكانت ناشطة سياسية ضمن الحركة الدولية الأوراسية التي يترأسها والدها.
وفي بداية العملية العسكرية الروسية ضد اوكرانيا، شنت سلطات الولايات المتحدة وبريطانيا، حربا ضد داريا، وطالبتا بمعاقبتها بتهمة المساهمة في "التضليل" على الإنترنت فيما يتعلق بتلك العملية، فسارعت إلى الرد على الاتهامات بالقول إن الحرب هي "صراع حضارات"، معربة عن فخرها لكونها ووالدها قد عوقبا من قبل الغرب.
ثبوت تورط الاستخبارات الأوكرانية في الاغتيال
نشرت وسائل إعلام روسية، صور وبطاقة هوية منفذة جريمة قتل الصحفية الروسية، وهي الأوكرانية ناتاليا شابان "فوفك"، وتعمل في الحرس الوطنيلأوكرانيا.
وجاء نشر صور المشتبه بها في عملية تفخيخ سيارةداريا دوجينا،بعد أن كشف جهاز الأمن الفيدرالي الروسي أن جريمة مقتل الصحفية الروسية تمت بتدبير من قبل الاستخبارات الأوكرانية.
وأعلن جهاز الأمن الفيدرالي الروسي، عن وضع المواطنة الأوكرانية على قائمة المطلوبين لتسليمها إلى روسيا.
كيفية تنفيذ الجريمة
كشفت وكالة فرانس برس، نقلا عن جهاز الأمن الفيدرالي الروسي، عن وصول "فوفك" إلى روسيا في 23 يوليو الماضي، مع ابنتها صوفيا شابان من مواليد 2010.
وأضافت أن فوفك استأجرت شقة في نفس البناية التي تقيم فيها داريا، من أجل الحصول على معلومات حول أسلوب حياتها، وأن الشخص الذي فخّخ سيارة داريا دوجينا فرّ لاحقاً إلىإستونيا.
حرب وشيكة ضد أستونيا
عبر النائب الأول لرئيس لجنة الشؤون الخارجية في الغرفة العليا للبرلمان الروسي فلاديمير جباروف، عن اعتقاده أنه "إذا رفضت إستونيا تسليم ناتاليا فوفك إلىروسيا، فهناك كل الأسباب التي تجعل روسيا تتخذ إجراءات صارمة ضدها.
وقال جباروف، في منشور عبر حسابه على موقع "تلجرام": "إذا رفضت إستونيا تسليم المجرمة ناتاليا فوفك إلى روسيا، ولا يوجد شك عمليًا في أنه سيكون هناك رفض، فهناك كل الأسباب التي تجعل روسيا الاتحادية تتخذ إجراءات صارمة ضد الدولة الإستونية التي تؤوي إرهابيا.
أول تعليق للرئيس الروسي
قال بوتين في بيان نُشر على قناة الكرملين في تليجرام: "لقد قضت جريمة حقيرة ووحشية على حياة داريا دوجينا، وهي شخصية ذكية وموهوبة ذات قلب روسي حقيقي - طيب ومحب ومتعاطف ومنفتح".
وأضاف: "كصحفية وعالمة وفيلسوفة ومراسلة حربية، خدمت الشعب بأمانة... أثبتت بالفعل ما يعنيه أن تكون محبًا لروسيا".
روسيا تعتبر الجريمة إرهاب دولة
تعليقاً على فرضية ضلوع أوكرانيا في هذه الحادث، قالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا: إنه إذا تم التأكد من فرضية “الأثر الأوكراني” في مقتلداريا دوغينا، فإننا سنتحدث عندئذ عن سياسة إرهاب الدولة.
وأشارت زاخاروفا إلى أن هذه الفرضية المقترحة في التحقيقات قد كشفها رئيس جمهورية دونيتسك الشعبية، دينيس بوشيلين، مؤكدة على وجوب التحقق من ذلك من طرف السلطات المختصة.
وأضافت المتحدثة باسم الخارجية الروسية، أنه ثمة حقائق ومعطيات متراكمة، كلها تنصب لفائدة حقيقة هذه الفرضية.