الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

مظاهرات العراق.. هل تنجح مبادرة بارزاني والدعوة للحوار في تهدئة التيار الصدري؟

أنصار الصدر داخل
أنصار الصدر داخل البرلمان العراقي

دخل العراق، اليوم الأحد، يومه الرابع في موجة احتجاجات جديدة ، مع سيطرة أنصار التيار الصدري على مقر البرلمان في أجواء ساخنة تشهدها البلاد، بسبب أزمة فجرتها تسريبات منسوبة لرئيس الوزراء الأسبق، نوري المالكي ، والتب أعادت إلى الأذهان صورا من الصراع مع الصدر الذي امتد إلى عام 2008، وقال عنها محللون إنها أدخلت العلاقات بين الأطراف السياسية في طريق اللاعودة.

ومنذ صباح أمس السبت ، تجمع الآلاف من أنصار زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر عند جسر الجمهورية المؤدي إلى المنطقة الخضراء، حيث أزالوا الحواجز الإسمنتية على الجسر.

ونجح أنصار التيار الصدري في اقتحام المنطقة الخضراء ببغداد، احتجاجًا على الأوضاع السياسية الجارية ورفضًا لتسمية أحزاب "الإطار التنسيقي" محمد شياع السوداني، مرشحا لرئاسة الوزراء، وذلك قبل أن ينسحبوا سريعا، بعدما غرّد زعيم التيار، مقتدى الصدر بأن "رسالة المتظاهرين وصلت".

ومحمد شياع السوداني، رشّحه الإطار التنسيقي الموالي لطهران والذي يضم كتلاً شيعية أبرزها دولة القانون بزعامة رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي، وكتلة الفتح الممثلة لفصائل الحشد الشعبي، لمنصب رئيس الوزراء.

وأطلقت القوات الأمنية العراقية الغاز المسيل للدموع والمياه في محاولة لتفريق المتظاهرين وردعهم. وأفادت وزارة الصحة العراقية في بيان أن مؤسسات وزارة الصحة استقبلت 125 جريحاً، 100 منهم مدنيون و25 من رجال الأمن.

ووسط هذه التطورات أعلن رئيس البرلمان محمد الحلبوسي ، في بيان له أمس السبت تعليق عقد جلسات مجلس النواب حتى إشعار آخر، داعيًا "القائد العام للقوات المسلحة إلى اتخاذ التدابير اللازمة لحماية المؤسسات، وحماية المتظاهرين، الذين أدعوهم إلى الحفاظ على سلميتهم وحفظ ممتلكات الدولة".

دعوات للحوار والتهدئة

وإثر تسارع الأحداث، دعا رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي في بيان موجه إلى "القوات الأمنية"، لـ"حماية المتظاهرين... والمتظاهرين إلى التزام السلمية في حراكهم"، وقال في كلمة عبر التلفزيون: "لا بد أن تجلس الكتل السياسية وتتحاور وتتفاهم من أجل العراق والعراقيين ويجب الابتعاد عن لغة التخوين والإقصاء" ، داعياً الجميع الى التحلي بالهدوء والصبر والعقلانية وعدم الانجرار إلى التصادم"، مطالباً المواطنين إلى عدم الاصطدام مع القوى الأمنية واحترام مؤسسات الدولة".

من جانبه، دعا الرئيس العراقي، برهم صالح إلى عقد حوار وطني بين الفرقاء السياسيين وتغليب لغة العقل وتقديم المصلحة الوطنية، قائلاً: "الظرف الدقيق الذي يمر ببلدنا اليوم يستدعي من الجميع التزام التهدئة وتغليب لغة العقل والحوار وتقديم المصلحة الوطنية العليا فوق كل اعتبار، وحماية الوطن بسواعد كل أبنائه ليظل قويا ومنيعا وعصيا لا تفرقهم خلافات داخلية".

وأضاف: "لتدارك الأزمة الراهنة والحؤول دون أي تصعيد، نؤكد الحاجة المُلحّة لعقد حوار وطني صادق وحريص على مصلحة الوطن والمواطنين، هادف لضمان حماية أمن واستقرار البلد وطمأنة العراقيين، وترسيخ السلم الأهلي والاجتماعي وتحصين البلد أمام المتربصين لاستغلال الثغرات وإقحام العراقيين بصراعات جانبية".

