أجاب الدكتور فتحي عثمان الفقي، عضو هيئة كبار العلماء في الأزهر الشريف، عن سؤال يقول صاحبه " ما حكم تقسيط الزكاة الواجبة ؟
ما حكم تقسيط الزكاة الواجبة
وقال عضو هيئة كبار العلماء، إن الزكاة هي : " اسم لقدر من المال مخصوص يخرج من قدر مخصوص يصرف لطائفة مخصوصة بشرائط مخصوصة " وهي واجبة بالكتاب والسنة وإجماع الأمة معلوم ذلك من الدين بالضرورة.
وتابع الفقي: لقد اختلف الفقهاء في وجوب إخراج الزكاة على الفور, فقال الشافعي والحنابلـة : تجب على الفور ولا يجوز تأخيرها مع القدرة على الإخراج الفوري، وقال أبو حنيفة : " له التاخير ما لم يطالب بها " وحجته في هذا : أن الأمر بأدائها في قوله تعالى : " وآتوا الزكاة " مطلق عن الزمن فلا يتعين الزمن الأول لأدائها دون غيره , كما لا يتعين مكان دون مكان .
كيفية إخراج الزكاة
واستدل من قال بالفورية مع القدرة بأن الأمر بأداء الزكاة وإن كان مطلقا إلا أنه يقتضي الفور ؛ ولأجل هذا يستحق المؤخر عن الامتثال العقاب إذا كان قادرا , حيث أخرج الله تعالى إبليس , وسخط عليه , ووبخه بامتناعه عن السجود.
ويستدل كذلك على الفورية بما أخرجه الإمام أحمد والبخاري بسندهما عن عقبة بن الحارث قال : صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم العصر فلما سلم قام سريعا فدخل على بعض نسائه ثم خرج , ورأى ما في وجوه القوم من تعاجبهم لسرعته , قال : " ذكرت وأنا في الصلاة تبرا - أي ذهبا – عندنا فكرهت أن يمسي أو يبيت عندنـــــــا فأمرت بقسمته " قال ابن بطال : فيه دليل على أن الخير ينبغي أن يبادر به , فإن الآفات تعرض , والموانع تمنـــــع , والمــــــوت لايؤمـــــــن والتسويف غير محمود .
واستشهد بما روى الشافعي والبخاري في التاريخ عن عائشة رصي الله عنها أن النبي صلى اللـــه عليه وسلم قـال " ما خالطت الصدقة مالا إلا أهلكته " رواه الحميــــدي وزاد فقال : " يكون عليك صدقة فلا تخرجها فيهلك الحرام الحلال " .
وذكر أن جواز التأخير ينافي الوجوب ؛ لكون الواجب : ما يعاقب على تركه , ولو جاز التأخير لجاز إلى غير نهاية , فتنتفي العقوبة بالترك , ثم إن الزكاة وجبت لحاجة الفقراء والحاجة ناجزة لتضررهم بالتاخير, فيجب أن يكون الوجوب ناجـزا , ولأنها عبادة تتكرر, فلم يجز تاخيرها إلى وقت وجوب مثلها كالصلاة , والصوم .
فأما إذا كان عليه مضرة في تعجيل الإخراج كأن لا يكون عنده نقد لإخراج زكاة عروض التجارة , فلا يكلف بيع العروض إذا كان في ذلك ضرر عليه , بل ينتظر حتى يوجد لديه نقد يخرجه في الزكاة ؛ لقول النبي صلى اللــــــــــه عليه وسلم : " لا ضرر ولا ضرار " ولأنه إذا جاز تأخير دين الآدمي لذلك فتأخير الزكاة أولى وإذا كان في التأخير هنا مراعاة لمصلحة المزكي فكذلك قد يكون في التأخير بتقسيط الزكاة على أقساط شهرية مصلحة للفقير , إذا ما قام المزكي بتعيين الفقير الذي سيعطيه إياه وإخباره بذلك , ويكون المزكي في هذه الحالة كالوكيل عن الفقير, ويقسط هذا المال عليه , أو يشتري به ما يحتاج إليه إذا كان للفقير مصلحة ظاهرة في ذلك , مع توصية ورثته بما يجب عليه , وبما بقي من غير توزيع حتى يقوموا بتوزيعه عند اللزوم , هذا وقد حدد مجلس مجمع الفقه الإسلامي المدة التي يجوز تأخير إخراج الزكاة فيها لمصلحة بمدة أقصاها سنة .