وأشار إلى أن "الحوار المطلوب بين الفرقاء السياسيين يجب أن يبحث في جذور الأزمة التي شهدتها البلاد في الفترة الماضية، وإيجاد الحلول المطلوبة لتجاوزها والوصول بالبلد إلى بر الأمان والاستقرار، فالأوضاع العامة في البلد ومطالب شعبنا الصابر تضعنا جميعا على المحك، وتستدعي عملاً جادا نحو تصحيح المسارات ورفع الحيف والظلم ومحاربة الفساد، وترسيخ الدولة المقتدرة الحامية والخادمة لكل العراقيين، ولا خيار أمامنا سوى تحقيق ذلك".

ودعا رئيس "تحالف النصر" حيدر العبادي القوى السياسية إلى "اعتماد لغة الحوار وتغليب المصلحة الوطنية"، مشددًا ضرورة الحوار عارضاً التوسط لحل الأزمة. وأعلن استعداده العمل على تقريب وجهات النظر بين الأفرقاء من أجل الخروج من الأزمة.

كما طالب رئيس "تحالف السيادة" خميس الخنجر بـ"صياغة عقد وطني جديد في العراق، وبذل كل الجهود من أجل إيجاد حلول عاجلة لوقف التصعيد وتهدئة المواقف".

في حين دعا تحالف "العزم الوطني"، الذي يرأسه النائب مثنى السامرائي، القادة السياسيين إلى "إبعاد الصراعات السياسية عن القضاء، ووقف تجييش الشارع وعسكرة المجتمع".

من جانبه دعا عمار الحكيم، رئيس تحالف قوى الدولة الوطنية في العراق التيار الصدري وقوى الإطار التنسيقي للدخول في حوار مفتوح ومباشر لإنقاذ العراق من الوضع الحرج الذي يمر به حاليا، قائلاً: "الوضع العراقي الحرج الذي تمر به الساحة الداخلية اليوم يتطلب من الجميع تغليب لغة العقل والمنطق والحوار والتنازل للعراق وشعبه".

أما أهم دعوة للتهدئة، فكانت التي أطلقها رئيس إقليم كردستان العراق نيجيرفان بارزاني، اليوم الأحد، حيث الأطراف السياسية المختلفة إلى التزام منتهى ضبط النفس والانخراط في حوار مباشر من أجل حل المشكلات، مؤكدًا استعداد الإقليم لاستضافة حوار مباشر في مبادرة للتهدئة، قائلاً: "إقليم كردستان سيكون، كما هو دائماً، جزءاً من الحل، لذا ندعو الأطراف السياسية المعنية في العراق إلى القدوم إلى أربيل، عاصمتهم الثانية، والبدء بحوار مفتوح جامع للتوصل إلى تفاهم واتفاق قائمين على المصالح العليا للبلد، فلا توجد هناك مشكلة لا يمكن حلها بالحوار".

من جانبه نوه رئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني مسعود بارزاني ، إلى أنه لا توجد مشكلة تستعصي على الحل إذا توفرت الإدارة الحقيقية والنوايا الطيبة، معبرًا عن قلقه إزاء الأزمة الراهنة في العراق داعيًا إلى الشعور بالمسؤولية لإنهاء معاناة العراقيين.

وشدد في كلمة له أمس خلال استقبال رفاة ضحايا النظام السابق من البارزانيين على ضرورة التخلص من ثقافة رفض الآخر والتحول إلى ثقافة التسامح والتعايش والتآخي والمحبة .
 

المجتمع الدولي يعلق

وأعرب الاتحاد الأوروبي الأحد عن "قلقه" من استمرار الاحتجاجات و"تصعيدها المحتمل" في العاصمة العراقية، مطالبًا جميع الأطراف والقوى السياسية في البلاد بـ"ضبط النفس لمنع المزيد من العنف"، وحل القضايا من خلال حوار سياسي بناء ضمن الإطار الدستوري.

من جهته دعا متحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش الأطراف إلى "تهدئة الوضع"، داعيًا القوى السياسية على تجاوز خلافاتهم وتشكيل حكومة وطنية فاعلة "من خلال حوار سلمي وشامل دون مزيد من التأخير".

وقال المستشار الدبلوماسي لرئيس دولة الإمارات، في تغريدة له صباح اليوم الأحد، إن استقرار العراق هو استقرار للمنطقة وتعزيز لأمنها، مضيفًا: "ومن هذا المنطلق نتطلع إلى عراق مستقر ومزدهر وقادر على معالجة مسائله الداخلية عبر الحوار والتوافق ليستعيد دوره الرائد والحيوي على المستويين العربي والإقليمي".